استنكر مؤتمر مكة المكرمة ممارسات سلطات الاحتلال في مدينة القدس الشريف، التي تهدف إلى تغيير الهوية العربية والإسلامية للمدينة، والإساءة لحرمة المسجد الأقصى المبارك بالسماح لليهود بالصلاة في ساحاته، داعيا إلى تحرك عربي وإسلامي لتحرير القدس، وفك أسر أقصاها المبارك، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
جاء ذلك في البيان الختامى لمؤتمر مكة المكرمة الثالث عشر الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي.
وحذر البيان من الطائفية البغيضة التي تنذر بمزيد من تمزيق صف المسلمين وتفتح الأبواب للمتربصين للتدخل في شؤونهم الداخلية، وندد بممارسات بعض الدول الإسلامية التي تتعارض مع ثوابت الإسلام ونهجه القويم الداعي إلى الوحدة حول أصول الإسلام.
وناشد المؤتمر – باسم علماء الأمة وأهل الرأي فيها- الذين يؤججون الفرقة الطائفية بالتوقف عن إثارة المشاعر الطائفية التي تضعف شوكة المسلمين، وتزرع الخلاف والأحقاد بينهم، وتؤسس لفتنة كبرى يعم شرها الجميع.
كما استنكر المؤتمر ما يتعرض له الشعب السوري من مجازر دموية محملا النظام الحاكم في سورية مسؤولية هذه الدماء، وطالبه المؤتمر بالانصياع إلى إجماع الأمة، حكومات وشعوبا على وجوب إيقاف نزيف الدم وهدم المدن وقتل الآمنين وزراعة الرعب.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك نحو تحمل مسؤولياته في إنهاء هذه المأساة، ومحاكمة المسؤولين عنها، وتعويض المتضررين، وإغاثة اللاجئين في الداخل السوري ودول الجوار.
وندد المؤتمر بما يثار من افتراءات محمومة على الإسلام ونبيه، وعدها جزءا من الدعوة المشينة إلى صدام الحضارات، التي تعبر عن جهل بيqpن بطبيعة الإسلام وأصوله، وتأثر غير موضوعي بالأفكار المسبقة المصطبغة بروح العداوة التاريخية، ودعا المؤتمر المؤسسات الإسلامية الإعلامية والقانونية إلى التعاون مع رابطة العالم الإسلامي والهيئات المعنية بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وفضح الإفتراءات عليه، والتعريف به صلى الله عليه وسلم وبدينه، مع التأكيد على أن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم تكون وفق هديه ومنهاجه، بعيدا عن صور الاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية، باعتبارها تحكم بمواثيق دولية ينبغي الوفاء بها، وبعيدا عن الاعتداء على الأنفس والأموال المحرمة .
وشجب المؤتمر الإرهاب، محذرا من تيارات التشدد والغلو، والدعوة إلى نشر ثقافة الحوار والوسطية، واتباع الكتاب والسنة، وفهمهما وفق فهم السلف الصالح، بعيدا عن الإفراط والتفريط .
ودعا إلى تكثيف الجهود في الدعوة إلى تطبيق منهج الإسلام في الإصلاح والتغيير ورعاية الأولويات والمآلات، وخصوصيات كل بلد.
وطالب حكومات الدول الإسلامية بتطبيق شرع الله والتحاكم إليه، فهو الطريق الأسلم للتهذيب والإصلاح الفردي والمجتمعي.
وحث البيان وسائل الإعلام على التعاون مع علماء الأمة في التصدي لموجات التشكيك في قدرة الإسلام على إصلاح الحياة المعاصرة، والتأكيد على مواكبته لحركة المجتمع بنور من الله وبرهان.
وفيما يخص المؤسسات الدعوية والعلمية دعا مؤتمر مكة المكرمة ال13 إلى تجديد الخطاب الديني وترشيده بما يتلاءم مع مقتضيات العصر، واستحضار البعد الإنساني للإسلام، والتزام مفاهيم الاعتدال والموضوعية والعمق.
كما أكد على ضرورة النأي بالخطاب الدعوى عن سوأتي الغلو والجفاء، والتركيز على بيان محاسن الإسلام، وإبراز سبقه في الدعوة إلى احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية واحترام الحريات المشروعة.
ودعا المؤتمر رجال الدعوة الاسلامية الى البعد عن أساليب الانفعال والارتجال والتقليد الأعمى, ومراعاة فقه الأولويات والتدرج في الإصلاح والمعالجة، بما يحقق المقاصد الشرعية التي أنزل الله لأجلها الكتب وأرسل الرسل.
وشدد البيان على إبراز خصائص الشريعة الإسلامية، وبيان معالجتها للوقائع المتجددة بما أودع الله فيها من حكمته وواسع رحمته وتنمية وعي المسلمين بض`رورة تطبيق الإسلام في حياتهم، لما فيه من مرضاة لربهم، ولما له من أثر بالغ في استعادة مكانتهم الحضارية.
وبين العلماء أهمية تطوير وسائل الدعوة والاستفادة من التقنية ووسائط الاتصالات ووسائل الإعلام الحديثة للتعريف بحقائق الإسلام، ووضع الخطط والاستراتيجيات والبرامج الشاملة لتطوير المؤسسات الدعوية بما يمكنها من مواجهة تحديات الحاضر واستشراف المستقبل.
وناشد البيان الجهات المسئولة في العالم الاسلامى دعم المجامع الفقهية لتقوية الاجتهاد الجماعي وتطويره، وبيان الثوابت، والتفريق بينها وبين المتغيرات، وترشيد المؤسسات المعنية وحفزها على الالتفاف حول الثوابت، والتوافق ما أمكن حول المتغيرات مع ضرورة المحافظة على أدب الاختلاف واجتماع الكلمة ووحدة الصف، وعدم الانجرار إلى التشرذم المفضي إلى الفشل والفرقة والنزاع.
أ ش أ