استحوذت المعركة التي وقعت مؤخراً بين عملاقي التكنولوجيا: (أبل) و(سامسونغ)، على عناوين الأخبار الرئيسة في أنحاء العالم جميعها، وهدّدت بزعزعة هذه الصناعة على نحو خطيرٍ. ولكن ما لا يعرفه المتابعون العاديون للأخبار هو أن حروب براءات الاختراع هذه ليست وليدة الأمس.
خلال حفل مميز أقيم في سان فرانسيسكو في 12 من شهر سبتمبر/ أيلول، كشفت شركة (أبل) عن هاتفها (آيفون 5) الذكي والجديد كليا. وتشتهر الشركة الأمريكية متعددة الجنسيات والمعروفة عالميا، بمجموعتها الممتدة والرائجة من المنتجات، منها: (الآيبود) و(الآيباد) وحواسيب (ماكنتوش) الشخصية. والآن يأتي آيفون 5 الجديد، المصمم بحجم شاشة أكبر تبلغ 4 إنشات، والمتمتع بقوة معالجة أسرع بفضل رقاقته (آي 6) وقدرة اتصال لاسلكية “فائقة السرعة” ترتكز على تقنية التطور طويل الأمد (LTE)، ما يجعل منه جهازا جذابا وأنيقا بلا شك. وعقب 9 أيام فقط من الإعلان عن (الآيفون 5)، طرحت (أبل) جهازها الذكي الجديد في الأسواق، محطمة الأرقام القياسية في المبيعات؛إذ بلغت أعداد الطلبات المسبقة للشراء بالملايين، خلال الأيام القليلة الأولى.
وبينما يواصل المنتج الجديد لـ(أبل) جذبه للمستهلكين، كانت الشركة قبل فترة ليست ببعيدة محط الأنظار لسبب مختلف كليا؛ إذ خاضت نزاعا حول براءات الاختراع مع منافستها الرئيسة في مجال التقنيات الإلكترونية: مجموعة (سامسونغ). وقد بلغ هذا النزاع ذروته في 24 أغسطس/آب، حين أصدرت المحكمة قرارا يقضي بمنح (أبل) تعويضا عن الأضرار بقيمة 1.05 مليار دولار، لانتهاك براءات اختراعها الخاصة بالأجهزة الذكية. وعلى الرغم من هذا النصر المدوي لأبل، يبدو أن القضية لم تنته بعد؛إذ سيتجه كل من (أبل) و(سامسونغ) إلى المحكمة مجددا، لخوض جولة أخرى من الدعاوى المضادة والاستئنافات.
وليس هذا سوى جزء يسير من “حرب براءات الاختراع”؛ إذ يتم تناقل الإشاعات على صفحات الويب، بأن شركة مصنعة أخرى للأجهزة المحمولة، تتطلع إلى الولوج في هذه الحرب. وفيما لا يعد هذا التصعيد أمرا مستجدا في مجال تكثر فيه النزاعات المتعلقة ببراءات الاختراع- وهو ما يحفز على مزيد من الابتكار- فالعديد من الأشخاص ينظر إلى خطوة (أبل) الاستراتيجية، بوصفها مجرد محاولة لإضعاف منافسيها بدلا من حماية ملكيتها الفكرية. وفيما قد ينتقد البعض شركة (أبل) لفتحها النار حول ما يرونه أمرا تافها، فإن خلاصة القول هي: إن الشركة قد دافعت عن نفسها وعن صاحب براءة الاختراع.
تقول غايل هانلون، أحد المستشارين لدى شركة (كيرتيس- Curtis) للمحاماة، والتي تتفق بحرارة مع الحكم الذي صدر في نهاية شهر أغسطس/ آب في قضية (أبل) و(سامسونغ): “من المهم للشركات أن تحمي بشدة حقوق ملكيتها الفكرية”. وتبلغ خبرة هانلون في التعامل مع قضايا الملكية الفكرية أكثر من 10 سنوات، فقد عملت عضوا في اللجنة الاستشارية لشركة أبل، خلال قضية انتهاك حقوق الملكية الفكرية التي رفعتها ضد شركة (مايكروسوفت) في العام 1995. لقد تكشفت تلك القضية البارزة في وقت لم تكن فيه (أبل) بعد الشركة الأولى في مجالها كما هي اليوم، وما لا يعرفه الكثيرون هو أنها في الواقع قد خسرت تلك القضية.
بقلم : الكسندر سوفوكليس بييري
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط