اظهرت دراسة للجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار ان الحكومات المصرية المتلاحقة اعتمدت على الموارد السيادية بنسبة كبيرة لتمويل الموازنة العامة وخطط التنمية فيما تضاءل عائد الإستثمار الحكومي أو القومي. هذا التضاؤل في الاستثمار وتعظيم عائده علي الأجل الطويل أدى إلى عدم قدرة الدولة النهوض بسرعة بالخدمات والخطط التنموية المطلوبة.
واكدت ان الامر يستلزم الان ضرورة النظر للحفاظ علي معدلات الجاذبية الاستثمارية المتاحة لدي قطاعات الاستثمار في الدولة وعلي راسها ” البورصة المصرية ” التي نجحت خلال الاعوام الماضية في ادارة استثمارات 1.7 مليون مستثمر ( اغلبهم من الافراد المصريين ) بحجم تعاملات سنوي بلغ نحو 400 مليار جنيه وبراسمال سوقي يمثل نحو 30% من حجم الناتج المحلي الاجمالي في مصر.
وقالت ان العدالة الضريبية بمعناها الواسع هى توزيع العبء الضريبي على الأفراد والمشروعات توزيعًا عادلاً، وتتدخل في هذا المجال عدّة اعتبارات؛ إذ يجب، مثلاً، التمييز بين دافع الضريبة ومن يتحمل عبئها فعلاً – فهما ليسا بالضرورة شخصًا واحدًا وإذا كانت المساواة المطلقة مستحيلة؛ ، فإن مبدأ العدالة يصاغ بحيث يتضمن شقين الأول: أن الأشخاص المتساوين يجب أن يعاملوا معاملة واحدة ؛ فالأشخاص ذوى المقدرة التكليفية ذاتها يجب أن يتحملوا العبء الضريبي ذاته. أما الشق الثاني فهو يعني أن الأشخاص الذين تتساوى قدرتهم التكليفية لكن ظروفهم مختلفة، والأشخاص الذين تختلف قدرتهم، يجب ألا يتحملوا العبء الضريبي ذاته. ولهذا تُعَدّ فروق الدخل ومقدار الثروة ومستوى الإنفاق أدلة على اختلاف المقدرة على الدفع .
والمقدرة على الدفع هي القدرة النقدية، أي القوة الشرائية الضرورية للوفاء بالالتزام الضريبي؛ فهي تتخذ معنى التضحية الشخصية بالمنفعة (أي الإشباع) معيارًا للعدالة الضريبية؛ لأن المموِّل يُحرَم من الاستخدامات البديلة للمبلغ الذي دفعه كضريبة. و بمعنى آخر فإن المقدرة التكليفية للشخص، ومن ثم قدرته على الدفع، تزداد كلما كان دخله مرتفعًا.
واوضحت الجمعية عدة ملاحظات اهمها ان قانون الضريبة علي الدخل الحالي يعفى الأرباح الناتجة عن التوزيعات, منعا للإزدواج الضريبى حيث سبق تحصيل الضريبة عليها قبل التوزيع بالفعل و هو الامر الذي يتنافي مع اي مقترح يخالف ذلك حيث يخضعه لشبهه الازدواج الضريبى و الطعن عليه و علي اثاره .
وبينت أن القيمة الحالية للوفورات الضريبية تكون أقل في حالة خضوع المستثمر للضريبة على الدخل، ذلك أن حملة الأسهم يفضلون عدم الحصول على التوزيعات في حالة خضوعها لضرائب مرتفعة على الدخل، بالتالي لا يفضلون اعاده استثمارها بالبورصة مما يؤدي إلى انخفاض الوفورات التي كانت تتولد بالسوق و تؤدي في النهاية للحفاظ علي استقراره و بقاء دوره كمصدر تمويل اساسي للاستثمار في مصر .
وقالت ان مادة (31) من قانون الضريبة علي الدخل تنص علي انه يعفى من الضريبة ما يحصل عليه الأشخاص الطبيعيون من عوائد السندات وصكوك التمويل على اختلاف أنواعها المقيدة في سوق الأوراق المالية المصرية التى تصدرها الدولة أو شركات الأموال التوزيعات على أسهم رأس مال شركات المساهمة والتوصية بالأسهم و لتوزيعات على حصص رأس المال في الشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الأشخاص وحصص الشركاء غير المساهمين في شركات التوصية بالأسهم والتوزيعات على صكوك الاستثمار التى تصدرها صناديق الاستثمار.
لهذا فان اي مقترح يخص فرض ضريبة علي التوزيعات سيؤدي لهروب الاسثمارات من سوق المال المصرية بما يضر جذريا بحجم الاستثمارات الخارجية و الداخلية المستهدفة .
واظهرت ان فرض تلك الضريبة سيؤدي بالضرورة الي حدوث ظاهرة ” التخلص من عبء الضريبة ” لدي المستثمرين حيث تمثل الضريبة علي التوزيعات عبئا على المكلف بها يدفعه إلى محاولة التخلص منها إما بنقل عبئها إلى شخص آخر أو التخلص من عبئها بصورة جزئية أو كلية.
والذي يدفع المستثمر إلى محاولة التخلص من عبئها هو عدم وجود مقابل خاص يعود عليه مباشرة منها، كما أن إحساسه بثقل عبئها بصورة خاصة تجعله يسعى بكل الطرق إلى محاولة التخلص منها و هو ما سيمثل بالفعل ضغوطا بيعية قوية علي الاسهم المصرية في فترة التوزيعات في وقت يعاني فيه السوق من عدة مشكلات هيكلية ( ضعف الجاذبية الاستثمارية / عدم الاستقرار / نقص السيولة / تخارج الاجانب ضعف الاستثمار المؤسسي ) و هو امر قد يؤدي إلى الإخلال بمبدأ العدالة في توزيع الأعباء العامة للمستثمرين .
