يسعى مجلس الاستقرار المالى لتضييق الخناق على ما يسمى صيرفة الظل، إلا أن هذا قد يضر بقطاع البنوك الاستثمارية.
واعتقد المحللون قبل الأزمة المالية العالمية أن قطاع صيرفة الظل قد يكون المتسبب الرئيسى فى المشكلات، ورغم تخفيف البنوك من أكثر نشاطاتها خطورة وصبها فى قطاع صيرفة الظل، تبين مع بداية الأزمة أن البنوك تدمرت بشكل أكبر دون سواها.
ويذكر تقرير لمجلة «ذا بانكر» أن حجم قطاع صيرفة الظل نما بشكل طفيف منذ الأزمة بقدر لا يتناسب مع الفجوة التى خلفها تخلص البنوك من معظم أصولها الخطرة، حيث يقدر حجم القطاع بـ 67 مليار دولار فى 2011، مقارنة بـ 62 مليار دولار فى 2007.
ويثير إرتفاع المخاطر فى قطاع صيرفة الظل الذى لا يخضع لتنظيم القلق بعد زيادة القيود على البنوك مما حظر عليها بعض الأنشطة التى كان مسموحا بها سابقا.
ويخشى مجلس الاستقرار المالى من النشاطات التى تقوم بها صناديق الاستثمار فى الأوراق المالية قصيرة الأجل بتقديم قروض قصيرة المدى لقطاع البنوك الخاضع للتنظيم، بالإضافة إلى ما يعرف بـ «إعادة الرهن» أى إعادة استخدام أصول العملاء.
و أعلن المشرعون العاملون تحت مظلة مجلس الاستقرار المالى عن خطط مفصلة لمحاربة تهديدات «صيرفة الظل» وهى المؤسسات المالية من غير المصارف التى تقوم بنشاطات مشابهة لنشاطات البنوك.
وأظهرت أحدث بيانات المجلس أن المؤسسات المالية «الأخرى» التى تمارس «صيرفة الظل» امتلكت 67 تريليون دولار فى 2011، أى حوالى ربع الأصول المالية فى 25 دولة بالإضافة إلى منطقة اليورو التى أجريت عليها الدراسة.
ويمثل هذا الرقم حوالى نصف حجم قطاع البنوك العالمى الذى يقدر بنحو 130 تريليون دولار، وهو بالتأكيد أكبر بكثير من حجم شركات التأمين وصناديق المعاشات الذى يبلغ 43 تريليون دولار.
وقال مجلس الاستقرار المالى إنه ليس لديه مشكلة مع العديد من أشكال “صيرفة الظل” التى لا تتضمن نفس طريقة البنوك فى الحصول على الودائع واستخدامها فى تقديم قروض.
وقال اللورد تيرنر، المشرع البريطانى الذى يقود أعمال المجلس، إن المخاوف بشأن “صيرفة الظل” تتركز على المؤسسات التى تقوم بنوعين محددين من النشاطات المشابهة لنشاطات البنوك، فتلك المؤسسات تحصل على الأموال إما من خلال استخدام نفس الأصول أكثر من مرة أو من خلال القيام بما يعرف بـ“بتحويل آجال الاستحقاق” أى الحصول على أموال أو أصول قصيرة المدى ثم اعطائها لشخص آخر لأجل طويل.
وفى الحالتين فإن قطاع صيرفة الظل معرض لهروب المستثمرين، لذا يرى المجلس ضرورة تنظيمه لضمان امتلاكه لرأسمال كاف لتغطية الخسائر وأصول سائلة كافية لاستيفاء مطالب التعويضات.
وأضاف تيرنر أنهم ليسوا ضد وسطاء الائتمان من غير المصارف بل يرون فيها بعض الفوائد، ولكنهم ضد التوسط الائتمانى الذى يتسبب بمخاطر بعيدا عن الإطار التنظيمى.
ويركز المجلس على تنظيم النشاطات التى تؤدى إلى زيادة نسبة الإقراض عن السيولة وتتضمن تحويل آجال الاستحقاق أى الحصول على أموال أو أصول قصيرة المدى ثم إعطائهم لشخص آخر لأجل طويل.
وتتضمن توصيات مجلس الاستقرار المالى التسوية المركزية لعمليات إعادة الشراء ووضع قيود على إعادة الرهن وتقييم الأصول المستخدمة كضمانات للقروض بشكل أكثر دقة وإدارة السيولة بشكل أفضل من قبل صناديق الاستثمار فى الأوراق المالية قصيرة الأجل.
وتستهدف هذه السياسات الحد من نمو قطاع صيرفة الظل، ولكن فى الحقيقة سوف يكون قطاع البنوك الاستثمارية الأكثر تضررا من آثارها، فالنتيجة النهائية سوف تكون المزيد من تقليل الإقراض وزيادة متطلبات السيولة، بمعنى آخر المزيد مما تفعله بازل بالفعل، لذا فإن حكمة تطبيق هذه السياسات حاليا محل تساؤل، فى الوقت الذى يعانى فيه الاقتصاد العالمى من مشكلة فى التمويل بالفعل.
اعداد – رحمة عبد العزيز