تسود الأسواق قناعة بأن الأزمة الاقتصادية العالمية التى طال أمداها لن تنقشع ـ قريباً ـ بعد ان فشلت الحكومات فى التوصل لحلول جذرية باستثناء المسكنات على غرار برنامج التيسير الكمى الامريكى الذى دخل جولته الثالثة وآلية الاستقرار الاوروبى وغيرهما. ومع استمرار الأزمة التى ألقت بظلالها على الأسواق الدولية من الطبيعى ان تظهر بعض الاتجاهات الجديدة فى إدارة الأصول تسيطر عليها الرغبة فى تجنب المخاطر بشكل كبير.
وتعتبر استثمارات البنية التحتية من أهم القطاعات التى تتميز بمستوى منخفض بين المخاطر وهو ما دفع «بلاك روك»، أكبر صندوق استثمارى فى العالم، لاطلاق أولى غزواته فى سوق ديون البنية التحتية العالمي.
تأتى أهمية هذا التحول فى الوقت الذى تسببت القيود المفروضة على البنوك لرفع احتياطات رأسمالها فى الحد من حجم المحافظ المخصصة للمشروعات الحكومية الكبيرة، وهو ما أدى إلى إحداث فجوة يمكن لهذه الصناديق ان تعوض جزءاً كبيراً منها، كما ان دخول مستثمرين بحجم صندوق «بلاك روك» إلى هذا اسوق له أهميته ـ أيضاً ـ فى تشجيع مستثمرين آخرين على ضخ أموال فى البنية التحتية مثل صناديق المعاشات، فضلاً عن صناديق الثروة السيادية التى تتمتع بسيولة مالية هائلة.
وفى ذات السياق، قالت هيئة الاستثمار الكويتية التى تعد واحدة من أقدم صناديق الثروة السيادية فى العالم ومن أكبرها، انها تدرس الاستثمار فى هذا السوق ولكنها تود أولاً أن تتابع أداء مجموعات كبيرة مثل بلاك روك وصناديق المعاشات مع دخولها لهذا النوع من الأنشطة.
استعانت شركة «كيا» لأول مرة بخبراء بنية تحتية لبحث امكانية الاستثمار فى هذا السوق.
وتعد البنية التحتية مجالاً حيوياً للحكومات التى تتطلع لدفع الاقتصادات المتباطئة، والوسيلة الوحيدة ـ تقريباً ـ لاستخدام أموال مستثمرين من القطاع الخاص فى مشروعات مثل بناء المدارس والمستشفيات والطرق والسكك الحديدية وهو ما يدعم بدوره توفير الوظائف والنشاط الاقتصادى.
وقال مستثمرون لجريدة «الفاينانشيال تايمز» إن جذب صناديق المعاشات وشركات التأمين وصناديق الثروة السيادية أصبح أكثر أهمية مع انسحاب البنوك من السوق بسبب الضغوط التنظيمية والقيود الرأسمالية.
وأوضح جيم باري، مدير الاستثمار فى الطاقة المتجددة والبنية التحتية فى «بلاك روك»، انهم دشنوا هذه الوحدة استجابة للعملاء من صناديق المعاشات وشركات التأمين الذين يرغبون فى التعامل على أصول قليلة المخاطر وتقدم عائدات أعلى من السندات الحكومية.
وتشير الصحيفة إلى ان أوراق الديون الخاصة باستثمارات البنية التحتية تقدم عائدا أعلى حوالى 3% من سندات الخزانة الامريكية.
ولكن مازال التحفظ يسيطر على العديد من صناديق المعاشات التى أبدت اهتماما بالبنية التحتية، جراء القلق من بعض المشكلات التنفيذية التى قد تعطل مشروعات الحكومة ما يؤثر على تأجيل الانتهاء منها وبالتالى تطول المدة وينخفض العائد على العكس من السندات التقليدية، وعلى سبيل المثال، هناك مخاطر تتعلق بمشروعات التشييد والبناء مثل تأجيلها أو تأخر تسليمها ويرى مديرو الصناديق انه ينبغى على الحكومات ضمان تلك الاصول حتى تصبح أكثر جاذبية لمديرى الصناديق الذين يتسمون بالحذر فى قراراتهم الاستثمارية.
وتقدر منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية مشروعات البنية التحتية التى سوف تحتاج تمويلات بقيمة 3 تريليونات دولار بحلول 2018 ونحو 50 تريليون دولار مطلع 2030.
اعداد – رحمة عبد العزيز