تمثل الإيرادات الضريبية 64% من حجم الإيرادات فى الموازنة العامة للدولة التى تعانى حالياً من عجز يقدر بنحو 170 مليار جنيه.
وأكدت وزارة المالية ان مصلحة الضرائب كثفت جهودها بعد ثورة يناير لإصلاح المنظومة الضريبية ومنها تنفيذ إجراءات منع التهرب من ضريبة المبيعات واصدار القانون رقم 11 لسنة 2012 والذى يمنح حوافز عن سداد المتأخرات الضريبية بنسبة 25% من رصيد تلك المتأخرات إذا تم سدادها أو جزء منها حتى 31 مارس 2012.
فضلا عن انخفاض الحوافز إلى 15% من رصيد الضرائب والمبالغ الإضافية المستحقة اذا تم السداد بعد 31 مارس وحتى 30 يونيو 2013 على أن تصبح النسبة 10% فقط، اذا تم السداد فى الفترة من 1 يوليو إلى 31 ديسمبر 2012.
إلا أن المؤشرات لا تعكس ثمار تلك الإصلاحات لأن هناك 63 مليار جنيه متأخرات ضريبية مستحقة للمصلحة منها 18.5 مليار جنيه لمركز كبار الممولين مستحقة من القطاع العام والهيئات الاقتصادية والبنوك، وأكثر من 66% متأخرات متنازع عليها.
وأكد فتحى شعبان، رئيس الإدارة المركزية للفحص بمصلحة الضرائب، أن الحوافز التى تقدمها المصلحة للمولين ستساهم فى دعم الحصيلة بزيادة إقبال الممولين على سداد المتأخرات الضريبية وبالتالى ستدعم خزينة الدولة، مشيراً إلى أن مزيدا من التيسيرات يمكن ان يؤدى إلى عدم دفع الضريبة.
وأوضح ان الإدارة الضريبية تركز على الملفات الضريبية التى تحتوى على فاقد ضريبى كبير من خلال استخدام مجموعة من المعايير المتطورة تحدد نسبة التزام الممول.
وأكد ان المصلحة تعمل حالياً على تدريب موظفى الفحص حتى يصلوا إلى مستوى يمكنهم من التعامل مع الملفات الضريبية والممولين، مشيراً إلى أن المصلحة قدمت لوزارة المالية تصورا ستعرضه بدورها على الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة يتضمن استحداث إدارات جديدة لتطوير عملية الفحص.
وأوضح شعبان ان فرض ضريبة على الأثرياء غير مطروح، حيث إن هناك سبلا أخرى لدعم الحصيلة عن طريق توسيع الشرائح ورفع سعر الضريبة، لافتا إلى أن المصلحة اقترحت على وزارة المالية تعديل المادتين 136 و138 من قانون الضرائب والخاصتين بالفوائد والغرامات المستحقة على الممولين عند حل المنازعات بإلاضافة إلى المادة 70 الخاصة بالشركات المقامة فى المناطق الحرة والضريبة المستحقة عليها.
من جانبه أكد ياسر محارم، أمين عام جمعية الضرائب، ان مصلحة الضرائب لابد أن تبذل قصارى جهدها لحصر الاقتصاد غير الرسمى عن طريق تطوير دور إدارات الفحص فى المأموريات والتى لا تقوم بدورها على حد قوله.
واقترح مشاركة 30 ألف مأمور التابعين للمصلحة فى حصر الأنشطة غير المسجلة بالإضافة إلى اجراء حوار مجتمعى لتوعية المجتمع الضريبى، مما سيؤدى إلى تحول الأنشطة غير الرسمية إلى أنشطة مسجلة تساهم فى دعم الحصيلة وانعاش موازنة الدولة، خاصة ان الاقتصاد غير الرسمى فى مصر يصل إلى 395 مليار دولار.
وأوضح انه لابد من تعديل قانون الحوافز الضريبية «المشوه» حيث يتم تطبيق الخصم على غرامة التأخير فى السداد وليس على أصل الضريبة، مشدداً على أهمية الزام الشركات المقامة بالمناطق الحرة بتقديم الاقرارات الضريبية حتى يتوافر لدى مصلحة الضرائب قاعدة بيانات تمكنها من حصر التعاملات مع شركات السوق المحلى مما سيحد من التهرب الضريبى.
وأكد محارم أهمية تكثيف الرقابة على شركات المناطق الحرة للتأكد من التزامها بتحصيل ضريبة كسب العمل وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، مشيراً إلى انه ضد فرض ضرائب جديدة استثنائية لأنها بذلك تتحول إلى جباية، وأن فرض ضريبة على الأثرياء سيؤدى إلى نفور المجتمع الضريبى واتساع الفجوة بين الممولين والإدارة الضريبية.
وطالب بفرض ضريبة على أرباح البورصة من أجل تحقيق عائدات كبيرة للحصيلة تساهم فى سد عجز الموازنة، مؤكدا ضرورة العمل على تعديل التشريعات القانونية المكملة والمرتبطة بالمنظومة الضريبية، مشدداً على أهمية استحداث آلية لمحاسبة أسواق الجملة حيث إن الحصيلة التى تأتى منها لا تتناسب مع أرباحها.
