تجلس البنوك المركزية فى دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة واليابان على أكوام من الديون الحكومية المحلية نتيجة برامج «التيسير الكمى»، عندما ضخت البنوك المركزية أموالا لشراء سندات من السوق الثانوية.
وبينما ينتظر القليلون عودة الأسواق إلى طبيعتها بفارغ الصبر، بدأ البعض فى مناقشة فكرة إلغاء الحكومات والبنوك المركزية كل أو جزء من الديون لتخفيض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى وتكاليف خدمة الدين.
وربما تطور هذا الجدل فى بريطانيا أكثر من غيرها منذ أن أعلن جيم ليفيز، رئيس قسم الدخل الثابت فى شركة “M & G” للاستثمارات. إن هذا الإلغاء سوف يقلل نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى فى بريطانيا من 63% إلى 41%، ويخفض تكاليف خدمة الدين السنوية من 50 مليار جنيه استرلينى إلى 32 مليارا، ويقوى الماليات العامة للحكومة، ويحرك موجة من الاستثمارات فى البنية التحتية.
وأضاف ليفيز، أن البعض يخشى من فكرة إلغاء الدين حيث إنه سوف يؤدى حتما إلى ارتفاع التضخم فى مرحلة ما، أن البنوك المركزية قادرة على التعامل مع ذلك بالسياسات النقدية التقليدية.
لاقت الفكرة تأييدا من آخرين فى القطاع المالي، وصرح كريس باوي، رئيس محفظة الائتمان فى شركة “إجنيس” لإدارة الأصول، لجريدة «الفاينانشال تايمز» أن الفكرة تبدو جيدة مبدئيا، ونسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى سوف تكون أفضل بكثير وهو ما يعنى انخفاض الضرائب، مضيفاً أن هذه الخطوة سوف تقلل خيارات البنك المركزى أمام ارتفاع التضخم وسوف تضع مصداقيته على المحك.
يرى روبين كريسويل، مدير فى شركة “بايدن آند بيجل” الاستثمارية، أن الفكرة تستحق الاحترام، خاصة أن تخفيض الدين قد يساعد بريطانيا على استعادة تصنيفها الائتمانى «تريبل A».
ومع ذلك هناك البعض غير مقتنع بالفكرة، ويقول تورجير هوين، مدير محفظة فى شركة “سكاجين” النرويجية، إن الإلغاء سوف يؤدى مباشرة إلى مسح السندات من ميزانية البنك، ولن يحقق ذلك الكثير نظرا لأن الاحتياطيات التى أنفقت فى شراء هذه السندات سوف تظل فى الميزانية.
وأضاف أن برامج «التيسير الكمى» – كما تًطبق فى بريطانيا – هى عبارة عن تغيير مدة دين القطاع العام، وهذه نقطة يغفل عنها الكثيرون، فالأمر يشبه إصدار الخزانة لأذون قصيرة الأجل وشراؤها فى المقابل سندات طويلة الأجل.
أكد أن أى تراجع فى نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى نتيجة إلغاء الدين لن يكون له أى تأثير على المالية العامة.
ووصف مايك ايمي، مدير محفظة فى “بيمكو”، الفكرة بالسيئة خاصة أن هذه الأموال سوف تبقى فى النظام المالى بينما تتبخر السندات، وبالتالى فإنها بمثابة إحلال أوراق مالية طويلة المدى بقيمة 325 مليار جنيه استرلينى بأورواق مالية قصيرة الأجل وهى الاحتياطيات البنكية التى يحتفظ بها البنك إلزاميا مقابل الديون أو السندات.
أشار إلى أن حرمان البنك من حقه فى بيع السندات فى الوقت الذى يراه مناسبا، سوف يجعل البنك تابعا للخزانة ويقلل استقلاله، وسيؤدى إلى ضعف شديد فى قيمة الجنيه الاسترلينى وسيدفع التضخم للارتفاع وبالتالى تتلاشى ميزة انخفاض تكاليف خدمة الدين.
اعداد – رحمة عبد العزيز