بقلم: ستيفين ميلر
منذ أن تولى مرسى الرئاسة المصرية الشهر الماضى واستقال من جماعة الاخوان المسلمين وهو يعمل جاهداً على تخفيف حدة التوترات مع دول الخليج الملتهبة، حيث حذر قائد شرطة دبى منذ شهر مارس الماضى قادة الخليج من أن خلية الاخوان المسلمين تسعى لاثارة الشارع ضدهم، رغم ذلك فان تحدى مرسى الحقيقى هو طمأنة المملكة العربية السعودية التى يبدو التوتر واضحا عليها منذ ان فقدت حليفها الرئيسى فى المنطقة، حسنى مبارك، الذى أطيح به فى ثورة الشعب المصري، وفى اطار محاولة مرسى لضمان المساعدات السعودية، تعهد بعدم تصدير الثورة المصرية واصفا أمن دول الخليج بأنه “خط أحمر” لا يجوز تخطيه، وكانت المملكة العربية السعودية أول دولة يزورها فى الخليج الاسبوع الماضي.
ويبدو ان مبادرات مرسى حتى الان هدأت من روع السعوديين الذين استمروا فى ارسال الدعم المالى إلى مصر، ورغم أن هناك أوجه تشابه بين ايديولوجية الاخوان المسلمين والحركة الوهابية بالمملكة العربية السعودية، فكلاهما سنى المذهب ويتحليان بالحماسة الدينية ومنتقدين للنفوذ الغربى فى الدول الاسلامية، الا ان السعوديين يفضلون النظام السابق فى مصر.
ومع وصول مسلم سنى إلى السلطة فى مصر من خلال انتخابات ديمقراطية، فان ذلك يعنى ان مرسى يتحدى النظام الاستبدادى الذى يقاتل من اجله الحكام السعوديين بضراوة، ولكن قبل انتخاب مرسى بفترة طويلة كان السعوديون قلقون من ان يستغل شيعة ايران المرحلة الانتقالية بمصر، وقد تعمق هذا التوتر فبراير الماضى عندما سمحت مصر بمرور السفن الايرانية عبر قناة السويس، ذلك الاجراء الذى كان محظورا فى ظل نظام مبارك، بالاضافة إلى ذلك اعلن مرسى مايو الماضى عبر احدى لقاءاته التليفزيونية انه يأمل فى اقامة علاقات مع طهران، ولكنه كان حريصا على عدم تحديد نوع تلك العلاقة التى يريدها، وأكد ان هذه العلاقة لن تأتى على حساب أمن دول الخليج.
وردا على هذه المخاوف المتنامية، فعلت السعودية بما تقوم به دائما وهو الالقاء بعائدات البترول فى وسط المشكلة حيث منحت القاهرة 1.5 مليار دولار لدعم ميزانية الدولة، وجاء فى تقرير صحيفة «فاينانشيال تايمز» ان الحكومة المصرية تتوقع عجزا للموازنة العام الجارى بحوالى 7.6%، كما تقوم المملكة السعودية ايضا بتمويل اكثر من 2300 مشروع فى مصر وأنفقت على عدد من الاستثمارات ما يتراوح بين 12 و27 مليار دولار وغيرها من المساعدات المادية.
الا ان كل هذه الاجراءات الحسنة النية قد توقفت اثر المشاحنة التى وقعت بين البلدين بعد ان ألقت السعودية القبض على محام مصرى يدعى احمد الجيزاوى بتهمة تهريب المخدرات، وهو ما أثار احتجاجات واسعة النطاق بالقرب من السفارة السعودية بالقاهرة، وردا على ذلك أجلت الرياض المفاوضات بشأن منح مصر حزمة مساعدات بنحو 2,7 مليار دولار وأغلقت سفارتها وقنصليتها واستدعت سفيرها.
كما ان العلاقة بين الاخوان المسلمين والسعودية كانت دائما مضطربة، وكل ذلك يقع على عاتق مرسى وهو ما دفعه إلى أن يسير على خط رفيع فى علاقاته مع المملكة، فالسعوديون قلقون من مرجعيته الاسلامية ولكنهم فى نفس الوقت يريدون احباط الطموحات الايرانية فى العالم العربي، لذلك فان هدف السعوديين الرئيسى جذب مصر الجديدة إلى محيط نفوذهم.
ومن حسن حظهم ان مرسى فى حاجة إلى الاموال السعودية من اجل اصلاح الاقتصاد المصرى وليس أمامه اى اختيار سوى قبول الشروط التى تتوافق معها، فالسعودية، بخلاف إيران، تستطيع بيع بترولها كيف تشاء، ومرسى حتى الآن يسير كما يرغبون.
إعداد: ماهر حمود
المصدر: فورين بوليسى