وقال محارم انه لابد من تعديل قانون الضرائب العقارية بحيث يتم اعفاء المسكن الخاص واعفاء الوحدات غير السكنية بالإضافة إلى تحصيل الضريبة عن العقارات الموجودة فى المجتمعات العمرانية داخل وخارج كردون المدينة حيث إن عدم اخضاع الأخيرة للضريبة يحول دون تحقيق العدالة الضريبية.
وفى نفس السياق أكد خبير الضرائب عبدالله العادلى ان أداء مصلحة الضرائب لم يتحسن مطلقا منذ ثورة يناير 2011 الأمر الذى سيكون له أثر بالغ على علاقة الإدارة الضريبية بالممولين وبالتالى انخفاض الحصيلة.
وأوضح انه لابد من تطوير أداء الإدارة الضريبية المقصرة فى عملها ـ على حد وصفه ـ مؤكدا ضرورة التزامها بتطبيق القوانين وحصر الاقتصاد غير الرسمى مما سيساهم بشكل كبير فى زيادة الحصيلة وخفض عجز الموازنة.
وكشف عن أهمية تطبيق مواد قانون الضرئب الخاصة بالسعر المحايد والتحول الكامل لضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى تطبيق قانون الضرائب العقارية بعد ادخال تعديلات عليه، وأن السعر المحايد هو الذى يجب ان يتم به تقييم الصفقات بين الشركات الأم والأخرى الفرعية التابعة لها كما لو كان كل من طرفى المعاملات مستقلا عن الآخر.
وشدد العادلى على ضرورة فرض ضريبة جديدة على أرباح البورصة فى الوقت الحالى مما سيخدم خزينة الدولة بشكل كبير، وان التشريع السليم والإدارة الجيدة سينتجان بالضرورة ممولا جيدا ملتزما.
وأكد حمدى هيبة، مستشار الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب، ضرورة تحصيل المتأخرات الضريبية وتقديم تسهيلات للتحصيل، مؤكدا حتمية فحص كل الملفات الضريبية بشكل صحيح لتحديد الضريبة المستحقة على الممولين.
وأشار إلى أن الاعفاءات الممنوحة للممولين لابد من إعادة النظر فيها وسرعة انهاء المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين عن طريق اللجان الداخلية للمصلحة من خلال التقسيط بمدد محددة سنة أو سنتين حسب نوع الضريبة دون اللجوء إلى المحاكم ولجان الطعن التى تستغرق مدة أطول للتحصيل فى الوقت الذى تحتاج فيه الدولة لتلك المتأخرات لانعاش خزينتها.
وأوضح هيبة ان الحكومة ليست فى حاجة لفرض ضريبة جديدة على الأثرياء فى الوقت الحالى حيث يرى أن أسعار الضريبة فى مصر تتفق مع الكثير من الدول المجاورة، وأن التشريعات الضريبية لابد ان تكون مرنة وغير معقدة، وان الإعفاءات لابد ان تتماشى مع التضخم الذى يزيد بنسبة 10% كل سنة.
وأكد ضرورة اخضاع شركات المناطق الحرة للضرائب لانها تحقق أرباحا كبيرة لابد من أن يذهب بعضها لخزينة الدولة.
واقترح هيبة الغاء اعفاء شركات المناطق الحرة تماما، أو تحديد فترة معينة للاعفاء بحيث تكون مدته خمس سنوات بعدها يتم تحصيل الضرائب والرسوم الجمركية، كما اقترح اخضاع الشركات لنصف سعر الضريبة.
وأوضح ان لجوء الحكومة إلى أى اجراء بديل للإعفاء المطلق لن يؤثر على الاستثمار حيث إن الشركات التى تقام فى المناطق الحرة معظمها أجنبي وبالتالى فإن الضريبة التى ستدفعها فى مصر ستدفع مثلها فى موطنها.
وطالب بتشديد الرقابة على التراخيص التى تمنح لتلك الشركات حيث إن انشطتها تكون غير محددة وبالتالى يلجأ بعض المستثمرين للحصول على تراخيص للمناطق الحرة من هيئة الاستثمار للاستفادة من الاعفاءات بالرغم من أن شركاتهم تكون داخل السوق المحلى.
من جانبه قال إسماعيل عصر، أستاذ الضرائب بجامعة المنوفية، ان انشغال الإدارة الضريبية بتطوير قانون الضرائب جاء على حساب الفحص والحصيلة مما أدى إلى حدوث عجز فى الحصيلة الضريبية حيث يرى انه لابد من إعادة هيكلة سياسات الفحص والتحصيل الضريبى ليس فقط من خلال الحوافز ولكن أيضاً من خلال إجراءات التحصيل. وأشار إلى أن فرض ضريبة على الأثرياء لا يتوافق مع مبدأ العدالة الضريبية مشيراً إلى أن السياسات والقوانين الضريبية لابد أن تكون معصوبة العينين على حد وصفه.
وأكد ضرورة تقدير الضريبة بموضوعية وإعادة النظر فى المتأخرات والتعرف على اسبابها لافتا إلى أن هناك حالات ناتجة عن اخطاء فى الإجراءات المتعلقة بالربط الضريبى والطعن ولتفادى ذلك لابد من تشكيل لجان موضوعية متخصصة مشتركة بين مصلحة الضرائب ووزارة المالية والغرف التجارية.
كتب – مصطفى فتحى وأحمد فرحات