وقال الأزهرى فى اجتماع الشق رفيع المستوي للدورة الـ316 لمجلس إدارة منظمة العمل الدولية تحت عنوان الأبعاد الاجتماعية للعولمة: الآفاق الاقتصادية العالمية وأجندة العمل اللائق أنه في الوقت الذي يتم تقديم هذه الورقة لتعرض صورة شاملة حول الوضع الراهن للإقتصاد العالمي وآفاقه المستقبلية فإنها فقط تناولت الوضع الإقتصادي بالدول المتقدمة مع التركيز بشكل خاص علي عدم الاستقرار المالي وارتفاع معدلات بطالة الشباب في أوروبا. فعلي سبيل المثال القسم الثاني من الورقة المعنون بـ “الزيادة السريعة في البطالة خاصة في أوروبا” قدم في فقرتين مقتضبتين بيانات حول معدلات البطالة في دول الاتحاد الأوروبي، وتجاهل تماماً استفحال أزمة التوظيف والبطالة التي يعاني منها الشباب في بقاع أخري من العالم.
وقال لم يقدم الجزء الخاص بـ “معدلات النمو في الدول البازغة والنامية” بيانات كافية حول هذه القضية تحديداً بالنسبة للدول الأفريقية النامية والأقل نمواً. وعلي نفس النهج يشير القسم الخاص بـ” اتساق السياسات العالمية” إلي إعلانات تم تبنيها خلال قمة مجموعة دول العشرين في المكسيك في يونيو 2012، وأخري تم اعتمادها في القمة الأوروبية في نفس الشهر، وكذلك إلي الإعلان الختامي الصادر عن الشق رفيع المستوي للمجلس الإقتصادي والإجتماعي في يوليو الماضي، متناسياً إدراج أية إشارة للتطورات المماثلة التي قد تكون حدثت إتصالاً بذات الموضوع في مناطق أخري من العالم، ومغفلاً تحليل مدي الاتساق والتناغم بين هذه المبادرات والإعلانات المختلفة وماهية الدور الذي يمكن لمنظمة العمل الدولية القيام به مستقبلاً في هذا الشأن.
وأضاف أنه في المجمل، فإن المجموعة الأفريقية تري أن الوثيقة المعروضة بإسقاطها الإشارة إلي الوضع الإقتصادي في المناطق المختلفة من العالم، بما فيها القارة الأفريقية، افتقرت إلي التوازن المطلوب لعرض صورة شاملة حول التحديات الإقتصادية العالمية.
وإتصالاً بما تقدم، ترجو المجموعة الأفريقية من سكرتارية المنظمة إعادة النظر في المقترب الذي تتبعه لدي إعداد مثل هذه التقارير بغرض تعزيز شموليتها بالشكل الذي يعين علي التدبر في التحديات التي تواجه تطبيق أجندة العمل اللائق عالمياً. وفي هذا الصدد فإننا ندعو السكرتارية لتعزيز التنسيق مع اللجان الإقتصادية الإقليمية للأمم المتحدة والمنظمات الأفريقية بما فيها الإتحاد الأفريقي فيما يتعلق بعملية تجميع البيانات اللازمة لإعداد مثل هذه التقارير.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه أجندة العمل اللائق، قال تود المجموعة الأفريقية تسليط الضوء علي العناصر الآتية وهى رغم زيادة حجم ومعدلات النمو في أفريقيا خلال العقد الأخير فأن البيئة العالمية غير المواتية ألقت بظلالها علي عدد من الدول الأفريقية خاصة تلك التي تعتمد أكثر من غيرها علي أسواق الدول المتقدمة. فبرغم تحقيق القارة الأفريقية عام 2012 لمعدل نمو يناهز 6% نتيجة تبني سياسات إقتصادية كلية معززة وتحسن حالة الاستقرار السياسي وارتفاع أسعار المواد الخام واتساع قاعدة الإستهلاك، فأن تذبذب أسعار المواد الخام واستفحال أزمة بطالة الشباب وتدهور معدلات الأمن الغذائي والتبعات السلبية للتغير المناخي تظل ضمن التحديات الكبري التي تواجهها أفريقيا.
وقال أن العنصر الثانى أن القارة الأفريقية تعد الأكثر شباباً بين كافة مناطق العالم، حيث يوجد بها 200 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشر والأربعة وعشرين عاماً. وبالتوازي مع ذلك فإن الشباب الأفريقي ينال حالياً قسطاً أفضل من التعليم، حيث سترتفع نسبة الحاصلين علي الشهادة الثانوية لمن هم ما بين العشرين والأربعة وعشرين من 42% إلي 59% عام 2030، ومن أجل تحويل هذا النمو في معدلات التعليم إلي مورد بشري فاعل وفرصة إقتصادية فإن الدول الأفريقية تحتاج إلي أن تركز علي توظيف الشباب وخلق فرص جديدة للعمل.
