تتجه توقعات النمو الاقتصادي العالمي إلى مزيد من التباطؤ بسبب الصعوبات التي تواجهها الاقتصادات الكبرى وبخاصة معدلات النمو المتدنية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة. غير أن مراجعة مجموعة QNB لتوقعات صندوق النقد الدولي حول النمو الاقتصادي العالمي التي أصدرها الشهر الجاري بمناسبة اجتماعه السنوي الذي عُقد في طوكيو أظهرت ارتفاع التوقعات بشأن النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفضل ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي.
قام صندوق النفط الدولي بتخفيض توقعاته بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في العالم إلى %3.3 في عام 2012 و%3.6 في عام 2013. ويأتي التدهور في توقعات الاقتصاد العالمي بعد أن جاء التعافي في الاقتصادات المتقدمة، والبالغ عددها 35 دولة، أقل مما كان متوقعاً. ونظراً لأن الاقتصادات المتقدمة تستحوذ على %51.1 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن ذلك يضغط على الاقتصاد العالمي ككل.
وانخفضت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات المتقدمة بنسبة %0.5 لتصل إلى %1.5 في عام 2013، حيث أن تبنيها سياسات مالية تقشفية لتخفيض العجز كانت عامل رئيسي في تباطؤ النمو الاقتصادي. وحذر صندوق النقد الدولي من أن الإجراءات التقشفية قد تؤثر على استمرارية النمو على المدى البعيد. ويأتي من بين العوامل الرئيسية الأخرى ضعف النمو في محفظة القروض في النظام المصرفي بسبب التوجه العام لتجنب المخاطر، على الرغم من السياسات النقدية التي تهدف إلى تعزيز الإقراض.
كما أن توقعات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، وهي أكبر اقتصاد في العالم، تراجعت حالياً لتصل إلى %2.1 بسبب وجود مخاطر داخلية وخارجية. وتتمثل المخاطر الخارجية بشكل أساسي في تداعيات أزمة ديون منطقة اليورو، بينما تأتي المخاطر الداخلية من احتمال حدوث انكماش مالي أكبر نتيجة لتطبيق إجراءات تخفيض الموازنة العامة وانتهاء الإعفاءات الضريبية في مطلع عام 2013. ويؤثر أي تدهور في الاقتصاد الأميركي على ثقة المستثمرين على نطاق واسع في العالم، مما يزيد من التوجه لتجنب المخاطر على المستوى العالمي.
يأتي المحرك الثاني للنمو في الاقتصاد العالمي من الدول النامية في آسيا والتي تشكل %25 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقد تراجعت أيضاً توقعات النمو في الدول الأسيوية النامية بنسبة %0.3 لتصل إلى %7.2 في عام 2013 نتيجة لتراجع الطلب الخارجي والمخاوف بشأن الطلب المحلي في الصين.
من جانب آخر، رفع صندوق النقد الدولي من توقعاته حول النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتصل إلى %5.3 في عام 2012 و%3.6 في عام 2013.
تنقسم توقعات نمو الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مجموعتين هما الدول المصدرة للنفط والدول المستوردة للنفط، حيث اتسعت الفجوة في توقعات النمو بين المجموعتين. فقد ارتفعت توقعات النمو في الدول المصدرة للنفط إلى %6.6 في عام 2012 (مقارنة مع %4.8 في توقعات صندوق النقد الدولي في شهر يوليو 2012)، في حين أن توقعات النمو في الدول المستوردة للنفط تراجعت بشدة لتصل إلى %1.2 في عام 2012 (مقارنة مع %2.2 في توقعات شهر يوليو 2012). ويرجع التفاؤل في توقعات النمو للدول المصدر النفط إلى ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي، في حين أن الضغوط على توقعات النمو في الدول المستوردة للنفط تأتي من التغييرات السياسية التي شهدتها بعض الدول والتي أدت إلى تراجع النشاط الاقتصادي.
كما قام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعاته لأسعار النفط اعتماداً على الأسعار في أسواق العقود الآجلة، حيث يتوقع أن يصل متوسط سعر النفط إلى 106.2 دولاراً للبرميل في عام 2012 وإلى 105.1 دولارً للبرميل في عام 2013، مقارنة مع توقعاته في شهر يوليو عندما بلغت 114.7 دولاراً للبرميل و110.0 دولارات للبرميل على التوالي. ويأتي التراجع في توقعات أسعار النفط نتيجة لزيادة الإنتاج في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى توقعات تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي وبالتالي تراجع الطلب وانخفاض الأسعار. كما أن مجموعة QNB ترى أن ضعف الطلب من آسيا وأوروبا من بين المخاطر الأخرى التي تضغط على أسعار النفط.