قام عدد من أكبر البنوك العالمية التى تقدم خدمات الصيرفة الاسلامية بإعادة هيكلة أنشطة المصرفية الاسلامية لديها، وتضمنت تلك الهيكلة تخفيض حجم عملياتها فى هذا القطاع عالميا.
وجاءت أحدث خطوة على هذا الصعيد من بنك “إتش إس بى سي” الذى قرر إغلاق عمليات التجزئة الإسلامية فى ستة أسواق، تاركا أعماله فى ماليزيا والسعودية وعلى نطاق محدود فى إندونيسيا مما يسلط الضوء على التناقضات فى قطاع الصيرفة الإسلامى.
ويعتقد الكثير من الخبراء أن النموذج الإسلامى متعثر خاصة فى قطاع التجزئة، كما قلص بنكا “باركليز” و”دويتشيه” فرقهما المصرفية الإسلامية فى دبى.
ومن المتوقع ان تنمو الصيرفة الإسلامية عالميا بمعدل سنوى يزيد على 20%، نظرا لأن عدداً متزايداً من المسلمين يسعون للحصول على تمويل متوافق مع أحكام الشريعة بسبب الخوف من حرمة الفائدة.
وتتوقع شركة “أرنست آند يونج” أن تصل الأصول الإسلامية عالميا إلى 1.1 تريليون دولار بنهاية هذا العام، مرتفعة بذلك عن مستوى 800 مليار دولار منذ عامين، وهذا يرجع بقدر كبير إلى النمو القوى فى الشرق الأوسط وماليزيا.
ويذكر تقرير للفاينانشيال تايمز أن نمو الأصول أمر آخر يختلف عن الإيرادات والأرباح، فبنك “إتش إس بى سي” لم يفصح عن الأرقام التى تشير إلى اداء أعماله الإسلامية عالميا، كما أن انسحابه من بريطانيا والإمارات والبحرين وبنجلاديش وسنغافورة وموريشيوس لا يتعلق بإعادة تقييم المنتجات الإسلامية وإنما على أساس حسابات اقتصادية أخرى.
وسوف يبقى البنك لاعباً كبيراً فى مجال الخدمات المصرفية الإسلامية للشركات، كما أنه أكبر مصدر للصكوك حيث قدرت وكالة أنباء بلومبرج أنه أصدر صكوكاً تعادل ضعف حجم أقرب منافس له وهو بنك “ماى بنك” الماليزي.
وقال أحد كبار المصرفيين الإسلاميين فى دبى إنه من الواضح أن الأعمال المصرفية الإسلامية لا تحقق لهم أرباحاً كافية، وأضاف أن الإيرادات لا تتناسب مع حجم وجودهم فى السوق.
فى المقابل أكد بنك ستاندرد تشارترد على التزامه بالمضى قدما فى الأعمال المصرفية الإسلامية، مشيرا إلى النمو السريع فى المناطق الرئيسية حيث نمت الإيرادات من عملياته فى الإمارات على سبيل المثال بنسبة 65% العام الماضى.
ويقول الخبراء إن القطاع يواجه مشكلتين رئيسيتين على الأقل، الأولى هى التكلفة، حيث يقول المصرفيون إن العديد من المنتجات الإسلامية تكلفتها عالية نظرا لهيكلتها المعقدة والنفقات القانونية والطلب المحدود وبالتالى الربح محدود، وهذا يفسر لماذا تُقدر نسبة المسلمين الذين يستخدمون التمويل الإسلامى عند 10% فقط، حتى طبقا لأكثر التقديرات تفاؤلا.
ويتشكك البعض فى سلامة بعض المنتجات حيث قال طارق الديواني، شريك فى “زيست” للاستشارات الإسلامية فى لندن، إن القطاع الإسلامى لم تثبت قواعده بعد، وأصبحت بعض المنتجات عبارة عن نسخة إسلامية من الدين الربوي، وأضاف أن المسلم العادى لا يقتنع بما تقدمه البنوك فى بريطانيا.
ويؤكد بنك لندن الشرق الأوسط، وهو بنك بريطانى إسلامى يركز على أعمال الشركات وإدارة الأصول والأفراد الأثرياء، إن باستطاعته مواصلة النمو وتحقيق أرباح.
وقال همفرى بيرسي، المدير التنفيذى للبنك، إن الخوف الذى تملك الناس أثناء الربيع العربى دفع الأثرياء والشركات الكبيرة إلى نقل أموالهم من البحرين إلى دبى ولندن.
وأضاف بيرسى أن أزمة الثقة العامة فى أخلاقيات البنوك وفى صحة الاقتصاد فى منطقة الشرق الأوسط يجب أن تدعم نمو القطاع الإسلامى فى جميع أنحاء الأرض.
كتب – رحمة عبد العزيز