شهدت ملفات صفقة بيع قطاع الأسمنت من جانب أوراسكوم للإنشاء والصناعة «OCI» إلى لافارج الفرنسية عام 2008 عملية تدقيق واسعة النطاق على مدار الأيام الماضية من جانب مصلحة الضرائب التى تسعى لإثبات وجود ضرائب مستحقة على الربح الرأسمالى للصفقة تصل إلى 14 مليار جنيه خلافا لغرامات التأخير، بينما يسعى فريق «OCI» الذى يضم مكتب مراقب الحسابات حازم حسن والمستشار الضريبى اشرف عبدالغنى، بالإضافة لمكتب ذو الفقار للاستشارات القانونية والإدارة المالية والقانونية للشركة إلى تأكيد سلامة موقف الشركة الضريبى ونفى ما يثار عن وجود تهرب ضريبى بشأن الصفقة.
وقالت مصادر لـ«البورصة» إن مصلحة الضرائب تعكف على دراسة عدد من ملفات صفقات الاستحواذات التى تمت خلال السنوات الماضية وأسفرت عن أرباح رأسمالية فى ظل استخدام بعض الشركات لإجراءات تهدف للتحايل على الخضوع للضريبة أحدها قيد الشركات بالبورصة وإعادة شطبها بعد تنفيذ الصفقات.
وعلمت «البورصة» ان «OCI» سوف تستكمل مناقشات موقفها الضريبى مع مصلحة الضرائب خلال الساعات المقبلة عقب الاجتماع الذى شهد اخطار ممثليها بوجود مستحقات ضريبية عن صفقة لافارج الأسبوع الماضى، وطلب الشركة اعداد المستندات الخاصة بها ومناقشتها فى اجتماع لاحق سعياً لتجنب قيام المصلحة باخطارها رسمياً بنموذج 19 بالضريبة.
ورغم سريان شائعة أن الشركة تلقت النموذج بالفعل فإن افصاحات «OCI» لم تشر إلى ذلك بالإضافة إلى أن مصلحة الضرائب مازالت فى مرحلة المناقشة مع الشركة.
وكانت «OCI» قد قامت بنقل ملكية قطاع الأسمنت لإحدى شركاتها التابعة المملوكة بنسبة %99.9 وهى أوراسكوم بلدنج ما تريليز والتى تم قيدها فى البورصة بتاريخ 24 أكتوبر 2007 ليعقب ذلك الإعلان اتفاق بيع قطاع الأسمنت إلى لافارج وتنفيذ صفقة البيع بنقل ملكية أسهم أوراسكوم بلدنج فى 23 يناير 2008.
ونظراً لقيد أوراسكوم بلدنج فى البورصة لم يخضع ناتج صفقة البيع من الأرباح الرأسمالية للضريبة حيث تم بيع سهم أوراسكوم بلدنج البالغة قيمته الاسمية 100 جنيه بقيمة 55.5 ألف جنيه ولم يشهد سهم الشركة سوى 3 عمليات منفذة تمثل عملية البيع من «OCI» وأنسى وناصف ساويرس ثم طلبت الشركة شطبها اختياريا فى 4 فبراير 2009 بعد أن تم تعديل اسمها إلى لافارج بلدنج ما تريليز هولدنج.
ومن جانبه قال حازم حسن، الخبير المالى رئيس KPMG مراقب حسابات «OCI» ان الاقرارات الضريبية الخاصة بشركة «OCI» تمت بطريقة صحيحة وفقاً لاحكام القانون والمعايير المحاسبية معلقاً على ما يثار حول صفقة «OCI» ـ لافارج بانه «قد يكون هناك خلاف قانونى ولكنه ليس تهربا».
وأشار إلى انه فى حالة الخلاف مع الضرائب يتم اللجوء إلى لجان الطعن للفصل فيه قبل التوجه للقضاء، مشيراً إلى أن القضايا الضريبية لا يتم حسمها فى فترة وجيزة وتستغرق وقتا طويلاً.
وعلمت «البورصة» ان مصلحة الضرائب حصلت على ملف قيد شركة أوراسكوم بلدنج ماتريليز فى عام 2007 بعد شطبها اختيارياً فى 2006 وأن طلب القيد مرة أخرى تضمن سبباً للقيد لم يتحقق وهو إعادة هيكلة الشركة وتنشيط التداول عليها بالبورصة وهو ما تسعى الضرائب لتفسيره بأنه وسيلة من «OCI» لقيد شركة بغرض استخدامها «وسيلة» لعدم سداد الضريبة على الأرباح الرأسمالية.
