اعتاد الخبراء أن يصنفوا سندات الأسواق الناشئة على مر التاريخ ضمن الأصول الخطرة، ولكن تراجع الجدارة الائتمانية للعديد من الحكومات الغربية ادى إلى زيادة التوجه إلى سندات الدول النامية ذات العائدات الأعلى.
أدت المليارات التى يصبها المستثمرون فى ديون الدول الناشئة إلى تضييق الفجوة بين تكاليف اقتراض العالم الناشئ والمتقدم بشكل ملحوظ فى السنوات الأخيرة.
يوفر الطلب على السندات السيولة فى الأسواق ويساهم فى تخفيض أسعار الفائدة التى تقترض بها الدول، وبالتالى أدى الطلب على سندات الاقتصادات الصاعدة إلى اقتراب تكاليف اقتراضها من الدول المتقدمة، ومع ذلك لم تكن وكالات التصنيف الائتمانى سريعة الملاحظة لهذا المتغير فى نسبة المخاطر، وتشتكى الدول الناشئة من عدم تصنيفها بشكل عادل فى ظل هذا الإقبال على أسواقها، ومازالت الدولة الغربية المثقلة بالديون ذات تصنيفات ائتمانية أفضل من نظرائها الناشئة التى تعانى – عادة – من ديون أقل.
وأخذت هذه الفجوة فى التقلص مع رفع موديز لتصنيف الدول الناشئة التى يشملها مؤشر «جى بى مورجان» لسندات الأسواق الناشئة بحوالى درجة واحدة إلى «Baa3» منذ 2007، ومنذ ذلك الحين تراجع تصنيف الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ثلاث درجات إلى «A1»، طبقا لحسابات محللين فى وكالة موديز.
وأوضح بارت أوسترفيلد، مدير التصنيفات السيادية بـ«موديز»، فى تقرير لجريدة «الفاينانشيال تايمز» أن الأسواق الناشئة فى السنوات الأخيرة كانت تتجنب بشكل عام ما يزيد من مخاطرها، وكانت تعتمد على الاقتراض من السوق المحلى بقدر أكبر ويديرون اقتصاداتهم بشكل جيد.
ويرى العديد من المستثمرين والمحللين وحتى صناع السياسة والتنفيذيين فى الأسواق الناشئة، أن الفجوة التصنيفية مازالت واسعة جدا نظراً للتباين الحاد بين مبادئ التصنيف القوية نسبيا وبين اجتماع المديونية العالية والنمو الضعيف فى الغرب.
تقترض الفلبين – على سبيل المثال – بنفس أسعار اقتراض إسبانيا، رغم أن الدولة الآسيوية مصنفة من قبل موديز عند «Ba2» ومن قبل ستاندرد آند بورز عند “BB+”، بينما تصنف إسبانيا رغم مشاكلها عند «A3» و«BBB+» من قبل الوكالتين على التوالي.
صرح وزير المالية الفلبينى، سيزار بيوريسيما، لجريدة «الفاينانشيال تايمز» بأن رؤية مآسى الدول الأخرى لا تسعده ولكنه يحب أن يرى توافقا بين التصنيف الحقيقى للسوق ووكالات التصنيف.
وأضاف إن الفلبين يجب أن ترتفع إلى درجة استثمارية نظرا للتحسينات التى أدخلتها على الاقتصاد والمالية العامة.
ويتفق المستثمرون مع الوزير الفلبينى فطبقا لوكالة موديز، فإن عائدات السندات السيادية الفليبينية وتكلفة التأمين ضد التعثر تشير إلى أن الدولة يجب رفع تصنيفها ثلاث درجات أعلى عند “Baa2” أو درجة استثمارية.
ويقول صناع السياسة فى الدول النامية، إن هناك تحيزاً واضحاً فى وكالات التصنيف ضد الدول ذات النماذج السياسية غير المعتادة فى الدول الغربية.
ويرى أحد كبار المصرفيين فى بنك آسيوى، أن هناك تميزاً بالفعل فى التصنيف، فوكالات التصنيف الغربية لا تفهم هذه الدول.
وانكر المدراء التنفيذيون فى وكالات التصنيف هذه الإدعاءات، ونفوا أن يكون هناك أى تحيز ضد الأسواق الناشئة، وأشاروا إلى أن أكثر المقاييس المالية شيوعا مثل نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى ليست بالضرورة أفضل مؤشر على الجدارة الائتمانية.
وقال مايكل ريدل، مدير صندوق فى «M&G»، إن نسبة دين الأسواق الناشئة إلى إجمالى الناتج المحلى منخفضة ونمو اقتصادى قوى وتتميز بتوزيعات سكانية ممتازة، ولكن آيرلندا – أيضاً – لديها كل هذه المميزات، ومع ذلك خفض تصنيفها، وأن الأسواق الناشئة لاتزال ملاذات غير آمنة بل هى من ضمن فئات الأصول الخطرة.