صيف القاهرة ساخن فى العادة، والصراع السياسى الدائر فيها على أشده جعله أكثر سخونة، للدرجة التى لم تعد معها البنوك الأجنبية العاملة بالسوق قادرة على احتماله.
وقرر عدد من هذه البنوك خفض تكاليف التشغيل، للمحافظة على مستويات الربحية، أو حتى التفكير فى الخروج من السوق لدعم المراكز الرئيسية لها.
وقام سيتى بنك بغلق اثنين من أهم فروعه مؤخراً، وهما فرعا التجمع الخامس فى القاهرة وسموحة بالإسكندرية.
وقالت لميس نجم نائب رئيس البنك لـ «البورصة»: إن البنك قرر إغلاق الفرعين ضمن سياسته لضغط التكلفة، نظراً لأنهما الأعلى إيجارية من بين فروع البنك فى مصر.
ولدى «سيتى» 9 أفرع فقط فى السوق، مما يجعله من أقل البنوك العاملة فى مصر انتشاراً.
وقالت نجم إن البنك يعتزم خفض جميع التكاليف الممكنة شرط عدم المساس بالأجور، وقام بنقل موظفى الفرعين إلى فروع أخرى ولم يتخل عن أى منهم.
أضافت أن أسباب غلق الفرعين محلية بالدرجة الأولى نتيجة عدم وضوح الرؤية، واستمرار حالة عدم الاستقرار طيلة هذه الفترة، وتوقعت أن تسلك البنوك الأجنبية الأخرى العاملة فى مصر نفس الاتجاه.
يأتى هذا فى نفس الوقت الذى أغلق فيه بنك باركليز 6 من فروعه البالغ عددها 60 فرعاً.
وقالت متحدثة باسم البنك لـ «البورصة»: إن «باركليز» يجرى عملية هيكلة للتوزيع الجغرافى لفروع البنك ويعيد ترتيب مواقع الفروع نافية أن يكون ذلك ضمن خطة أوسع لتقليص تواجد باركليز فى مصر.
وتتردد أنباء عن اعتزام بنك بي. ان. بى باريبا بيع وحدته فى مصر لتعزيز موقفه المالى فى فرنسا باعتباره أحد أكبر حاملى سندات مشكوك فى تحصيلها فى أوروبا.
ولم يصدر نفى رسمى من جانب البنك لهذه الأنباء.
اما كريدى أجريكول الذى يعانى فى فرنسا أيضاً من وطأة الأزمة الاوروبية، فيشتكى عاملون فيه من رفع مستوى الأهداف المطلوب منهم تحقيقها.
وقالت موظفة فى البنك إن الإداراة رفعت المستهدفات التى يتعين على كل موظف تحقيقها بالرغم من صعوبة تسويق المنتجات فى الوقت الحالي، ولم يقابل ذلك زيادة مماثلة فى الأجور.
وأضافت لـ«البورصة» ان هناك اعتقاداً بين الموظفين بأن هذه السياسة تأتى فى إطار ضغوط من جانب إدارة البنك، إلا أن العضو المنتدب الجديد للبنك فرانسوادريون قال الشهر الماضى إن عدد موظفى البنك لم يقل بعد الثورة وانهم مازالوا يحافظون على العدد نفسه تقريباً فى حدود ألفى موظفى يعملون فى أكثر من 70 فرعاً.
وتشير تحليلات إلى ان الأزمات التى تواجهها البنوك الأوروبية بسبب الديون السيادية وتداعياتها على النظام المالى الأوروبى ستترك آثارها فى فروع هذه البنوك العاملة فى مصر.
وتعمل فى مصر ثلاثة بنوك مملوكة لبنوك أوروبية تقع فى قلب الأزمة الأوروبية وهى بيريوس والأهلى اليونانى فى اليونان وانتيساسان باولو فى ايطاليا ويخضع «بيريوس ـ مصر» لعمليات فحص متتالية من عدة بنوك عربية وتركية وصينية ترغب فى شرائه ويعتزم البنك التخلص من وحدته المصرية لدعم مركزه المالى المهتز فى اليونان على خلفية أزمة الديون السيادية هناك.
من جانبه، قال مسئول بالبنك المركزى إن البنوك الأجنبية تواجه صعوبات بسبب أزمة ديون الدول الاوروبية وفضلت الانكماش بمصر نتيجة تراجع ارباحها بسبب الأحداث السياسية.
ورفض الربط بين اتجاه البنوك الأجنبية لبيع وحداتها فى مصر وقال أنه ليس له علاقة بما يجرى فى السوق المحلى بقدر ارتباطه بالأوضاع الاقتصادية التى تشهدها الدول الاوروبية وعدم رغبتها فى تحمل خسائر اضافية بالدول التى تناضل لأجل تأسيس جمهوريات ديمقراطية.
وأكد المصدر ان الاقتصاد المصرى سيكون جاذبا للمستثمرين فور استقرار الأوضاع السياسية والبدء فى إصلاحات اقتصادية شاملة.