وتعد المادة 53 من قانون الضرائب أحد المنافذ الذى تسعى الضرائب لاستغلالها فى أحقيتها فى الضرائب الرأسمالية حيث انها أعفت الأرباح والخسائر الرأسمالية الناتجة عن إعادة التقييم حالة تغير الشكل القانونى شريطة أن يتم اثبات الأصول والالتزامات بقيمتها الدفترية وحددت اوجه تغير الشكل القانونى ومنها الشراء أو الاستحواذ على %50 من الأسهم وحقوق التصويت سواء من حيث العدد أو القيمة فى شركة مقيمة مقابل أسهم فى الشركة المشترية أو المستحوذة وكذلك شراء أو استحواذ على %50 أو أكثر من أصول والتزامات شركة مقيمة من قبل شركة مقيمة أخرى فى مقابل اسهم فى الشركة المشترية أو المستحوذة.
وقال خبراء إن المادة 53 من قانون الضرائب لا علاقة لها بالصفقة لان أوراسكوم للانشاء والصناعة لم تحصل على أسهم فى لافارج مقابل الصفقة والتى تم نقل أو تم تنفيذها بكامل القيمة فى البورصة، كما أن قيام ناصف ساويرس بالحصول على حصة فى لافارج بنحو %11.9 لا يرتب أثراً لانطباق المادة 53 لان تلك العملية لا تمثل مبادلة مع «OCI» أو ناصف ساويرس بل اتفاق آخر يتعلق بنصيبه فى الأرباح وكيفية حصوله عليها.
وأشاروا إلى ان التعامل مع المساهم الرئيسى للشركة باعتباره هو الشركة ذاتها يخالف القانون.
وقالت مصادر لـ«البورصة» ان إدارة مكافحة التهرب الضريبى تدرس توقيتات اتمام الصفقة وأنه حال ثبوت وجود مستندات تشير إلى الاتفاق على بيع أوراسكوم بلدنج قبل تاريخ إعادة قيدها فى 24 أكتوبر 2007 فإن عملية القيد ستصبح مشوبة بهدف التهرب الضريبى، بالإضافة لدراسة القواعد التى تم على أساسها ادراج ناتج أرباح الصفقة فى القوائم المالية لعام 2007 رغم أن الصفقة تم تنفيذها فى 23 يناير 2008.
وأوضح خبير مالى لـ«البورصة» ان بيع شركة «OCI» لشركة أوراسكوم ما تريليز لا يعد بيع أصول ولكنه بيع لإحدى الشركات التابعة موضحا ان بلدنج ما تريليز شركة عاملة فى مجال الأوراق المالية وتخضع لقانون 95 لسنة 92 وبالتالى فشراؤها أيضاً لقطاع الأسمنت من «OCI» يعنى شراء اسهم الشركات التابعة لـ«OCI» فى قطاع الأسمنت وليس شراء أصول لان الطبيعة القانونية تحظر عليها ذلك لان غرضها هو الاشتراك فى تأسيس الشركات التى تصدر أوراقا مالية أو فى زيادة رؤوس أموالها.
وأشار إلى أن استحواذ أوراسكوم بلدنج على الشركات التابعة تم بالقيمة الدفترية ووفقاً للافصاحات المتممة للقوائم المالية للشركة عن عام 2007 فقد بلغت الاستثمارات المشتراة من «OCI» مبلغ 254 مليون جنيه تمت تعليتها للحساب الجارى لشركة «OCI» كما قامت ببيع بعض الاستثمارات لشركة OCI بقيمة 94 مليون جنيه وقيمتها الدفترية 85 مليون جنيه لتقوم بتسجيل 8.8 مليون جنيه أرباح بيع استثمارات فى شركات شقيقة بقائمة الدخل.
يذكر ان ارباح صفقة قطاع الأسمنت تم توزيعها على مساهمى «شركة «OCI» عام 2008 بواقع 305 جنيهات للسهم على 3 دفعات.
وتبلغ القيمة السوقية الحالية للشركة 58.3 مليار جنيه وتمثل المستحقات المقدرة بـ14 مليار نحو %24 منها ويرى خبراء أن مطالبة الشركة بمستحقات ضريبية الآن يمثل عقاباً للمساهمين الحاليين وقد يؤدى إلى قيام المتعاملين الأجانب برفع دعاوى تحكيم دولية خاصة أن غالبية مساهمى «OCI» من الأجانب.
وشهد سعر سهم «OCI» تراجعا منذ تصريحات رئيس الجمهورية بشأن الضرائب على صفقات بعض الشركات وتهربها عبر قيد غير صحيح بشركة تابعة لها بالبورصة.
كتبت ـ إسلام زايد