بدأت مراكز بحوث وشركات مقيدة بالبورصة في إضاءة اللون الأحمر على الإرتفاعات المتتالية لسعر صرف الدولار وتأثيره على نتائج أعمالها .وفي الوقت الذي ستستفيد الشركات المعتمدة فى نشاطها على التصدير فان الشركات التي تستورد غالبية موادها الخام ستتضرر على نطاق واسع.
فيما حذر محللون ماليون من الإنخفاض المقابل فى قيمة الجنية المصري والمتوقع أن يتسبب في ركود اقتصادي وهروب الإستثمارات.
وصل سعر صرف الدولار إلى 6.19 جنية مسجلاً أعلي مستوي له في 9 سنوات, ما أدي الي أتخاذ الشركات سياسات مختلفة للتعامل مع الموقف الحالي واحتمالية انهيار سعر الصرف في المستقبل وبداية ظهور السوق السوداء.
أكد هاني جنينة رئيس قسم البحوث بشركة “فاروس” لتداول الاوراق المالية أن الانخفاض الحالي في قيمة الجنية المصري يدخل تحت معدلات الهبوط البطيء, والذي يشكل خطراً علي المدي الطويل سيتسبب في حالة من الركود التام وتخارج للاستثمارات لعدم جدواها, إضافة إلى انخفاض معدلات الربحية إن لم تتحول إلي خسائر.
ورأى جنينة أن الخوف الحقيقي يكمن في سيناريوهات الانهيار المفاجئ في سعر الصرف, خاصة مع تجاوز معدلات هبوطه 20% في مدة قصيرة لا تتجاوز الثلاثة شهور, ولفت جنينة إلى أن هذا الإنخفاض يؤدي الي خسائر مضاعفة في شركات ومكاسب مضاعفة لشركات اخري, ولكنه يؤدي في النهاية الي حالة من الركود تطال كل القطاعات وتحدث انهيار للاقتصاد ككل .
وأشار رئيس قسم البحوث بشركة “فاروس” إلى أن الشركات التي تتأثر بشكل سلبي وكبير بارتفاع الدولار, هي الشركات التي يتكون هيكل تكاليفها من الدولار فى حين أن ايراداتها يتم احتسابها بالجنية, أى تعتمد مدخلات الإنتاج بها على الإستيراد بينما يتم البيع فى السوق المحلى بالجنية, أو الشركات التي تعتمد علي القروض الدولارية بدلاً من القروض بالعملة المحلية, وتنتمي معظم هذه الشركات إلى قطاعات الاغذية والمشروبات وقطاع الاسمنت و شركات الحديد وقطاع البنوك و اخرها قطاع التشييد ومواد البناء.
وفيما يخص قطاع الأغذية, قال جنينه أن مدخلات انتاج هذا القطاع أغلبها مستورد من الخارج, وبشكل خاص في شركات مثل “جهينة” و”اراب ديري”, وأيضاً شركات المطاحن لأن نسبة الاقماح المستوردة تمثل الشق الاكبر في الانتاج, إضافة إلى شركات “الوطنية لمنتجات الذرة” و”المصرية للنشا والجلوكوز” حيث أن 80 % من مدخلات انتاج هذه الشركات مستورده من الخارج, فضلاً عن شركات الدواجن والذي يرتبط معظم هيكل تكاليفها بالاسعار العالمية للحبوب والتي يتم استيرادها هي الاخري .
ونفس الوضع بشركات الحديد, فمعظم مدخلات الانتاج مستوردة من الخارج, إلا أن المبيعات يتم تصريفها محلياً, ويري جنينة أن أكبر الشركات التي سوف تتأثر سلباً داخل القطاع “عز الدخيلة” لأنها المستورد الوحيد للحديد الخام بالاضافة الي ان هيكل القروض الخاص بها معظمة بالدولار .
اضاف ان السعر العالمي للغاز الطبيعي يؤثر بشكل كبير علي قطاع الاسمنت والذي وصل الي 4 دولار للمليون وحدة حرارية, ويمثل الغاز الطبيعي 60% من تكاليف انتاج الاسمنت, لذا فإن أي زيادة إضافية لسعر الدولار ستكبد مبيعات شركات القطاع حالة من الركود.
من ناحية اخري, يتأقر القطاع المصرفي بشكل أكبر بمشكلة ارتفاع سعر الدولار, فقد يتعرض زيادة نسبة الديون المعدومة جراء تصاعد عجز العملاء عن السداد, ما سيدفع البنك المركزي الي المطالبة بزيادة مخصصات الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها, وهو ما سوف يعمم المشكلة لتنتقل الي كل القطاعات وظهور حالة الركود .
وعلى الجانب الاخر فأن الشركات المستفيدة ستكون من قطاعات البتروكيماويات وشركات التعدين, إضافة إلى الشركات التي تعتمد علي تصدير معظم انتاجها وأيضاً الشركات المقترضة بالعملة المحلية .
وتأتي شركات “اسيك للتعدين” و”أموك” على رأس المستفيدين, حيث تأتي غالبية التكاليف بالجنية المصري والايرادات بالدولار, نظرا لإعتماد هذه الشركة علي التصدير بشكل رئيسي والذى يتم تسعيره عالمياً بالدولار, كما تلقى منتجاتها اقبالاً عالمياً جيد خاصة على علي الزيوت المعدنية, بالاضافة الي الربحية العالية لهذه الشركات .
وضم جنينة شركات السكر إلى قائمة الشركات المستفيده وفى مقدمتها “الدلتا للسكر” حيث أن التقييم العالمي لسعر السكر سوف يدفع الشركة لرفع اسعار بيع الانتاج وبشكل مبرر, بالرغم من ان تكاليف الانتاج محلية ومقومة بالجنية وهو ما سيرفع ارباح الشركة للصعود .
واستحسن رئيس قسم البحوث بشركة “فاروس” قرار “السويدي اليكترك” بتحويل ديونها من ديون بالدولار الي ديون بالجنية المصري, بالرغم من معدل الفائدة منخفض علي الدولار فيبلغ 3%, واستبداله بقروض بالعملة المحلية بفائدة تصل الي 12% لتلافي مخاطر الانهيار في سعر الصرف, خاصة أن شركة “السويدي” تتكبد بالفعل خسائر عن ترجمة فروق العملة .
شركة “السويدي للكابلات” تكبدت خسائر ترجمة فروق عملة بقيمة 237.5 مليون جنية خلال الشهور التسعة الاولى من عام 2012 مقابل 80 مليون جنية عن فترة المقارنة بزيادة 197%, وذلك لإعتمادها بشكل كلى على استيراد مدخلات الإنتاج من الخارج فى حين أنها تقوم باحتساب إيراداتها بالجنية, إلا أن الشركة تعمل على تعويض هذه الخسائر وتحقيق توازم من خلال تصدير 90% من منتجاتها للخارج.
قال طارق يحيي مدير إدارة علاقات المستثمريين بشركة “السويدي اليكتريك” أنه لولا توجه شركاته لتصدير 90% من انتاجها للخارج لوقعت فى فخ الخسائر بسبب اعتمادها على الاستيراد فى توفير مدخلات الإنتاج, لذا فإن تصريف المنتجاتب الخارج يخلق حالة من التوازن تجعل الشركة بمنأي عن التغييرات المصرفية في سعر العملة .
وعلي العكس يري احمد عاشور رئيس مجلس إدارة شركة “عبر المحيطات” للسياحة أن ارتفاع سعر الدولار يؤثر بالسلب علي نتائج اعمال شركته نظراً لأن غالبية عمليات الاحلال والتجديد التى تجريها الشركة لاتوبيساتها تتم بالدولار, وهو ما يزيد تكاليف الشركة.
ومن الناحية الاخري فأن السائح يتابع اسعار صرف العملة هو الاخر ويقوم بتغيير العملة في مكاتب الصرافة اذا ارتفعت قيمتها حتي يوفر عدد اكبر من النقود في حوزته وذلك نظرا لطبيعة السائح الذي يزور مصر ، لكنة نفي ان يكون هناك اي تأثيرات في الوقت الحالي علي ميزانية الشركة نظرا للتوقف شبة التام والذي تأثر بالظروف الحالية للدولة .
وقال عمر عبد العظيم مسئول علاقات المستثمريين بشركة “المصرية لصناعة النشا والجلوكوز” أن ارباح الشركة سوف تتأثر بشكل كبير بارتفاع سعر صرف الدولار, نظرا لان الذرة وهو اهم مدخلات الانتاج يتم استيرادة بشكل شبة كامل من الخارج.
وأضاف أن كل شركات القطاع تستورد الذرة من الخارج حيث ان الانتاج المصري لا يكفي كل الشركات وتستحوذ الشركة علي حصة كبيرة من السوق .
من ناحية اخري, شهدت اسعار الأسهم الدولارية بالبورصة ارتفاعاً ملحوظاً منذ أول ديسمبر الجاري تماشياً مع الارتفعات المتتالية الأخيرة فى سعر الدولار, فارتفع سهم شركة “نايل سات” بنحو 38.8 % و جاء سهم عبر المحيطات للسياحة فى المرتبة الثانية من حيث أفضل الارتفاعات بنسبة 18.8%, تلاه سهم القابضة المصرية الكويتية بنسبة 11.47 %, فيما حل سهم “ماريدايف”المرتبة الرابعة بنسبة 8% , وجاء سهم بنك فيصل الاسلامي بالدولار خامساً بنسبة 6.94 %, ثم البنك المصري الخليجي بنسبة 6.34 % تلاه سهم النعيم ثم سهم العرفة بنسب 6.25 % و 4.54 % علي التوالي .
كتب – محمود القصاص