نحن نعيش داخل مربع: السياسية والسلطة والقانون والثورة.
السياسة صراع: صراع لتحديد من يحصل على ماذا متى وكيف ولماذا. لمن الحق فى الترشح لانتخابات الرئاسة ومن يستبعد؟ لمن الحق فى أن يكون عضواً فى البرلمان ومن يستبعد؟ لمن الحق فى قطعة أرض معينة ومن ليس له الحق؟
والسلطة مفسدة: لأنها تعطى لعدد من الأشخاص الحق فى أن يجيبوا عن معظم أو كل الأسئلة السابقة. ونزعة البشر لإساءة استخدام المناصب والحقوق جعلتنا نقول إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة. لذا كان لا بد من القانون ودولة القانون.
القانون تنظيم وردع: تنظيم للصراع السياسى حتى لا يتحول إلى فوضى أو عنف غير مبرر، وهو ردع لفساد السلطة بأن يحدد لكل صاحب سلطة قواعد واضحة للعمل وعقوبات واضحة إن لم يلتزم.
الثورة هى قمة السياسة وقمة اللاقانون: الثورة هى قمة الصراع السياسى بين من هم فى السلطة ومن هم خارجها. والثورة هى قمة الخروج على القانون لأن القانون لا ينظم الثورة ولا يعترف بها بل ويجرمها ويجرم الداعين لها.
لكن الثورة لا بد أن تترجم وبسرعة إلى إصلاحات قانونية ومؤسسية حتى نتحول من شرعية الثورة وفوضى الشارع إلى شرعية المؤسسات وانضباط المؤسسات.
وتفشل الثورة إن لم ينجح القانون فى إزالة أسبابها (مثل المظالم والمفاسد) وإيجاد البديل عنها (الانتخابات الحرة النزيهة وحرية الرأى والتعبير).
أفضل ثورة هى آخر ثورة: أى تلك الثورة التى لا نحتاج إلى ثورة أخرى بعدها، مثلما هو الحال مع أفضل عملية جراحية هى التى لا تحتاج بعدها لعملية جراحية أخرى لنفس الأسباب.
الوقت حاكم: متغير الوقت وعامل الزمن جزء لا يتجزأ من المعضلة، كلما عاش المجتمع فترة أطول بلا مؤسسات سياسية فعالة، كانت الخسائر أكبر. وهذا هو ما جناه بعض الثوريين وبعض الليبراليين وبعض اليساريين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بتأجيل الانتخابات لستة أشهر بل كانوا يريدون للفترة الانتقالية أن تطول عدة سنوات.
الدستور: هو أبوالقوانين، وهو الآن معد فى صيغته الأولى. وقررت الجمعية التأسيسية أن تطرحه للرأى العام قبل أن يحدث تصويت عليه فى الجلسة العامة للجمعية. وهذا قرار جيد لأنه يجعل النقاش المجتمعى جزءاً من عملية صناعة الدستور وليس لاحقاً عليه. أرجو من المهتمين أن يطالعوا المسودة الأولى للدستور: www.dostour.eg/sharek وأن يعلقوا عليها. أرجوكم انزعوا ذواتكم الشخصية وحساباتكم الحزبية عن الموضوع. اقرأه مخلصاً لله والوطن والحياة الكريمة للأجيال القادمة.
لوجه الله نتناقش فيه بدون دعوات للانسحاب أو دعوات للتخوين أو إسقاط الدستور قبل حتى أن نقرأه.
الدستور وثيقة سياسية وقانونية فى نفس الوقت، للصراع منظم، وللفساد رادع. ويوم أن يكون فى مصر دستور ديمقراطى حديث، فقد قطعنا خطوة جادة على طريق الاستقرار والتقدم. وسيكون هو وما يرتبط به من قوانين ومؤسسات هو أهم ثمار الثورة.
قولوا يا رب.
بقلم : معتز بالله عبد الفتاح – الوطن