بقلم :عماد الدين حسين – الشروق
الدكتور عصام العريان كتب على حسابه الشخصى فى «تويتر» صباح السبت الماضى ما يلى: «إذا كانت جمهورية 52 باعتراف ناصرى (عماد الدين حسين) سجلت تجسسا على الجميع.. يصبح حراما على جمهورية الثورة أن تسجل لتوثيق القرارات الشفوية. عجبى».
انتهى كلام العريان الذى استخلصه مما كتبته صباح أمس الأول بعنوان «دولة التسجيلات لم تسقط»، والمؤسف أنه حاول استخدام كلامى ستارا أو تكأة لتمرير رسالة خاطئة يصر على تكرارها فى الأيام الأخيرة بعد أن كشف ــ من دون قصد ــ أن مؤسسة الرئاسة تقوم بتسجيل الاتصالات الصادرة منها والواردة إليها.
فى مقالى الذى يمكن للجميع العودة إليه لم أذكر مطلقا أن جمهورية 52 تجسست على الجميع، بل إن العريان هو الذى قال لبوابة الأهرام مساء الأربعاء الماضى إن التسجيل كان يتم منذ عهد جمال عبدالناصر.
فكرة مقالى الجوهرية أن تسجيل المكالمات الخاصة كارثة وإذا كان معمولا به فى العهود السابقة فإن «محاولة تبريره الآن كارثة ينبغى على كل شريف ووطنى وعاقل أن يتصدى لها ويفضحها».. هذا ما كتبته يوم أمس الأول.
لا أخفى إيمانى وتقديرى لما حققته ثورة يوليو 1952 على الصعيد الاجتماعى الاقتصادى وانحيازها للفقراء، ولا أخفى حبى للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لكن ما لا يعرفه العريان وكثيرون أننى كتبت فى هذا المكان مرارا وتكرارا وفى أماكن أخرى كثيرة منتقدا وبعنف تقصير ثورة يوليو الفادح فى ملف حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية.
قلت وأقول إنه لا يوجد شىء ــ مهما كان الأمر ــ يبرر تعذيب الآخرين ومنهم الإخوان، وأن غياب الديمقراطية هو الذى أوصلنا إلى كارثة يونيو 1967.
إذن لا يصح ولا يعقل أن يأتى العريان الذى عانى هو ورفاقه من تسجيلات حبيب العادلى ليبرر تحت أى ظرف استمرار التسجيلات حتى لو كانت بهدف التوثيق.
يا دكتور عصام، عبدالناصر كان لديه وقتها مبرر بوجود أعداء للثورة، وإقطاعيين أمم أراضيهم، وإسرائيل وأمريكا والرجعية العربية، ورغم ذلك فمبرره لا يمكن الدفاع عنه، والسادات فعل نفس الأمر، وجاء مبارك ليسير على خطى الاثنين فى الانتهاكات.. والسؤال هو بعد ثورة 25 يناير التى كانت الحرية أول شعاراتها: هل يمكن لأحد أن يبرر تسجيل المكالمات خارج نطاق القانون، حتى لو كانت تحت مسمى غامض اسمه التوثيق؟!.
والسؤال هل نص المكالمات الخاصة بينك وبين مؤسسة الرئاسة قبل تعيينك مستشارا يمكن الاطلاع عليه، وهل كل المحادثات بين الرئاسة وجميع القوى السياسية قبل الوصول لقرار نهائى يمكن التلويح والتهديد بها ثم نطلق عليها مسمى توثيق؟!.
وإذا جاز تهديد النائب العام بأن مكالماته مسجلة فهل يمكن لنا أن نعرف نص المكالمات التى دارت بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وحتى غضب الجيش مما نشر عن قادته السابقين؟!.
يا دكتور عصام يفترض أن أى إخوانى وكل من تعرض لانتهاك حقوقه وحرياته قبل الثورة أن يكون الأكثر دفاعا عن هذه الحريات الآن.
مرة أخرى، أم أن هناك قانونا أو لا قانون.. ولا يوجد شىء اسمه «التوثيق الشفوى».
وإذا بررنا لمؤسسة الرئاسة تسجيل المكالمات فربما تستخدمها ضدك أنت شخصيا فى مرحلة لاحقة.
يا دكتور عصام التسجيلات والتنصت على الحياة الخاصة للمواطنين مرفوض أيام عبدالناصر والسادات، ويفترض أن نرفضه أكثر الآن.
يا دكتور عصام تعرف كم أقدرك، ومن موقع المحب أرجوك اهدأ قليلا وتخلص من الآى باد الخاص بك فورا حتى لا تورط نفسك وحزبك وجماعتك فى مشكلات جديدة.