التعامل في الجهاز المصرفي يسير بشكل طبيعي وهادئ أمس, وان كانت حالة الترقب ذاتها التي تلازم الاقتصاديين ودوائر الاستثمار تجاه تطورات الموقف والمشهد السياسي في مصر هي ذاتها منذ بداية الثورة وحتي مساء أمس.
لم تفلح النتائج الأولية التي تم اعلانها في تخفيف حالة الترقب, وعلي حد وصف الاقتصادي المعروف الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق, فإن الصورة لم تتضح بعد, وبالتالي فإن توجهات السياسة الاقتصادية لايمكن قراءتها بشكل واضح, حتي مع النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية.
ويؤكد انه حتي تتضح الرؤية بشكل أكثر وضوحا وتكتمل الصورة من خلال تحديد شكل النظام السياسي وتوجهاته فليس من السهل علي الاقتصاديين أو دوائر الاستثمار أن تكون رأيا قاطعا تجاه توقعاتها للسوق المصرية.
ويضيف ان العالم كله بما فيها دوائر الاستثمار والمال في انتظار ماتسفر عنه الصورة النهائية لنتائج انتخابات الرئاسة.
ولكن الببلاوي رغم تحفظه للإجابة عن انعكاسات المشهد السياسي الراهن بعد الاعلان الدستوري علي الأداء الاقتصادي, حدد أهم الصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري التي تتطلب تعاملا فوريا من جانب الرئيس القادم والحكومة الجديدة, وفي مقدمتها مواجهة الخلل في التوازن النقدي والمالي الذي يعاني منه الاقتصاد, والمتمثل في العجز الكبير في الموازنة العامة والذي يزيد ولايقل إلي جانب ايجاد حل سريع للضغط الكبير علي موارد النقد الأجنبي بعد تآكل الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي إلي هذا الحد.
ويعتبر الببلاوي ان ثمة اجماع علي ضرورة التعامل مع المشكلتين بشكل فوري وان هناك اجماع علي ذلك, مشيرا إلي أن التحسن في الاحتياطي الأجنبي خلال الشهرين الماضيين يجب ان يخضع للبحث وعما إذا كان ناتج عن تحسن حقيقي في أداء الاقتصاد المصري أم بسبب ظروف عابرة, وبالتالي فإن الأمر لايزال يحتاج إلي معالجة مجيدة لهذه المشكلة لأن تأكل الاحتياطي الأجنبي إلي جانب عجز الموازنة العامة يمثلان عبء شديد علي الاقتصاد المصري.
وإذا كان الاقتصادي العالمي جوزيف ستيجليتز الحائز علي جائزة نوبل قد نصح منذ الأشهر الأولي لثورة25 يناير بضرورة تلاشي تداعيات التطورات السياسية والتي قد تطول فتراتها علي الاقتصاد, والا يتم تأجيل السيا سات الاقتصادية المناسبة انتظارا لما تسفر عنه مرحلة التحول السياسي فإنه يبدو أن هذا ماحدث بكل تداعياته فلايزال المشهد السياسي يلقي بظلاله كاملة علي الاقتصاد المصري, فحالة الارتباك تهيمن علي القرار الاقتصادي وأكبر دليل علي ذلك هو تأجيل توقيع الأتفاق مع صندوق النقد الدولي منذ3 أشهر بسبب رفض مجلس الشعب المنحل.
وفي هذا الاطار يري الدكتور محمود عبد الفضيل استاذ الاقتصاد المعروف بجامعة القاهرة, انه من الصعب قراءة تداعيات المشهد السياسي علي الاداء الاقتصادي, لأن الأمور لم تتضح بما فيها ترتيب السلطة, وأن عناصر السوق ربما تنظر ليس فقط لاعلان النتائج النهائية لانتخابات الرئاسة, ولكن ايضا مع بداية الشهر وموعد تسليم السلطة.
يتزامن ذلك مع إعلان البنك المركزي المصري برئاسة الدكتور فاروق العقدة حدوث تحسن في الاداء الاقتصادي خلال الربع الثالث للعام الحالي2012/2011 حيث أرتفع الناتج المحلي الإجمالي إلي5.2% مقارنة بمعدل نمو متواضع في الربع الأول والثاني بنحو0.35% وان كان تقرير البنك المركزي أرجع هذا التحسن إلي تراجع معدل النمو في الربع المماثل من العام المالي السابق2011/2010 علي خلفية التداعيات المباشرة لثورة25 يناير.
ورصد تقرير البنك ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي إلي1.8% خلال الأشهر الـ9 الأول من العام المالي2012/2011 بفضل التحسن الطفيف في قطاع التشييد والبناء.
المصدر – الأهرام اليومي