وأضاف فيما يتعلق بتوظيف الشباب تحديداً، فإنه مما لا شك فيه أنه تم توفير فرص كثيرة للعمل في أفريقيا خلال العقد الأخير ولكن هذه الفرص لم تكن كافية لاستيعاب عدد الشباب الباحثين عن عمل. ففي الفترة التي تم فيها خلق 78 مليون فرصة عمل بأفريقيا خلال الفترة من عام 2000 إلي عام 2008 لم يستفد الشباب سوي من 16 مليون وظيفة فقط، وهو الأمر الذي يفسر أن 60% من العاطلين في أفريقيا من الشباب وإن معدل بطالة الشباب يصل إلي ضعف معدل بطالة الفئات السنية الأخري في غالبية الدول الأفريقية.
وقال أنه فيما يخص الحريات والحقوق الأساسية في العمل، فإنه من الثابت أن شركاء العمل في أفريقيا يواجهون عدداً من التحديات التي تشمل عمالة الأطفال والتمييز والحوار المجتمعي. ومن ثم فإن المجموعة الأفريقية تؤكد علي أهمية تبني المنظمة لوسائل مبتكرة لمعالجة هذه التحديات في ضوء الموارد المحدودة المتوفرة للبرامج والمشروعات التي تستهدف تعزيز وتحقيق المبادئ والحقوق الأساسية في العمل في أفريقيا. وفي هذا الشأن فإن زيادة الاعتماد علي الموارد التي تأتي من خارج الميزانية العادية لتمويل برامج التعاون الفني باتت تمثل مبعثاً للقلق نظراً للتبعات المترتبة علي زيادة هذا النهج علي كمية وجودة المساعدات التي تقدمها المنظمة لشركائها.
وأضاف أن العنصر الخامس هو الإقتصاد غير الرسمي، وإزالة المعوقات التي تقف أمام الشركات متوسطة ومتناهية الصغر وتحول دون مساهمتها في دفع النمو وخلق الوظائف اللائقة يعد من الأولويات المتقدمة لدي الحكومات الأفريقية. فمع استمرار دعم انتاجية وتنافسية الشركات الكبري القائمة لما تمثله كمصدر رئيسي للعمل اللائق، فإن الإقتصاد الريفي وغير الرسمي سيظل لهما دوراً هاماً في استيعاب اليد العاملة الشابة التي تحتاج إلي الدخل ويجب أن ينظر إليهما بمقدار ما يقدماه من فرص.
وعلي صعيد الحماية الاجتماعية، فيتم في الأغلب معالجة تحدياتها من خلال آليات وطنية تعكس الأولويات والاحتياجات الوطنية الملحة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، مع تزايد الإدراك للدور الإيجابي للتعاون في هذا الصدد مع المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية. ولعل تبني الدورة الـ101 لمؤتمر العمل الدولي توصيته الخاصة بالحماية الإجتماعية يسهم في صياغة رؤية جديدة ويبلور وسائل فعالة لقياس حجم التقدم المحرز تجاه تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية المتفق عليها، ومنظمة العمل الدولية قادرة علي قيادة الصفوف في هذا المجال من خلال قدراتها في مجال دعم عمليات صناعة القرار علي المستوي الوطني ورسم السياسات وتنفيذها.
وأوضح أنه بالنسبة للقارة الأفريقية، فإن إعلان قمة واجادوجو عام 2004 وما تمخض عنها من خطة عمل وآلية متابعة خاصة بالتوظيف والتخفيف من حدة الفقر في أفريقيا يظلوا حجر الزاوية في إطار مسعي الدول الأفريقية لبلورة تحرك مشترك لإدراج التوظيف ومحاربة الفقر كأهداف رئيسية للسياسات الإقتصادية والإجتماعية بالقارة. وقامت الدول الأفريقية في العديد من المناسبات بمراجعة تنفيذ خطة عمل واجادوجو، بمشاركة منظمة العمل الدولية والشركاء الدوليين الأخرين، وتقدم الوثيقة الختامية للإجتماع الأفريقي الإقليمي الثاني عشر لمنظمة العمل الدولية في جوهانسبرج عام 2011 خارطة طريق واضحة للأوليات الأفريقية فيما يتعلق بالعمل اللائق في القارة الأفريقية.
كتب – محمود صلاح الدين