ان أثر فرض اي ضريبة علي التوزيعات على الاستثمار يعتمد على مدى الزيادة التي تحدث من فرض الضريبة على الإستثمار العام بسوق الاوراق المالية فالضريبة لن تؤدي الي زيادة الطلب العام و بالتالي تعويض النقص في الاستثمار الخاص نتيجة لفرض الضريبة بينما يؤدي عدم فرضها إلى الحفاظ علي مستويات الاسثمارات الحالية علي اقل تقدير .
ويلاحظ أيضا أثر الضرائب علي التوزيعات على صغار المستثمرين الذين يعدون القطاع الاكبر في البورصة المصرية فأن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة للأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وعلى الإنتاج وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي وبالتالي يؤدي ذلك إلى انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة.
بالاضافة الى انه نظرا لما تنطوي عليه الضريبة من استقطاب جانب من دخول الأفراد فإنها تؤدي إلى تخفيض الادخار. وما من شك أن ذلك يتوقف على عوامل، لعل من بينها حجم الدخل الفردي، ومستوى المعيشة ومدى رغبة الفرد في العمل والإنتاج لتعويض الاستقطاع الضريبي من جهة، وطبيعة هيكل النظام الضريبي من جهة أخرى.
ولذلك فعلى صانع السياسة الضريبية أن يراعي إحداث قدر من التوازن بين هدفين أساسيين هما، تشجيع الادخار وتحقيق العدالة الضريبية ولذلك فعند فرض الضريبة علي التوزيعات فان قيمه الحصيله المتوقعه للدوله سوف لا تتماشي مع حجم خسائر الاستثمار التي قد تترتب علي تأثيراته.
وتنطوى تأثير الضريبة علي التوزيعات علي الحد من حجم الاستثمارات، كما أن فرض الضريبة يحتم على الدولة زيادة إنفاقها الاستثماري للحفاظ علي استقرار سوق المال المصري لتعويض النقص في الاستثمار الخاص .
لذلك فان محدودية العائد من هذه الضريبة للدوله – علي الاقل بالنسبة لما سيحصل من الشركات المدرجة بسوق الاوراق المالية المصرية – لا يتماشي مع فقدان هذا الحجم من الاستثمارات المتوقع نتيجة لفرضها .
ويمكن ان تؤدى الضريبة علي التوزيعات إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة بسبب تخفيضها لأرباح المستثمرين و على وجه الخصوص بالنسبة للاستثمارات الجديدة و التي يتم السعي بكل الطرف خلال الفترة الحالية لاجتذابها و تنميتها .
كذلك يمكن أن تؤدي الضريبة علي التوزيعات بصفة عامة إلى تغيير هيكل الاستثمارات ، وذلك بسبب ما تؤدي إليه من توسع في الاستثمارات الأقل خطورة والأكثر أمانا والتي يمكن تصنيفها بسهولة ( سحب الاستثمارات من سوق المال و تحويلها لودائع بنكية علي سبيل المثال ) بحيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية و اقل فاعلية استثماريا و اقل قدره تمويليا .
كما إن التطور في معنى آثار الضرائب إلى جانب التغير الذي حل بمفهوم مالية الدولة والسياسة المالية انعكس بدوره على دور الضريبة بنقلها من الحياد إلى التدخل بقصد إحداث تغيرات عميقة في النظام الضريبي تضمن فاعليته في تحقيق سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية بأقل عبء ضريبي ممكن بحيث تحقق أكبر إشباع جماعي مستطاع بأقل تضحية جماعية ممكنة. وهذا ما يجسد اندماج نظرية العبء الضريبي في نظرية الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية و هو ما لا يتماشي مع القاعدة العريضة من صغار المستثمرين الموجودين في سوق المال المصري و الذين يعتمدون كدخول شبة ثابتة علي توزيعات الارباح من جانب الشركات بما لا يعطي مرونة لضغوط فرض هذه الضريبه عليهم .
وكذلك ستؤدي الضريبة علي التوزيعات – اسوة بتجارب دول اخري – الي تقلص في حجم التوزيعات من جانب الشركات و اضعاف للجاذبية الاستثمارية للشركات التي تقوم باجراء توزيعات ارباح و هو اتجاة سيحد من مورد هام لضخ السيولة داخل السوق خلال الفترة القادمة و سيؤدي الي نماذج من التحايل علي القانون و بالتالي تعرض البورصة لمخاطر النمو في الاستثمار المضاربي العشوائي .
كما ان الضريبة علي التوزيعات لها اثار محاسبية و ضريبية دقيقه غير واضحة علي راسها ان الضريبة ستفرض علي الارباح التي يتم توزيعها عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس و هو امر يثير التساؤل خاصة و ان الضريبه هنا ستكون مفروضه علي زياده رؤوس الاموال في هذه الحاله و هو امر لا يتماشي مع النظم المحاسبيه و الضريبيه الحاليه لانه سيتسبب في ازدواج ضريبي جديد بفرض ضريبه علي مصدر تمويل زياده راس المال و علي ناتج تشغيل راس المال ( صافي الارباح السنويه للشركة ) ثم علي توزيعات الارباح لهذا فهناك ضروره لاعادة النظر في هذا القرار خاصه فيما يتعلق بالتوزيعات العينيه للاسهم .
واكدت الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار ان الضرائب علي التوزيعات ستؤدي لفقد البورصة المصرية جاذبيتها الاستثمارية كما انه يشوبها العديد من المشكلات التطبيقية و شبهه الازدواج الضريبي بما لا يسمح بدراسة اي مقترح يخص مثل هذا الاتجاة .