بقلم: مارتن وولف
فى ضوء علاقاته مع أكثر عملائه قوة، فإن من حق صندوق النقد الدولى ان يُستشار وان يُشجع وان يُحذر.
يشابه هذا الوصف تعبير والتر باجهوت، الصحفى الانجليزى عن دور ملكة بريطانيا فى القرن التاسع عشر بتلك المقولة، وقد استعرت هذه العبارة لوصف دور الصندوق فى استعراض مراقبته الخاصة كل ثلاث سنوات، وفى الاجتماع السنوى بطوكيو، قام الصندوق بهذا الدور على أكمل وجه، ولكن ما يهم هو ان يتصرف اعضاؤه وعلى رأسهم الولايات المتحدة والمانيا وفقاً لتلك التحذيرات والتشجيع الذى يتلقونه.
وتحذير النقد الدولى فيما يتعلق بتوقعات الاقتصاد العالمي، هو ان التعافى مستمر ولكنه ضعيف فى الدول المتقدمة وان النمو متباطئ بدرجة لا تحقق تقدماً دائماً فى حل مشكلة البطالة، بالاضافة إلى ذلك فان اقتصادات الأسواق الناشئة التى كانت قوية من قبل ولكنها بدأت تتراجع.
يعلم الجميع السر وراء تباطؤ النمو فى الدول ذات الدخل المرتفع، ويكمن السبب فى التشديد المالى والأنظمة المالية الضعيفة وعدم الثقة فى أسواقها، وهذا المزيج السام يهدد على وجه الخصوص منطقة اليورو، حيث تأثرت الدول التى تعتمد على التصدير لمنطقة العملة الموحدة بشكل كبير جراء انكماش اقتصادات شركائهم فى التجارة.
ووفقاً لآخر تقرير عن الاستقرار المالى العالمى وصلت نسبة هروب رؤوس المال المتراكمة من الدول الطرفية إلى ما يزيد على 10% من إجمالى الناتج المحلي، ولولا دعم البنك المركزى الاوروبى لاضطرت تلك الدول لترك منطقة اليورو، كما ان مخاوف التفكك مازالت تسيطر على المنطقة.
رغم تلك التوقعات المحبطة هناك افتراضان يبعثان على التفاؤل، الأول اذا تجنبت الولايات المتحدة «الهاوية المالية» التى صنعها مشرعوها سوف يتراجع إجمالى الناتج المحلى 4%، ويعرف العقلاء النتيجة جيداً وهى الانزلاق إلى ركود عميق وانكماش اقتصادى تام، فهل سيكون مشرعى الولايات المتحدة بهذا الغباء؟ ينبغى ان نفترض ان الاجابة ستكون بالنفي، والافتراض الثانى هو ان يتخذ ساسة اوروبا اجراءات اضافية لتطوير التعديات وفقا للمستويات القومية والاندماج على مستوى منطقة اليورو، وهو ما سوف يؤدى إلى تحسن تدريجى فى الثقة والمصداقية السياسية، ولكن هل سيكون ساسة اوروبا فعالين لهذه الدرجة حتى وان كانوا أكثر حزماً مؤخراً؟
وبالنسبة للتحفيز، فأى تشجيع قدمه صندوق النقد الدولي؟ الاجابة هى وقف «المخاطر الذيلية» أى خطر تحرك الاصول لأكثر من ثلاثة انحرافات معيارية عن سعرها الحالي، ويعنى ذلك بالنسبة للولايات المتحدة، القضاء على الهاوية المالية مع وضع خطة دعم مالى قصيرة الاجل وتحسين الهيكل المالي، وهو ما قد يؤدى إلى خلق مزيج يسفر عن نمو قوى بشكل مثير للدهشة.
ونجحت جهود تقليص مديونية القطاع الخاص مع استقرار سوق العقارات، وتعهد الاحتياطى الفيدرالى فى تقديم الدعم المستمر لتحقيق الانتعاش.
وفى منطقة اليورو، أرى ان هناك ثلاث خطوات للحد من المخاطر الذيلية، الأولى المضى قدما فى إصلاحات طويلة الأجل واهمها الاتحاد المصرفى الذى يهدف إلى قطع الروابط بين الدول الضعيفة والبنوك، والثانية الموافقة على برنامج انقاذ مع اسبانيا فى المستقبل القريب، بعد ذلك ينبغى على البنك المركزى الاوروبى انتهاج سياسته الجديدة بشأن المعاملات النقدية الرصيحة من أجل خفض أسعار الفائدة على الدين الحكومى بنحو 3%.
حذر صندوق النقد الدولى كما ينبغى من خطورة ضعف الاقتصاد العالمى واحتمالية تدهوره أكثر من ذلك اذا لم تتخذ الإجراءات المناسبة وانصب تشجيع صندوق النقد على ضرورة تعزيز تلك الإجراءات التى تعتمد على مدى فعالية الساسة، فالمسئولية عبء على السلطة لذلك يجب ان يتحرك الساسة بشكل أسرع.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز