بقلم: رولا خلف
تعهدت مجموعة الدول الصناعية الكبرى الثماني، خلال قمة دوفيل بفرنسا فى مايو 2011، بمنح ما يقرب من 40 مليار دولار من المساعدات لمصر وتونس، مع مضاعفة المبلغ بمجرد اضافة المغرب والاردن إلى القائمة، وكان الهدف من تلك المساعدات هو دعم التغيير التاريخى الذى شهده العالم العربى والحيلولة دون تعثر تلك المرحلة الانتقالية الديمقراطية الحساسة بسبب الاخفاق الاقتصادى.
إلا ان تلك الدول العربية انتابها خيبة أمل كبيرة اذ تلقت مبلغا اقل بكثير مما كان متوقعاً، وكان اكثرهم احباطا مصر التى تلقت العام الماضى نحو نصف المبلغ المتوقع، ومن المفترض ان تكون هذه المساعدات عبارة عن مزيج من المساعدات الثنائية ودعم من قبل مؤسسات متعددة الاطراف وضخ نقدى من دول الخليج الغنية بالبترول والتى كان من المفترض ان تتحمل نحو ثلث اجمالى تلك الالتزامات المالية، ولكن ما يزيد على 18 ملياراً هو الذى صرف – فقط – بالاضافة إلى بعض المساعدات التى تعهدت بها حتى قبل قمة دوفيل، وذلك وفقا للابحاث التى أجراها بنك باركليز.
الامر الذى يثير الدهشة ايضا حيال تلك الارقام هو حصول الاردن على 4.9 مليار دولار بينما حصلت مصر على 5.9 مليار دولار ومعظمها من خلال التمويل الثنائى مع العلم بأن الاقتصاد المصرى يعادل اكثر عشر مرات من اقتصاد الاردن، وفى الوقت الذى تبهر فيه الثورة المصرية العالم العربي، تتحرك الاردن خطوة واحدة إلى الامام وخطوتين إلى الوراء فيما بتعلق بالإصلاحات السياسية التى تعهدت بها.
ومن المؤكد ان المرحلة الانتقالية الفوضوية التى مرت بها مصر لعبت دوراً كبيراً فى تأجيل تلك المساعدات، ومع انتخاب الرئيس الاسلامي، محمد مرسي، من المتوقع ان يتخذ صندوق النقد الدولى خطوات عملية حيال القرض الذى كان سيمنحه لمصر ويقدر بنحو 3.2 مليار دولار، كما ان صفقة صندوق النقد الدولى سوف تسهل الاتفاقات الاخرى مع المؤسسات متعددة الاطراف.
ومن الممكن ان يحصل الاقتصاد المصرى المتعثر، الذى تقلص احتياطه الاجنبى إلى مستويات تنذر بالقلق، على تعزيزات مالية اكثر سخاء من قبل دول الخليج الغنية بالبترول، ووفقا لاحصائيات بنك باركليز، اعطت دول الخليج مصر حوالى 3 مليارات دولار فقط منذ بداية العام الماضي، ونحو 2 مليار دولار جاءت من المملكة العربية السعودية نصفها مودع بالبنك المركزي.
وبينما تقول الدول البترولية انها فى انتظار استقرار سياسى وبرنامج اصلاحى جيد قبل منح دول الربيع العربى مزيدا من المساعدات المالية، يقول خبراء الاقتصاد بالمنطقة ان التبرعات الصغيرة نسبيا من قبل دول الخليج تعكس مدى الدور الذى تمليه السياسة على المساعدات الخليجية.
والدولة العربية التى تقوم حقا بخطوات عملية هى المملكة العربية السعودية، وعلى سبيل المثال استقبلت الرياض الدكتور محمد مرسي، الرئيس المصري، الاسبوع الماضى وتعد بذلك السعودية اول دولة تستقبل الرئيس المصرى رغم ان نظامها لا يكن اى حب للاسلاميين، وبقدر اهتمام دول الخليج بما يجرى بدول الربيع العربى الا انها ترى ان الممالك مثل الاردن تعد حلفاء اكثر استحقاقا بالاستثمار.
وبغض النظر عن ان الاصلاحات فى الاردن عبارة عن كلام اكثر منه فعل، حيث اكد التقرير الذى اصدره المجلس الاوروبى للعلاقات الخارجية فى ابريل الماضى على ذلك، وأكد أنه رغم وعود الملك عبدالله، ملك الاردن، فى اوائل عام 2011 بالقيام بإصلاحات سياسية سريعة الا انه قاوم اى تغيير حقيقى لتخفيف قبضته المطلقة على السلطة، لذلك فإن استقرار النظام الملكى وليس التغيير السياسى اللازم هو الذى جعل الأردن أكبر متلق مساعدات الخليجية.
اعداد: رنا علام
المصدر: فاينانشيال تايمز