دخل صندوق “الخسائر والأضرار المناخية” حيز التنفيذ، بتمويل فعلي بلغ 700 مليون دولار فقط.
وتم الإعلان عن تعيين مدير تنفيذي للصندوق، وأقيم له مقراً رئيساً في العاصمة الفلبينية مانيلا، ليتحقق بذلك حلم البلدان النامية والمجتمعات الفقيرة، على مدار العقود الثلاثة الماضية، بحصولها على تعويضات لأضرار التغيرات المناخية التي تحملت العبء الأكبر منها، غير أن الهوة ما تزال شاسعة بين خسائر بالتريليونات وتعويضات بالملايين.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن الخبراء يعتبرون تلك الآلية، التي وافقت الدول على تأسيسها في قمة المناخ في شرم الشيخ COP27، بمنزلة القطب الثالث في الاستراتيجية العالمية لمواجهة التغير المناخي، إلى جانب “التخفيف” و”التكيف”.
وتنقل الصحيفة عن إبراهيما شيخ ديونج، الذي عُين مديراً تنفيذياً للصندوق، قوله إن الفكرة تركز على إنشاء آلية لـ”التضامن العالمي”، تقوم من خلالها البلدن الثرية، التي استفادت أيما استفادة من حرق الوقود الأحفوري، بمساعدة أولئك الذين تضرروا من تلك العواقب والتداعيات البيئية.
واعتبر ديونج، في بيان أصدره عقب تعيينه، أنها “لحظة محورية حينما تبرهن أزمة المناخ أنها تهديد وجودي على حياة البشر ومستويات معيشتهم، خصوصاً بالنسبة للمجتمعات الأكثر هشاشة في البلدان النامية”، متوقعا أن يحدث الصندوق “فرقاً جوهرياً لأولئك الذين أضيروا على نحو غير متناسب”.
السعودية تدشن منصة تداول الكربون لجذب التمويل المناخي
وترى الصحيفة البريطانية، أن الزخم الكبير الذي أحاط بالاتفاق الفعلي في قمة شرم الشيخ، التي عقدت في نوفمبر 2022، كان مثيراً ورائعاً من حيث المعايير الدبلوماسية العالمية. لكن ذلك الزخم لم يبدد مخاوف الدول الأكثر احتياجاً لمساعدات مكافحة تأثيرات التغير المناخي، ومن بينها الجزر الصغيرة والدول الأكثر هشاشة في العالم، خشية أن تنتظر سنوات حتى تصل إليها المساعدات.
وتصف هودان عثمان، رئيسة “بنك التنمية وإعادة التعمير” في الصومال، الوضع “بأنه صندوق أسود”، مبينة أن بلداناً مثل دولتها، يُنظر إليها على أنها عالية المخاطر، تجد نفسها في الغالب الأعم في نهاية الطابور حينما يحل وقت تمويل المناخ.
ومن المقرر أن توضع التعهدات الفعلية لتمويل الصندوق من فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى الإسهامات القليلة من الولايات المتحدة واليابان، في حساب تسوية خاص في البنك الدولي، بموجب ترتيب مؤقت.
ويتوقع أن تنطلق المنح الأولى للصندوق في أوائل عام 2025، حسب تقرير أصدره “صندوق هنريتش بول”، وهو مركز فكري ألماني غير هادف للربح.
غير أن مسؤولة بنك التنمية الصومالي قالت إن بلادها، اعتصرتها الصراعات على مدار 30 عاماً علاوة على موجات الجفاف التي تعرضت لها أربع مرات، على الأقل، عانت كثيراً من أجل الوصول إلى تمويلات المناخ التي كانت متاحة فعلياً آنذاك.
وقدرت أن دولتها، في القرن الأفريقي، تلقت حوالي 300 مليون دولار في صورة تمويلات ذات صلة بمكافحة تغيرات المناخ سنوياً، بما يعادل 0.6% من الاحتياجات التي قدرتها حكومة مقديشيو.
ولفتت عثمان إلى أنه على النقيض، فإن الصومال تلقت ما بين 2011 و2023 حوالي 1.1 مليار دولار في المتوسط سنوياً، في صورة مساعدات إنسانية.
معهد البترول الأمريكي يحث ترامب على التخلي عن سياسات بايدن المناخية
من جانبها، تعتبر ريتو بهارادواج، كبيرة الباحثين في “المعهد الدولي للبيئة والتنمية”، مؤسسة بحثية مستقلة، أن تأسيس الصندوق يمثل “نصراً معنوياً”، لكنها تعتقد أنه يفتقر إلى الموارد الكافية والآلية الضرورية لتأكيد أن التمويل سيذهب إلى من يحتاجونه فعلياً.
ولفتت إلى أن هناك “احتياجاً للتعاطي مع خسائر وأضرار تقدر بالتريليونات، بينما الصندوق قوامه بالملايين”، قائلة “إن هناك كثيراً من الأصفار مفقودة”.
يقول خبراء إن تمويل المناخ عادة ما يميل إلى التوجه إلى دول منخفضة المخاطر، أو تلك المكتظة بالسكان، مثل الصين والهند وإندونيسيا. وفي المقابل، لا يترك شيئاً في الغالب للبلدان الأكثر احتياجاً، وكثير منها ذات تعداد سكاني صغير ومؤسسات هزيلة.
على الجانب الآخر من المعادلة، يبرز المدافعون عن تمويلات “الخسائر والأضرار” المناخية، معتبرين أن الدول الثرية والفقيرة تقف، في نهاية المطاف، داخل سفينة واحدة.
وتنقل “فاينانشيال تايمز” عن وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، ترحيبه بفكرة “صندوق الخسائر والأضرار” المناخية للقيام بمهمة ترأس العمل من أجل مكافحة موجات المناخ المسببة للفقر والعنف.
وحذر وزير خارجية جيبوتي، وهي دولة أخرى ضمن بلدان القرن الأفريقي، البلدان الثرية من أنها “إذا لم تتعاط مع مسببات الهجرة- وأحدها التغير المناخي- فستظل تستقبل الآلاف من الشباب الساعين للبحث عن فرصة لهم”، مؤكداً أن الإخفاق في معالجة الأسباب المتجذرة لموجات الهجرة الكثيفة فإن ذلك يُعد “اقتصاداً زائفاً”.