صدرت في سلسلة “ذاكرة الكتابة” عن “الهيئة العامة لقصورالثقافة” طبعة جديدة من كتاب “من بعيد” للدكتور طه حسين لتواكب ذكرى رحيله 39 وذكرى مولده الـ 123بينما يتوقف طلعت رضوان في تقديمه عند مقال كتبه طه حسين في 1927 ينتقد فيه دستور 1923 وخصوصا المادة 149 منه والتي تنص على أن “الإسلام هو دين الدولة”.
وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي أما الطبعة الجديدة الصادرة في 220 صفحة فيتصدرها تقديم لطلعت رضوان.
ويضم الكتاب مقالات موزعة على خمسة أقسام القسم الأول بعنوان “من باريس” والثاني “أسبوع في بلجيكا “والثالث “خواطر سائح” والرابع “بين العلم والدين والخامس “بين الجد والهزل”.
ويقول طه حسين في مقدمة الكتاب:”هذه فصول متفرقة لا يكاد يجمع بينها إلا أنها كتبت من بعيد في المكان وكتبت من بعيد في الزمان أيضا فأكثرها كتب في باريس وبعضها كتب من فيبنا وقليل جدا منها كتب في القاهرة”.
ويضيف : كنا نشكو ظلم الحكومات وجنوحها إلى الاستبداد ونصرها للجمود ولكنا كنا نجد الشعب دائما مواتيا لنا يمنحنا نصره ووده وعطفه وتأييده أما الآن فقد اشتد عنف السلطان وأسرف في الشدة حتى اضطر الكتاب والخطباء إلى أن يفكروا ويقدروا ويطيلوا التفكير والتقدير قبل أن يكتبوا أو يقولوا وقد وجد الاستبداد الرسمي المتصل لنفسه أنصارا وأعوانا من طبقات الشعب لم يكن ليظفربهم من قبل فوجدت أحزاب مهما تكن ضئيلة فهي أحزاب منظمة تناصر الجور والاستبداد وتدعو إلى التأخر والرجوع إلى الوراء.
الخميسي: مازلنا بحاجة لنصيحة طه حسين بأن العلم حق لكل مواطن
وقال الكاتب أحمد الخميسى إنه عندما نسأل ما الذي تبقى من طه حسين للجيل الجديد فإننا نكون بصدد سؤال يصلح لتناول كل تراث فكري وأدبي.
وأضاف أنه يحق لنا في هذا الشأن أن نسأل على سبيل المثال: ما الذي يبقى من سيد درويش للجيل الجديد أو النحات العظيم محمود مختار أوحتى نجيب محفوظ
وتابع : لا شك أن التطورالموسيقي سيتجاوز أو تجاوز بالفعل سيد درويش ماعدا إنجازه في المسرح الغنائي وتجاوز طرق مختار في النحت وتجاوز الشكل الروائي عند نجيب محفوظ إلى آفاق أرحب.
وأكد الخميسى أن التطور يتجاوز تقريبا كل شيء حتى كاتبا عملاقا مثل شكسبير الذي يصبح بمرورالزمن “أكثر قدما” وعندما نتحدث الآن عن ترجمة رفاعة رافع الطهطاوي للدستورالفرنسي في حينه فإن ترجمة الدستور بحد ذاتها قد لا تعني الآن أي شيء لكن تلك الترجمة في حينه كانت بما قدمته من نموذج لفصل السلطات ثورة ضد انفراد الحاكم المطلق بكل السلطات.
وأضاف أن رواية عباس العقاد “سارة” كانت حينذاك “أول” رواية نفسية عربية, لكن الزمن تجاوزها, فهي الآن كرواية قد لا تعني الكثير ويبقى من طه حسين إذن ليس أعماله بالتحديد لكن مغزى مشاركته في حل قضايا مجتمعه حينذاك يبقى منهجه العلمي القائم على أن كل قضية أدبية أو تراثية أو فكرية قابلة للتمحيص وأن العلم والدرس لا يعرف المقدسات وهذا ما أثار عليه المجتمع حين أصدر كتابه “في الشعر الجاهلي”.
وأشار إلى أنه يبقى من طه حسين صيحته التي مازلنا بحاجة إليها أن “العلم هو حق لكل مواطن كالماء والهواء” وتبقى بعض أعماله الأدبية مثل “الأيام” و”دعاء الكروان” وتبقى قراءته الخاصة للثقافة المصرية لكن الزمن سيتجاوز حتى كل ذلك ليبقى معنى ومغزى حياة الكاتب ثم يبقى للجيل الجديد إن أراد نموذج نادر للشاب الذي لم يقعده العجز عن طلب العلم.
وتابع: الآن على سبيل المثال عندما نقول “يوري جاجارين” ونسأل ما الذي تبقى منه نجيب بأن ما تبقى مغزى عمله, وليس عمله, فقد سافر إلي الفضاء رواد كثيرون بعد جاجارين لكن سيبقى دائما أنه أول رائد فضاء, ويبقى أنه يرمز إلي كسر حاجز الجاذبية الأرضية حتى لو تجاوز العلم ذلك.
ورأى الخميسي أنه من زاوية “مغزى حياة وأعمال الإنسان” سيبقى من منهج طه حسين الكثيرومن كتبه سيبقى الكثير خاصة كتابه “مستقبل الثقافة المصرية” الذي ربط الثقافة بالتعليم.
أ ش أ