زادت وتيرة التعاون الاقتصادى بين مصر وتركيا بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، بعدما تبين حرص الجانب التركى على تقديم حزمة مساعدات لمصر بقيمة مليارى دولار لاستخدامها فى دعم احتياطى مصر من النقد الأجنبى وتمويل مشروعات البنية الأساسية بما يسهم فى تعزيز أوضاع الاقتصاد المصرى ومساعدته على استعادة الاستقرار ومعاودة النمو.
ورغم التفاؤل بمستقبل العلاقات بين البلدين، ومدى الاستفادة التى يمكن أن تقع على الاقتصاد المصرى من ورائها، أعرب محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين عن مخاوفه من الاتفاقيات الـ 27 التى تم توقيعها بين البلدين فى العديد من المجالات بهدف استقطاب استثمارات تركية جديدة لمصر، مؤكداً أن تلك الاتفاقية ستكون لها عواقب سلبية على الاقتصادى المصري، خاصة فى ظل خلل فى الميزان التجارى لصالح الجانب الآخر، حيث إن الفارق بين الصادرات والواردات من تركيا كان لا يتجاوز 50 مليون دولار، حيث وصل فى عام 2009 إلى 1.7 مليار دولار بسبب واردات الحديد.
وطالب جنيدى بضرورة العمل على تحسين الميزان التجارى بين مصر وعدد كبير من دول العالم من خلال زيادة الصادرات والتقليل من الواردات بقدر الامكان وهو ما لا يمكن تطبيقه حال التعاون مع تركيا لتفوقها فى الكثير من المجالات ما يقلل من القدرة التنافسية للمنتج المصرى.
اضاف ان الناتج المحلى لتركيا ارتفع خلال العشرة اعوام الاخيرة لأكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 772 مليار دولار عام 2011، مقابل 231 مليار دولار فى 2002 طبقا لتقارير معهد الاحصاء التركى، اضافة لكونها أكبر ثامن عشر اقتصاد على مستوى العالم، ما ينذر بخطر التعاون مع هذا الكيان الاقتصادى نظراً لانعدام التكافؤ بين الصناعات المصرية والتركية.
وتبلغ قيمة الصادرات التركية نحو 135 مليار دولار بعد أن شهدت زيادة بنسبة 275% خلال الفترة الممتدة بين عامى 2002 و 2012.
طالب معتصم راشد، المستشار الاقتصادى للاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين الحكومة المصرية بدعم رجال الأعمال المصريين من خلال تقديم نفس التسهيلات التى تقدم لرجال الأعمال الأتراك وذلك خلال منتدى الأعمال المصرى التركى والذى شهد حضور وزراء الاستثمار والاسكان والصناعة والتجارة وعدد من جمعيات رجال الأعمال المصريين وأعضاء الوفد المرافق لرئيس الوزراء التركي.
وأكد ان هذه الاتفاقيات ستجعل من مصر سوقاً للمنتج التركى مثلما فعلت الصين مؤخراً دون استفادة الصناعة والمنتج المصرى من هذة الاتفاقيات، مضيفاً ان ظروف الاستثمار فى السوق المصرى أصعب من التركى نظراً لارتفاع اسعار الأرضى مقارنة بمصر، بالاضافة إلى دعم الحكومة التركية لخفض الضرائب للمصدرين وتسهيل عمليات التصدير منها واليها.
وأعرب عن آماله بتحقيق تصريحات زوهال مان سفيلد رئيس الجانب التركى لمجلس الاعمال المصرى التركى خلال المؤتمر الذى طالب بزيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى 10 مليارات دولار بدلا من 5 مليارات الذى لايعكس الحجم الاستراتيجى الحقيقى للبلدين.
واعترض راشد على سوء تنظيم جمعية رجال الأعمال المصريين، والجمعية المصرية لتنمية الأعمال « ابدأ « خلال اليوم الأول للمؤتمر الذى كان مخصصاً لعقد لقاءات مشتركة بين رجال الأعمال بين الجانبين للتعرف على الفرص الاستثمارية بالسوق المصرى، وبحث سبل التعاون بين الشركات، مضيفاً أنه لم يستطع التعرف على رجال الأعمال الأتراك وذلك لارسال الجمعيات المنظمة مواعيد حضور تختلف عن توقيتات رجال الأعمال الأتراك.
وطالب محمود حازم، عضو مجلس إدارة شركة global consolidated contractors بتفعيل الحكومة للاتفاقيات التى تم توقيع بعضها مع الجانب التركى ومن الممكن أن تؤدى إلى توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين مما سيعود بالنفع على حالة الاقتصاد المصرى بصفة عامة.
وأوضح ان الوفد المشارك لرئيس الوزراء التركى من المتوقع أن يسهم فى عدد من المشروعات الكبرى داخل مصر ومنها محور قناة السويس ومشروع شرق التفريعة.
