بقلم: ارنستو لندنو وليز سلاي
يشكل انتشار الجماعات الجهادية المسلحة فى جميع أنحاء العالم العربى تهديداً جديداً على استقرار المنطقة، ويعرض تحديات جديدة للديمقراطيات الناشئة ويقوض آمال الاستقرار فى سوريا فى حالة سقوط النظام.
من صحراء سيناء بمصر إلى شرق ليبيا ومعارك الحرب الأهلية فى سوريا نجد ان الديمقراطية التى حققتها الثورات فى الشرق الاوسط وشمال افريقيا اطلقت العنان ايضا لنوع جديد من الحريات استغلته تلك الجماعات الجهادية.
يعد صعود الجهاديين المسلحين فى المنطقة احد اسباب تردد ساسة الغرب فى تسليح المعارضة فى سوريا مع تزايد حدة الصراع فى البلاد على مدار التسعة عشر شهرا الماضية، نشأت معظم هذه الجماعات الجديدة نتيجة استياءات داخلية ويكاد تكون هناك دلائل على وجود اى علاقات تنظيمية تربطها بحركة تنظيم القاعدة الارهابية الا ان العديد منها يتبنى ايديولوجيات شبيهة بتلك التى يتبناها تنظيم القاعدة مما يجعلها تشكل تهديدا على المصالح الامريكية مثل الهجوم الذى وقع على مقر السفارة الامريكية فى بنغازى بليبيا.
واقرت هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الامريكية، بحجم التهديد الذى تشكله تلك الحركات الجهادية حيث قالت فى خطاب لها بمركز الابحاث الاستراتيجية بواشنطن ان عاما واحدا من الانتقال الديمقراطى لن يتمكن ابدا من محو التطرف الذى تراكم على مدار عقود من الديكتاتورية، فنحن نعلم من البداية ان هناك متطرفين يحاولون استغلال فترات عدم الاستقرار ليعيقوا تلك الانتقالات الديمقراطية.
من اكثر الجماعات الجهادية التى تثير قلق مسئولى الغرب جماعة جبهة النصرة التى ظهرت مؤخرا فى سوريا هذا العام واعلنت مسئوليتها عن عدد من التفجيرات الانتحارية الغامضة فى دمشق وحلب لتصبح مشاركا حيويا فى المعركة ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
ومما يزيد الأمر خطورة فى سوريا ان هناك دلائل على ان هؤلاء المتشددين يكسبون تعاطف الشعب السورى حيث سار المتظاهرون فى اوائل هذا الشهر فى شوارع حلب يدعون إلى دعم الجيش السورى الحر بالاسلحة مع هتافات لجماعة جبهة النصرة.
ويقول تشارلز ليستر، محلل لدى مركز التمرد والارهاب التابع لمعهد اى اتش اس جين فى لندن انه كلما استمر النزاع الداخلى فى سوريا كلما ازدادت احتمالية دعم المتطرفين.
وفى ليبيا، مع إعادة صياغتها من جديد بعد اثنين واربعين عاما من الحكم القمعى لمعمر القذافى، لم يقرر الجهاديون والاسلاميون المسلحون بعد ما اذا كانوا يؤيدون الوضع الراهن ام يحاربونه، وقد حذر قادة المليشيات الليبية الدبلوماسيين الامريكيين قبيل ايام من الهجوم عليهم وانهم لا يضمنون الأمن فى بنغازى اذا اصبح محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا، وقال فاتح العبيدي، قائد فرقة النخبة الليبية ان المشكلة كلها تكمن فى عدم وجود الحكومة بليبيا.
ويرى وليام لورانس، محلل لدى مركز ابحاث الأزمات الدولية بشمال افريقيا ان عدم اعلان قادة حركة تنظيم القاعدة فى اليمن وانصار الشريعة فى ليبيا عن الهجوم على السفارة الامريكية قى ليبيا يؤكد انه امر لم يكن مخططا له، كما يقول مسئولو المخابرات الأمريكية وان هناك علاقة بين الميليشيات فى ليبيا واعضاء تنظيم القاعدة فى المغرب وشمال افريقيا، ذلك الامر الذى قال عنه لورانس انه ليس بالغريب حيث قال ان جميع الجهاديين يعرفون بعضهم البعض.
كما ان الايديولوجية الجهادية بدأت تشوب الانتقال الديمقراطى بمصر حيث بدأت تستغل الجماعات الجهادية الفراغات الواسعة على طول الحدود مع اسرائيل والتى ينعدم فيها القانون حيث أقامت معسكرات تدريبية وشنت هجمات على إسرائيل.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: واشنطن بوست