بقلم: دانيل التمان
اذا كان 2012 هو عام الهاوية المالية وحزم الانقاذ غير المحدودة فى اوروبا، فكيف سيكون عام 2013؟ التنبؤات الاقتصادية والمالية ليست سهلة وأنا عادة أؤمن بالتقلبات طويلة المدى ولكن ها هى بعض السيناريوهات التى قد تحدث تغييراً فى الاسواق العالمية العام المقبل.
أول هذه السيناريوهات يتعلق بالبنوك المركزية ففى داخل منطقة اليورو كان ماريو دراجى، محافظ البنك المركزى الأوروبى هو الشخص الذى تحرك دوماً للمساعدة على تهدئة الاسواق فى 2012 رغم أنه اصبح رئيسا للبنك المركزى الاوروبى قبل عام فقط.
صرح دراجى بجملة واحدة قائلاً: إن المركزى الاوروبى على استعداد للقيام بأى شيء للحفاظ على منطقة اليورو ومن وقتها صار ملتزما بالابقاء على وعده من خلال طبع النقود اللازمة لشراء السندات، والسؤال الآن: هل ستستمر تلك المصداقيه لعام آخر؟
ورغم أن العملة الموحدة فى مأمن حتى الآن، فلن تصبح اقوى الا اذا كان دراجى قادراً على إجبار وزراء المالية لقبول القواعد الجديدة حيال كيفية حصول الدول على عضوية منطقة اليورو أو مغادرتها وكيفية العمل داخل منظومتها، وحتى يحدث ذلك، سوف يكون وضع سياسة نقدية موحدة لمجموعة من الاقتصادات فى مراحل مختلفة من الازدهار والكساد مهمة لا يحسد عليها، حيث أن اقتصاداتها فى حاجة إلى مزيد من الانسجام حتى تتمكن المنطقة من العمل كما هو مخطط لها، وهو ما ليس مرجحاً أن يحدث فى 2013.
وفى بريطانيا تترقب الاسواق أولى الخطوات التى سيقوم بها مارك كارنى كمحافظ للبنك المركزى البريطاني، فسوف يعمل فى الواقع وسط ظروف أشبه بتلك التى واجهها بن برنانكي، رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالي، عندما تصدى الجمهوريون داخل الكونجرس للمحفزات المالية فى الوقت الذى تناضل فيه البلاد من اجل التعافى، الامر الذى دفع برنانكى لاتخاذ تدابير غير اعتيادية، وبالتالى يتعين على كارنى ايضا أن يكون مبدعا فى لندن.
وفى بنك الاحتياطى الفيدرالى حيث بدأ المستثمرون بالفعل فى التساؤل عمن سيحل محل برنانكى الذى ستنتهى فترة ولايته فى يناير 2014، خاصة أن بنك الاحتياطى الفيدرالى يمر بنوع من التحول السياسى الان بعد أن قرر استهداف معدل البطالة ووضع حد اقصى لمعدل التضخم، وهل سيدعم رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى الجديد اول تغيير كبير فى السياسة النقدية للاحتياطى الفيدرالى منذ تولى بول فولكر رئاسة البنك فى 1979.
السيناريو الثانى يتناول عجز الموازنة، حيث تشير التوقعات إلى أن الولايات المتحدة ستجد طريقة ما لعدم رفع الضرائب على أسر الطبقة المتوسطة وتجنب خفض الانفاق التعسفى فى بعض الهيئات الحكومية، وأنه ليس من الصعب السيطرة على عجز الموازنة كما يصور بعض الساسة للعامة، وبمجرد ازالة تلك الغمامة جراء التأثير الخطابى للساسة، من المرجح أن تشعر الاسواق بارتياح اكبر تجاه الوضع المالى للبلاد وبالتالى تستعيد عافيتها.
السيناريو الثالث يحدث فى اليابان حيث رحبت الأسواق بفوز حزب شينزو آبى فى الانتخابات أوائل هذا الشهر، لأن برنامجه الانتخابى كان يتضمن خطة لاحياء اقتصاد البلاد، ولكن برنامجه كان يحتوى ايضا على موقف اكثر تشدداً مع الصين بشأن النزاعات الاقليمية، فأى تأجيج للصراع فى شرق آسيا سيمحو أى مكاسب يحققها آبى داخليا، ونأمل أن يترك آبى هذا الخطاب الوطنى لحملته الانتخابية ويركز على رفع مستوى معيشة ناخبيه.
السيناريو الرابع فى الصين التى يواجه قادتها الجدد تحديات كبيرة مثل جذب السوق الداخلية للطلب على السلع والخدمات والحد من الافراط فى الاستثمار وتحويل «الرنيمبى» إلى عملة دولية، ويمكن التغلب على العديد من هذه المشاكل من خلال اطلاق العنان لمصادر جديدة للنمو الاقتصادي، وقد يكون ذلك عن طريق القيام باصلاحات قانونية وتنظيمية من شأنها تعزيز حقوق الملكية ودعم حماية المستثمرين.
السيناريو الخامس يأتى من الشرق الاوسط لاننى على يقين بأن شيئا سيحدث فى الشرق الاوسط وسيؤثر على الاقتصاد العالمى فى 2013، فبمجرد أن تستقر مصر ويتعافى اقتصادها، من الممكن أن تصبح قوة اقليمية، فالبورصة المصرية التى من المفترض أن تكون مؤشرا رئيسيا للنمو الاقتصادى بدأت بالفعل فى الصعود.
السيناريو الأخير ينتظر حدوث الاندماج المالى لكى تصبح الاقتصادات الناشئة يوما بعد يوم اكثر ارتباطا بالنظام المالى العالمي، وقد ارتفع باطراد اصدار سندات الدين فى الدول النامية على مدار السنوات القليلة الماضية حتى مع نضال الاقتصاد العالمى من اجل النمو كما كان أداء صناديق السندات التى تغطى الاسواق الناشئة جيداً للغاية، وتلك الاقتصادات امامها مجال أوسع للاستمرار فى هذا الاتجاه التصاعدى لأنه ليس وليد الصدفة.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فورين بوليسى