وأشار إلى أهمية توطيد الحكومة المصرية علاقاتها مع عدد من الدول الصاعدة فى قارة آسيا خاصة ماليزيا وسنغافورا وهونج كونج والعمل على تبادل الخبرات والسلع مع هذه الدول بدلاً من الاقتصار على عدد من الدول الاقتصادية الكبرى.
وأوضح أنه تحدث مع مسئولى عدد من الشركات التركية العاملة فى قطاع المقاولات والانشاءات للتعاون فيما بينهم خلال المرحلة المقبلة، مضيفا أن رجال الاعمال الاتراك أبدوا استعدادهم لدراسة الموضوع.
وحذر المستشار عادل رحومة، الأمين العام للجانب المصرى لمجلس الأعمال القطري، من استمرار اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا بصورتها الحالية، مؤكداً أن الاتفاق بين البلدين يجب أن يصب لصالح كليهما، ولكن ما يحدث حالياً سيسهم فى زيادة فجوة الميزان التجارى لصالح تركيا، الأمر الذى يتطلب مراجعة تلك الاتفاقية.
وأشار إلى ان مصر تعانى عجزاً فى الميزان التجارى مع تركيا يقدر بنحو 260 مليون دولار عام 2012، لافتاً إلى أن هناك فرصاً استثمارية وتجارية واعدة تنتظر التبادل التجارى بين البلدين خاصة مع استعانة مصر بالخبرة التركية فى مجال النسيج وصناعة الملابس حتى تتمكن مصر من اعادة هيكلة القطاع الذى يكبد الدولة خسائر سنوية تقدر بملايين الجنيهات.
اضاف ان تقدم تركيا فى مجالات الصناعات الغذائية والهندسية والمنسوجات والملابس يفتح أمامها أسواقاً تجارية ضخمة فى مصر بسبب نقص السلع الغذائية، حيث تستورد 50% من احتياجاتها الأساسية من السلع الغذائية.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر فى جميع المجالات ومنها الطاقة والصناعة والخدمات ومشروعات التنمية الزراعية والسياحية بالاضافة إلى توسيع اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا لتشمل الاسماك والحاصلات والسلع الزراعية.
وأوضح ان هناك فرصة كبيرة لتحويل هذا التعاون إلى تحالف وشراكة حقيقية بين الدولتين لاستخدام أسواق كل منهما كنقطة انطلاق للأسواق المجاورة.
وقال الأمين العام للجانب المصرى بمجلس الأعمال المصرى القطرى أن واردات مصر السنوية من الخارج بلغت 50 مليار دولار، وهو ما يشكل ضغطًا شديدًا على موارد الدولة من النقد الأجنبى الذى تراجع بشدة عقب اندلاع الثورة المصرية.
وقال احمد سعيد مالك، نائب مجلس الإدارة شركة Islamic weaving&plastics لصناعة البلاستيك والنسيج ان المؤتمر يعد من أفضل المؤتمرات التى عقدت خلال الـ10 سنوات الأخيرة فى مصر وذلك لجدية الشركات التركية المتواجدة للاستثمار فى السوق المصري.
وطالب مالك بدعم الحكومة المصرية للمستثمرين المصريين لانشاء مصانع عملاقة لمنافسة المنتجات التركية التى من الممكن أن تغرق السوق المصرى ما سيؤدى إلى تدهور الصناعة المصرية.
وأشار إلى اهمية اهتمام الحكومة المصرية بالدول الأفريقية الصاعدة مثل جنوب أفريقيا التى من الممكن أن تسهم استثماراتها فى ازدهار الصناعة المصرية.
وتوقع ان تزدهر صناعات الغزل والنسيج والغذاء خلال المرحلة القادمة نظرا لاهتمام عدد كبير من الشركات التركية والأوروبية بالاستثمار فى هذه القطاعات التى تعد من الأكبر نمواً فى مصر، ومن المنتظر ان ترتقى الصناعة المرحلة المقبلة، حيث تعد مصر سوقاً واعداً للاستثمار الخارجى خاصة التركى لتقارب الثقافات بين الشعبين، مشيراً إلى انه يجب على الحكومة الانتهاء من المخطط التنموى الشامل حتى عام 2052 لتنويع الاستثمار فى جميع محافظات مصر.
وأبدى مالك غضبه من التظيم السيئ من قبل الجمعيات المنظمة وعدم تنظيم جلسات العمل بين رجال الأعمال فى الجانبين.
وأعربت الشركة الهندسية للصناعات والتشييد «سياك» المشاركة فى المؤتمر التركى بصفتها راعيا لاتينيا للمؤتمر عن استفادة الشركات المصرية بتواجد الوفد المصاحب لرئيس الوزراء التركي، مضيفاً أن هذا التجمع سيعمل على زيادة حجم الاستثمارات التركية ـ المصرية خلال العام المقبل، خاصة بعد تدهور الاقتصاد المصرى بعد اندلاع الثورة المصرية.
إلى ذلك، أكد ناجى ألبير، مستشار جمعية الصداقة المصرية الايطالية، أن تركيا على طريق الشراكة الاقتصادية مع مصر خاصة مع وجود أكثر من 300 مصنع تركى فى السوق المصرى يعمل بها أكثر من 50 ألف عامل مصري.
