«سيناء على المحك، إما أن تكون قبلة الاستثمار فى الشرق الأوسط، وإما معقلاً للإرهاب والفوضى، والدولة هى من يقرر مصيرها»، هكذا بدأ المهندس تامر الشوربجى، رئيس جمعية شباب مستثمرى سيناء حواره لـ«البورصة»، وقال إن سيناء تعانى إهمالاً اقتصادياً وخدمياً وأمنياً منذ أكثر من 30 عاماً متواصلة، وحتى بعد الثورة مازال مسلسل التهميش مستمراً.
ووصف الشوربجى جهاز تنمية سيناء، الذى هلل له الإعلام باعتباره المنقذ بالوهمى والقاصر عن اتخاذ أى قرار ولا يتعدى كونه مسكناً حكومياً غير فعال، وأنه لن يسهم فى فعل شىء حقيقى إذا ظل على تشكيله وصلاحياته الحالية، حيث إنه لا يعدو كونه وسيطاً بين الوزارات وليس بإمكانه اتخاذ أى قرارات جدية.
وطالب رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بضرورة تكليف جميع الوزارات بوضع أجندة خاصة تستهدف إصدار قرارات من شأنها تسهيل حركة تدفق الاستثمار والتجارة والصناعة والزراعة فى سيناء.
وأوضح أن نصيب سيناء من مشكلة الانفلات الأمنى هو الأكبر، لأنه بعد احراق جميع مقار الشرطة فى مصر نزلت قوات الجيش لحفظ الأمن وهو ما لم يحدث فى سيناء بسبب الاتفاقيات التى تحرم الجيش المصرى من الانتشار على أراضيها، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع بشكل كبير، ناهيك عن العداء الكبير الذى نشأ بسبب الاستهداف الأمنى لأبناء سيناء واعتبارهم إرهابيين من قبل شرطة حبيب العادلى وأعوانه، ممن كانوا يحكمون سيناء بشكل فعلى أثناء فترة حكم مبارك وهذا ما نجنى ثماره الآن.
وأرجع انتشار السلاح فى سيناء إلى تهريب الأسلحة من دول ثورات الربيع العربى، خاصة ليبيا وسوريا وضعف الأجهزة الرقابية، وبالتالى وجدت هذه الأسلحة مكانها وسط جبال وشعاب سيناء، وهذا بدوره يحتاج إلى تبنى الدولة مبادرة لتسليم السلاح وإعطاء الضمانات الكافية لكل من يحمل سلاحاً، وأنه لا مانع من توفير فرص عمل لهم.
وأوضح الشوربجى أنه لم يعد لدى أهالى سيناء الثقة الكاملة فى وعود الحكومة، التى أثبتت فشلها فى إحداث تغييرات حقيقية على أرض الواقع، فيما يخص مسيرة التنمية أو تحسين الظروف الحياتية لأبناء سيناء، ولقد سمعنا على مدار عقود من الزمان شعارات لم تزد على كونها تحليقاً فى سماء البلاغة أو قرارات لا تتعدى حدود الورق المكتوبة عليها، وهو ما أدى إلى حدوث انفصام حقيقى بين سيناء والحكومة فى القاهرة.
وانتقد دور الإعلام لكونه ساهم بدور كبير فى تهميش سيناء، وإن لم يكن يذكرها سوى مرتين فى العام، وهما يوما 6 أكتوبر و25 أبريل، وبعد ذلك تظل منسية طوال العام، بالإضافة إلى وصف أبنائها بالإهاربيين والخارجين على القانون، وتناسى بطولات أبناء سيناء فى تحريرها وأهمهم شيخ المجاهدين سالم الهرش الذى عرضت عليه إسرائيل جعل سيناء دولة مستقلة وتعيينه أميراً لها ورفض ذلك أمام العالم كله فى مؤتمر صحفى كبير.
