مصر من أولى الدول المؤسسة لكل من صندوق النقد والبنك الدولى.. ولدينا تاريخ طويل من التعامل مع المؤسستين الدوليتين، باعتبار الأول “بيت خبرة” دولى فى الشئون الاقتصادية خاصة فى مجال السياسات النقدية والمالية، والثانى “بنك” عالمى مهمته تمويل الدول المتعثرة التى تحتاج لتمويل قد لا يتاح لها على المستوى المحلى أو الإقليمى.
كما أن الصندوق لا يتقاضى مقابلا على ما يقدمه من استشارات ومساعدات فنية وبناء على طلب الدولة المعنية، وكذلك البنك يقدم قروضا ميسرة على آجال طويل وبفائدة بسيطة نسبيا ولمشروعات محددة من قبل الدولة طالبة الاقتراض والمساعدة.
والكل يعلم أننا تعاونا مع صندوق النقد الدولى فى فترة التسعينيات فيما سمى ببرنامج “التثبيت” الاقتصادى وما تلى ذلك من تطوير نظامى الضرائب والجمارك وغيرهما من أدوات السياستين المالية والنقدية.
وأيضا حصلنا من البنك الدولى على قروض متعددة فى مجالات البنية الأساسية مثل الطرق والكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى.. وكذلك التعليم والصحة وهناك المئات من المشروعات التى مازال البنك يمولها فى مختلف محافظات الجمهورية.
وبالطبع لم تكن مصر وحدها التى فعلت ذلك، وإنما كل الدول الأعضاء فى المؤسستين الدوليتين حرصت على الاستفادة من خدماتهما.. وإلا فما معنى أن أكون عضوا فى مؤسسة ومساهما فى رأسمالها ولا أستفيد مما تقدمه من خدمات أو قروض ميسرة .
ومن ثم لم أفهم ومعى غيرى كثيرون ما تردد من رفض بعض أعضاء البرلمان للقرض الجديد من البنك الدولى والبالغ 3.2 مليار دولار بحجة أن الفائدة عليه ثابتة وهى شكل من أشكال الربا!
ومدى علمى أن البنك الدولى لم يتحول إلى مراب فى السنوات الأخيرة، وإنما هو ذات البنك الذى مولنا من قبل.. وموّل غيرنا من الدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول المختلفة فى كل أنحاء العالم.
ثم لماذا نقترض من البنك الدولى؟.. لأننا ببساطة نمر بظروف طارئة نعانى فيها من تدنى الأداء الاقتصادى، فضلا عن عجز مزمن فى الموازنة العامة، وتراجع فى احتياطى البلاد من النقد الأجنبى، وغياب الاستثمارات الخارجية.. بل انتظار الاستثمارات المحلية لاستقرار البلاد سياسيا وأمنيا.. ناهيك عن عدم قدرتنا على توفير التمويل المطلوب من السوق المحلى أو من الدول الشقيقة والصديقة.
والأهم من كل ذلك ماذا سنفعل بهذه القروض؟.. لا جدال أننا سنستخدمها للارتفاع بمستوى حياة المواطنين الذين يعانون الأمرين فى الحصول على متطلبات الحياة الضرورية، ومنها كوب ماء نظيف ومسكن آدمى.. بخاصة قاطنى العشوائيات.
وختاما.. أليست الضرورات تبيح المحظورات؟.. وهل هناك ضرورات أهم من توفير حياة كريمة للمصريين؟..
بقلم : محمد نـجم