بقلم: مصطفى بيومى
لن تستقيم الأمور فى مصر، وتبدأ مرحلة الاستقرار أو الاقتراب من الاستقرار، إلا بتشكيل حكومة قوية ذات برنامج محدد وصلاحيات واضحة، وتحظى بقدر مقبول من التأييد الشعبى، الذى لا يمكن أن يكون كاملاً.
الدكتور هشام قنديل، وزير الرى فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى، هو من وقع عليه اختيار الدكتور محمد مرسى لتشكيل الحكومة المأمولة التى طال انتظارها، وبمجرد تكليفه تعالت الأصوات الرافضة، فهو عند طائفة من المعترضين ليس بالشخصية الوطنية التوافقية ذات التاريخ والثقل، وعند طائفة أخرى لم يحقق نجاحاً ملموساً فى وزارة الرى، فكيف ننتظر منه إنجازاً فى المنصب الأعلى؟، وثمة فريق ثالث يرفض الدكتور قنديل على اعتبار أنه من الإخوان المسلمين أو – على الأقل – من المحسوبين عليهم والمتعاطفين معهم.
لا توجد فى مصر الآن شخصية واحدة يمكن أن تنجو من سهام النقد والتجريح، فالمجتمع يمر بمرحلة من الانفلات غير المسبوق فى الحراك السياسى والاجتماعى، وإذا كان رئيس الجمهورية قد وصل إلى منصبه بما يزيد قليلاً على نصف أصوات الناخبين، فكيف ننتظر رئيساً للوزراء ينال الإجماع أو ما يشبه الإجماع؟!.
كل ما يُقال عن الدكتور قنديل بعيد عن الدقة والموضوعية، فلا أحد يعرف معنى أن يكون المرء شخصية وطنية توافقية ذات تاريخ، أما عن الفشل فى وزارة الرى فلا ينهض دليلاً على حتمية الفشل، ففى ظل الاضطراب الذى نعيشه لا يبدو المناخ مواتياً للنجاح والإنجاز، وبالنسبة لما يُقال عن الانتماء للإخوان أو التعاطف معهم، فليس فيه ما يعيب، وعلينا أن ننتظر ما يقدمه الرجل ثم نحكم عليه.
الحكومة القادمة، دون نظر إلى اسم رئيسها، لن تحقق المعجزات، والمأمول فحسب أن تقترب بنا من مرحلة الاستقرار النسبى، وأن تشرع فى فتح الملفات الشائكة المعقدة التى تنغص وتفسد الحياة اليومية للمواطن العادى البسيط، الذى يزداد اقتناعاً كل يوم بأن الحياة ليست سياسة خالصة ولا يمكن أن تكون، فالأهمية الحقيقية أن يسود الأمن فى الشارع، وينتظم المرور، ويتوافر رغيف الخبز وأنبوبة الغاز، ونعود إلى العمل والإنتاج، وتتحسن الخدمات التعليمية والصحية، ونبدأ فى اقتحام جاد لقضايا البطالة والعشوائيات وأكوام القمامة التى تمتلئ بها الشوارع.
رئيس الوزراء، سواء كان الدكتور هشام قنديل أو غيره، لا يملك العصا السحرية التى تحقق الخوارق المستحيلة، والتعثر الطويل فى تشكيل الوزارة دليل على أن الأمور معقدة ولا تبشر بالخير وبداية المصالحة، فالسائد فى حياتنا الآن هو التربص والبحث عن أخطاء الخصوم السياسيين، وإذا كنا نراود الديمقراطية الحقيقية فلابد أن نمنح الفرصة لمن حازوا على الأغلبية، ثم نحاسبهم ونستبدلهم إذا لم يُوفقوا فى أداء مهامهم.
الإخوان المسلمون متهمون بتغليب مصلحة الحزب والجماعة على مصلحة الوطن، وأعداء الإخوان أيضاً متورطون فى تقديم كراهيتهم للإخوان على مصلحة الوطن والمواطنين، ولا نجاة من هذا المأزق إلا بالشروع فى العمل والتوقف عن السفسطة السياسية وترديد الشعارات التى لا تعنى شيئاً، إلا صناعة المزيد من التوتر والارتباك.