وقال الشوربجى إن الإعلام يركز ويهلل لأى قرار يصدر عن الدولة وعدم متابعة مردوده أو تنفيذه، وهو ما أدى إلى عزل سيناء ثقافياً واجتماعياً عن مصر.
وطالب بضرورة الإسراع فى إجراءات ربط سيناء بالقاهرة عن طريق خطوط طيران وأسطول نقل برى على أحداث طراز، ما يسهم فى زيادة فى التدفق البشرى إلى هناك وتسهيل حركة الانتقال من وإلى سيناء، بالإضافة إلى إنشاء منطقة تجارية حرة للبضائع المصرية يقام خلالها بيع جميع المنتجات المصرية على أرض سيناء إلى سكان سيناء وشعب غزة.
وشدد رئيس «شباب مستثمرى سيناء» على أهمية قيام هيئة الثروة السمكية بإعادة أحياء مشروعات الاستزراع السمكى، التى اندثرت، خاصة أن سيناء كانت من أكبر مصدرى الأسماك فى الشرق الأوسط إبان فترة الاحتلال الإسرائيل الذى أدرك أهمية هذه الثروات أكثر من أصحابها.
وأوضح أن هيئة الثروة المعدنية مطالبة أيضاً بفتح منطقة صناعية للصناعات الثقيلة لتصنيع الرخام والجرانيت، الذى يصدر كمادة خام إلى الصين، ويعود إلينا بأضعاف التكلفة والطريقة نفسها تتبع مع رمل الزجاج، الذى يتم بيعه إلى تركيا بسعر 20 دولاراً للطن، ثم يعود بعد تصنيعه بسعر 6 آلاف دولار، وماذا يمنع إقامة مناقصة عالمية لتصنيع هذه الثروات داخل سيناء باستثمارات أجنبية وعربية.
وأشار الشوربجى إلى أن سيناء التى تنعم بنوع خاص من الزيت، وهو زيت الزيتون، ومع ذلك لا يوجد بها أى مصنع لتصنيع زيت الزيتون فى المقابل دولة مثل تونس بها 20 ألف مصنع لزيت الزيتون، فى حين مصر تستورد ما تكلفته 35 مليون دولار زيت زيتون.
ونصح بضرورة وضع عدد من التسهيلات والميزات الخاصة لمستثمرى سيناء، وذلك لتشجيع المستثمرين للدخول فى مشروعات استثمارية دون خوف، وأهمها حل مشكلة التمليك للأراضى وإقرار المزيد من الإعفاءات الضريبية وتخفيض أسعار الفائدة على القروض خاصة للمشروعات المقامة على سيناء، وربط شبكة مواصلات وترفيق مدن صناعية جديدة.
وأشار إلى أن سيناء تمتلك من الثروات والمقدرات الطبيعية التى لا تتوفر فى أى مكان آخر فى العالم، لأنها تمتلك ميناءين بحريين هما العريش وشرق التفريعة، ومنافذ برية تصلها بأكثر من دولة مثل منفذ ربح الدولى ومنفذ كرم أبو سالم ومنفذ نويبع ومنفذ طابا، وثلاثة مطارات بالعريش وشرم الشيخ وطابا بما يضمن لأى مستثمر تصدير منتجاته واستيراد خاماته الأولية.
واعتبر الشوربجى أن التمويل إحدى أكبر المشاكل التى تعوق الاستثمار فى سيناء، حيث إن غالبية البنوك تمتنع عن تمويل المشروعات فى سيناء بسبب زيادة المخاطر، بالإضافة إلى عدم قدرة المستثمر على تملك الأرض، وبالتالى فإنه ينبغى على الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى وضع أو تخصيص محفظة تمويل بكل بنك خاصة بالاستثمار فى سيناء مع فائدة منخفضة، خاصة أنه لا يوجد سوى ثلاثة بنوك حكومية فقط، ولا يوجد أى بنوك تجارية هناك وهو ما لا يصح، فلا يمكن أن يكون هناك استثمار دون توفير أدوات التمويل.
كتب – أحمد سلامة