وأوضح انه كانت هناك مقدمات لهذا التعاون بين البلدين خاصة مع افتتاح هشام زعزوع، وزير السياحة مؤخراً خط طيران جديدا يربط بين اسطنبول ومدينتى شرم الشيخ والغردقة، أكد أن هناك توجها تركيا بإنشاء مشروعات صناعية كبرى فى مصر خلال الخمس سنوات المقبلة فى عدد من المجالات على رأسها الأسمنت والزجاج والطاقة والتى ستؤدى إلى زيادة الاستثمارات التركية فى مصر إلى 5 مليارات دولار مقابل 1.5 مليار دولار حالياً.
وأشار إلى ان الاقتصاد المصرى فى حاجة إلى استثمارات خلال المرحلة الحالية، متوقعاً ان يرتفع حجم الاستثمارات التركية فى مجال الطاقة البديلة والمتجددة.
وتوقع ارتفاع حجم الاستثمارات التركية بنهاية العام المقبل ليتعدى 1.5 مليار دولار، خاصة فى قطاعات السيارات والنسيج والملابس الجاهزة.
وانتقد ألبير خطاب رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركى فى جامعة القاهرة، لافتا إلى انه حماسى وتطرق فيه إلى أحداث غزة وسوريا ولم يتحدث عن التعاون الاقتصادى بين مصر وتركيا خلال المرحلة المقبلة وكيفية تقوية هذه العلاقات فى ظل رغبة تركيا التواجد أكثر فى الأسواق الافريقية والعربية من خلال البوابة المصرية.
وأوضح ان هناك تفاوتا كبيرا بين الاقتصادين المصرى والتركي، تحتل تركيا المرتبة السادسة عالمياً جذباً للسياحة والأولى أوروبيا فى صناعة النسيج لذلك يجب الاستفادة منها لانقاذ صناعة النسيج فى مصر.
وطالب أحمد الزيني، رئيس شعبة البناء بغرفة القاهرة الحكومة المصرية والشركات المحلية بضرورة التعرف على كيفية تصدير تركيا للحديد بسعر منخفض فى ظل ارتفاع أسعار الطاقة الموجه للصناعة الذى يقدر بنحو 80 دولارا للطن مقارنة بمصر التى تصل إلى 25 دولاراً.
وأوضح ان ما يستورد من تركيا لا يمثل سوى 15% من إنتاج مصر الشهرى من الحديد البالغ نصف مليون طن.
وأكد على ان السوق المحلية تحكمة سياسة العرض والطلب ومفتوح أمام جميع دول العالم ويتعين على الحكومة توفير منتج بمستوى عالى من الجودة وبأسعار مناسبة.
وطالب محرم هلال، رئيس مجلس الأعمال المصرى القطرى الحكومة المصرية، بإنشاء مشروعات وطنية جديدة للحفاظ على المنتجات وتشغيل العمالة، مشدداً على أهمية ان تكون الاستثمارات التركية حقيقية تصب فى مصلحة الاقتصاد القومي.
وأوضح انه يجب ان يكون الهدف الأول من هذه الاستثمارات المساهمة فى القضاء على البطالة التى وصلت زروتها فى المرحلة التى اعقبت الثورة.
وطالب هلال الحكومة المصرية بتقديم حزمة جديدة من التسهيلات لجذب الاستثمارات الأوروبية بصفة عامة والتركية والقطرية بصفة خاصة.
وتوقع محمد الكتاتني، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الكتاتنى للإسكان والتعمير أن يكون هناك اتجاهاً جديداً للحكومة المصرية المرحلة المقبلة للتعاون مع دول العالم خاصة التى لديها علاقات ثقافية وحضارية مع مصر، متوقعاً ان تتزايد مثل هذه الاتفاقيات بين مصر وغيرها من دول العالم فى القريب العاجل، والتى ستعمل على توفير فرص عمل كبيرة تسهم فى انخفاض معدلات البطالة التى تعد إحدى المظاهر السلبية فى المجتمع.
وقال أسامة الجبالي، مساعد رئيس مجلس إدارة شركة «ريدكون» للتعمير ان المؤتمر يعد أول تحرك إيجابى بالنسبة للحكومة المصرية بعد الثورة لفتح أسواق خارجية وانه من الممكن ان تصبح مصر بوابة للمنتجات التركية فى الأسواق الافريقية والعربية وان تصبح تركيا بوابة للمنتجات المصرية فى السوق الاوروبى.
وطالب الجبالى الحكومة المصرية باصدار قرار بتقديم تسهيلات ائتمانية للشركات المصرية فى الأسواق الخارجية من خلال فتح حدود ائتمانية للشركات فى البنوك المصرية، مؤكداً أهمية تسهيل اشتراطات البنك المركزى لفتح ائتمانات خارجية.
كتب – أحمد سمير ورنا فتحى