بقلم: جايمس دوبينس
مازال المشهد السورى مستمراً فى الغليان، ومع اندلاع القتال فى دمشق واستمرار القصف الجوى للمدن فى جميع أنحاء البلاد، بدأت واشنطن – وفقاً لتقارير – فى النظر إلى مساعدة الثوار السوريين وتسليحهم، قد يكون سقوط بشار الاسد الآن امراً حتمياً ولكنه قد يستغرق وقتا طويلا، ولا تبشر التطورات التى يحويها المشهد السورى بانهاء العنف فى البلاد قريبا.
وكلما طال امد الحرب الاهلية فى سوريا، بات من الارجح ان يفتح رحيل الاسد الباب على مصراعيه امام صراع اكثر طائفية واوسع نطاقا جنبا إلى جنب مع تداعيات مزعجة ومقلقة للعديد من الدول المجاورة.
فى البوسنة وكوسوفو وليبيا، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها فى الماضى باستخدام قواتهم الجوية لانهاء الحرب الأهلية بتلك البلاد سريعا وبصورة مرضية، وقد حان الوقت للنظر فى القيام بالشيء ذاته فى سوريا.
وفى هذه الحالات، لابد أن يمر قرار الحكومات الغربية بشن هذا الهجوم بثلاثة اختبارات، اولها، هل هذا التدخل مبرر أخلاقى وقانونى؟ ثانيها، هل هذا الهجوم ممكن من الناحيتين العسكرية والسياسية؟. ثالثها، هل سيقدم حلا مقبولا لهذا النزاع إلى حد كبير؟.
تعد مسألة الاخلاق القضية الاكثر وضوحا، ففى سوريا، كما فى تونس ومصر وليبيا من قبل، تهدف الثورات القومية إلى الاطاحة بنظام ديكتاتورى استمر طويلا بالبلاد، وردا على ذلك، استخدم النظام السورى اشرس صور العنف للحفاظ على السلطة، وخارجيا تقوم ايران وروسيا بامداد النظام بالاسلحة والمشورة والوقوف فى وجه اى جهود دولية تعجل برحيل الاسد ووضع حد للقتال ودعم تشكيل حكومة جديدة.
هناك اسس قانونية عديدة يمكن ان يقوم عليها التدخل العسكري، وعلى رأسها قرار يصدره مجلس الامن ولكن فى حالة اعتراض روسيا سيكون بامكان القوى الغربية ان تعترف بسلطة ثورية وتعتبرها الحكومة الشرعية بسوريا ومن ثم تتمكن من الاستجابة لطلبها بالمساعدة وسوف يستند ذلك إلى حق الدفاع عن النفس المعترف به فى ميثاق الامم المتحدة، واخيرا، قد تستشهد القوى الغربية بسابقة كوسوفو وتؤكد على المسئولية الدولية المعترف بها الآن بحماية الشعوب من سوء معاملة حكوماتها.
الشروط السياسية لمثل هذا الهجوم هى: اولا، طلب واضح بالتدخل من قبل السلطات الثورية السورية، ثانيا، تأييد معظم ان لم يكن جميع اعضاء جامعة الدول العربية، ثالثا، وجود قيادة من قبل الدول الاقليمية بما فى ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية لحشد تأييد دولى اوسع نطاقا، واخيرا مشاركة حلفاء الناتو فى العملية العسكرية.
فالاسراع فى اسقاط نظام الاسد ليس كافيا لانهاء الحرب الاهلية فى سوريا، ولكنه امر ضروري، وبالرغم من الوضع بعد الاسد سيكون حقاً فوضوياً، لكنه كلما تأخر سقوطه ازدادت صعوبة السيطرة على الوضع فى اعقاب سقوطه.
يخشى البعض ان تؤدى الحملة الجوية الغربية إلى تورط القوات البرية الغربية فى نهاية المطاف ولكن من غير المرجح ان يطلب الثوار السوريون مثل هذه المساعدة كما انه من غير المتوقع ان توافق الحكومات الغربية على تقديم مثل هذه المساعدة للثوار.
اختارت الولايات المتحدة وحلفاؤها العام الماضى ان تتدخل فى ليبيا نيابة عن الجانب الخاسر آنذاك، ما اتاح الفرصة للثوار بسحق الديكتاتور الذى كان يحكمهم.
وفى سوريا نجد ان الفرصة سانحة الآن للتدخل نيابة عن الجانب المنتصر وتساعده على ان يسود هذا الانتصار بصورة اسرع والحد من اراقة الدماء، ومما لا شك فيه ان ما يتبع هذا الانتصار سيكون اكثر تحديا، ولكن كلما كان سقوط الاسد سريعا، كانت هناك فرص افضل لمعالجة هذه التحديات والمضى قدما نحو سلام دائم.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز