أيام قليلة ويمضى عام 2012 بكل ما حمله من اضطرابات سياسية ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي، ليبدأ الصناع ورجال المال والأعمال صفحة جديدة خلال 2013 الذى يتطلع الكثيرون إلى ان يكون عاماً خالياً من القرارات الاقتصادية المفاجئة، ومصحوباً بالاستقرار السياسى الذى سيعمل على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية على السواء.
استطلعت «البورصة» آراء الصناع عن آمال وتوقعات العام المقبل التى انحصر جميعها فى عودة الأمن، وخروج هيئة «سلامة الغذاء» للنور والانتهاء من قانون الصناعة الموحد.
طالب محمد زكى السويدي، وكيل اتحاد الصناعات بضرورة سن قوانين تهدف إلى حماية الصناعة المحلية من غزو المنتجات الأجنبية، بجانب إعادة النظر فى رفع الدعم عن الطاقة لمعظم القطاعات الصناعية «كثيفة وغير كثيفة» الاستهلاك.
وشدد السويدى على ضرورة تبنى الجهات الحكومية خلال 2013 خطة واضحة لمضاعفة الصادرات باعتبارها من أهم مصادر النقد الأجنبى وتعزيز الاحتياطى النقدى للخزانة العامة للدولة، مطالباً بضرورة اتجاه وزارة الصناعة والتجارة الخارجية لوضع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر نصب عينيها باعتبارها تمثل حجرة الزاوية فى أى نهضة اقتصادية.
أشار إلى ان الحكومة الحالية لا تملك رؤية اقتصادية واضحة للنهوض بالصناعة، كما اعتادت على اصدار القرارات المفاجئة التى كان لها ردود أفعال سلبية وهو ما أدى إلى عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية.
من جهته، أكد محمد الشبراوي، عضو غرفة صناعة الأخشاب، أن القطاع يمر بمجموعة من الأزمات كمعظم الصناعات المصرية فى الوقت الحالي، موضحاً ان أبرز المشكلات التى واجهت صناعة الأخشاب خلال 2012 تمثلت فى استمرار غزو الأثاث الصينى والماليزى للسوق المحلي، على مرأى ومسمع الجميع وفى غياب الجهات الرقابية، وهو ما أدى إلى تراجع الطاقة الإنتاجية لمعظم ورش الأخشاب لنحو 50%.
وتوقع الشبراوى زيادة أسعار الأثاث المحلى خلال 2013 نتيجة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى وهو ما ينذر بارتفاع معظم الخامات المستوردة التى تشكل 60% من المنتجات النهائية.
وطالب الشبراوى بضرورة إعادة النظر فيما يخص الضريبة التصاعدية وإلغاء الدعم للمصانع الكبيرة التى تستهلك طاقة بمعدلات ضخمة مع ضرورة ضم الاقتصاد غير الرسمى للقطاع وتنشيط الرواج التجاري.
أضاف ان قطاع الأخشاب يتطلع خلال 2013 إلى التعاون مع الهيئة العامة للمعارض وإعداد خطة لتفعيل المعارض الداخلية والخارجية لصناعة الأثاث، كإجراء لتنشيط السوق وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع.
قال د. هشام حجر، عضو غرفة صناعة الدواء، إن الغرفة عانت الكثير من المشكلات والصعوبات خلال 2012 من زيادات فى أسعار الخامات والدولار وتدهور سعر الصرف، فضلاً عن ثبات الأسعار، معرباً عن امانيه ان تتخذ الحكومة قرارات تخفف من هذه الأعباء عام 2013 وعلى رأسها تعديل قرار التسعير وتحريك الأسعار الثابتة للدواء.
وأشار إلى ان الغرفة أوصت فى مؤتمرها السنوى الأول ـ نوفمبر الماضى بضرورة الاسراع بإنشاء هيئة عليا للدواء وكيان مستقل للبحث العلمى وعقد لقاءات دورية ربع سنوية لتسجيل ومتابعة منظومة الدواء بحضور جميع الأطراف المعنية المرتبطة بالصناعة والتأمين الصحي، متمنياً ان يتبنى وزيرا الصناعة والصحة تلبية تلك التوصية.
وأكد ان الغرفة أوصت بمساندة المصانع الجديدة والمساواة بين جميع الشركات سواء للمصانع أو الإنتاج لدى الغير.
وأضاف ان الحكومة الجديدة لابد ان تشمل جميع الأطراف «اخوان وأحزاب» حتى يتحقق الاستقرار، مطالباً بتغيير الحكومة الحالية التى يفتقد معظم أعضائها الكفاءة.
من جانبه، طالب خالد عبده، رئيس غرفة صناعة الطباعة باتحاد الصناعات، وزير الصناعة والتجارة الخارجية ورئيس هيئة التنمية الصناعية بتوفير 100 فدان لإقامة مدينة الطباعة عام 2013.
وأوضح ان صناعة الطباعة تعانى من صعوبة الحصول على التراخيص والرسوم الجمركية المرتفعة لمدخلات الإنتاج، مضيفا ان الغرفة تنتظر من وزير الصناعة ان يصدر قراراته بتخفيض هذه الجمارك لزيادة القدرة على المنافسة مع توفير الأراضى لنقل المطابع لحيز الكتلة الصناعية ودعم الشحن للدول الافريقية بنسبة 100%.
وقال إن الحكومة يجب ان تعطى الصناعة درجة الاهتمام القصوى وتتخذ جميع التدابير لمنع عمليات التهريب التى تؤثر على الصناعة بشكل كبير، مع ضرورة توفير حوافز حقيقية لتنمية الصناعة وانشاء صندوق دعم الصناعة ومنع استيراد السلع التى لها مثيل محلى لمدة 3 سنوات والتوقف عن تصدير ثروات الدولة فى خاماتها الأولية.
قال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، إن الحكومة يجب ان تتخذ جميع الإجراءات خلال العام الجديد 2013 للتوقف عن استيراد السلع الاستهلاكية التى لها مثيل ومكافحة عمليات التهريب التى تضيع على مصر أكثر من 6 مليارات جنيه سنوياً نتيجة دخول أقمشة وخامات بطرق غير شرعية.
وأضاف المرشدى ان أداء الحكومة ضعيف نظراً للظروف المحيطة والصراع السياسى والانفلات الأمني، متمنيا ان يعود الاستقرار فى أقرب وقت أياً كانت اتجاهات الحكومة.
فى سياق متصل، طالب عبدالغنى الاباصيري، نائب رئيس غرفة الصناعات النسيجية وكيل المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، بضرورة فرض رسوم حماية خلال 2013، على الواردات الأجنبية لحماية المنتجات المحلية من الاغراق، وإعادة هيكلة وتطوير مصانع الغزل والنسيج التابعة للقطاع العام، خاصة انها لم تحدث منذ التسعينات.
وأرجع المشاكل التى واجهها قطاع الصناعات النسيجية خلال 2012 إلى عدم وجود قيادات فى الحكومة لديها القدرة على وضع استراتيجيات واضحة لخطتيها الطويلة والمتوسطة الآجل لكل قطاع.
طالب بانشاء هيئة تضم خبراء ورجال الاقتصاد لوضع خطط على المدى القصير والمتوسط والطويل الآجل للنهضة بالاقتصاد ومراقبة مراجعة استراتيجيات وزارات المجموعة الاقتصادية «المالية ـ الصناعة والتجارة الخارجية ـ الاستثمار» وما تحقق من خطط تلك الوزارات على ان تتبع تلك الهيئة مجلس الوزراء مباشرة.
من جهته، قال د. محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب ونائب رئيس غرفة الأدوية باتحاد الصناعات، إن الاقتصاد القومى بحاجة إلى إدارة عليا لبحث الموضوعات الاقتصادية ووضع حلول غير تقليدية للأزمات الاقتصادية.
وشدد على ضرورة إعادة النظر فى التعديلات الضريبية التى اقرتها الحكومة مؤخراً والتى تعمل على تزايد حدة الاعتصامات والاضرابات الفئوية بسبب ارتفاع أسعار المنتجات النهائية، كما انها لن تسهم فى سد عجز الموازنة العامة للدولة.
واقترح توحيد ضريبة المبيعات عند %10 لجميع الأنشطة الصناعية، وعودة الأمن للمساهمة فى تحقيق الاستقرار وتنشيط السياحة التى تدر دخلا للخزانة العامة للدولة بحوالى 80 مليار جنيه سنوياً.
وطالب بضرورة انهاء قانون الصناعة الموحد وخروجه للنور بجانب وضع قوانين لتيسير الاستثمارات باعتبارها تسهم فى الاستقرار وتحقيق النهضة الاقتصادية المشنودة من خلال توضيح الرؤية الاقتصادية للبلاد.
من جهته، طالب ياسر راشد، رئيس شعبة المحاجر، بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات بضرورة عدم مد العمل باقرار 982 لسنة 2012، والخاص بمد العمل برسم الصادر على بلوكات الرخام والجرانيت بقيمة 150 جنيهاً للطن والسارى لمدة شهرين بدءاً من ديسمبر 2012 لينتهى فى فبراير 2013.
وأضاف ان قطاع المحاجر تضرر من ذلك القرار باعتباره أثر سلباً على صناعة المحاجر وتراجع الطاقة الإنتاجية لمعظم المحاجر إلى 30% بسبب تراجع العقود التصديرية.
فيما طالبت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات بسرعة تفعيل هيئة سلامة الغذاء لتوحيد الجهات الرقابية على المنظومة فى جهة واحدة.
وقال محمد شكري، رئيس الغرفة، إن تلك الهيئة ستسهم فى ضبط منظومة الغذاء بالسوق المحلى وحل أزمة تعدد الجهات الرقابية على المنظومة ككل.
قال محمد المهندس، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية: إن ذلك القانون يسهم فى زيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع، وخفض فاتورة الاستيراد التى بلغت 93 مليار جنيه بنسبة 42% من إجمالى الواردات للسوق المحلي، فيما سجلت صادرات القطاع مليار جنيه.
أضاف ان واردات قطاع الآلات والمعدات وحده من ايطاليا 2.5 مليار دولار، بسبب النقص الشديد بالسوق المحلى للآلات والمعدات.
وطالب عاطف عبدالمنعم، رئيس شعبة الكابلات والأدوات الكهربائية بإجاء قرار وزارة الصناعة والتجارة الخارجية حظر استيراد اللمبات غير الموفرة لمدة عام، لإحلال الموفرة بالسوق المحلى للمساهمة فى خطة الحكومة لخفض استهلاك الطاقة.
وفى السياق ذاته، شدد أعضاء غرفة صناعة الجلود على ضرورة تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية للحيلولة دون تهريب الجلود الخام «وايت بلو» للخارج وإعادة تصنيعها محلياً.
وأضاف يحيى زلط، رئيس الغرفة: اننا نتطلع فى 2013 إلى تشديد الرقابة على معامل الفحص التابعة للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لحظر دخول الواردات الأجنبية غير مصحوبة بشهادة الاعتماد الدولى LACE للسوق المحلي.
وعلى غرار مطالب غرف اتحاد الصناعات بادرت جمعيات المستثمرين إلى عرض تطلعاتها ومطالبها خلال 2013، وأكد علاء السقطي، رئيس جمعية مستثمرى بدر على ضرورة قيام الجهات الحكومية بوضع خطة متوسطة الاجل لحل أزمة الاقتصاد القومى والخروج بالاقتصاد من كبوته الحالية، مضيفاً انه اذا ما لم توضع تلك الخطة فان الاقتصاد القومى مهدد بالانهيار.
من جانبه، قال صالح غيث، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمرى 6 أكتوبر: إن عام 2013 سيمثل اختباراً حقيقياً للحكومة أياً كانت عناصرها فهى تضع نصب أعينها شبح عجز الموازنة العامة وكيفية تمويله بما لا يثقل من الأعباء على كاهل محدودى الدخل فى الوقت الذى يشترط صندوق النقد زيادة الضرائب وهو ما يزيد من أسعار السلع والخدمات.
أشار إلى ان البرلمان المقبل يجب ان يضع فى أولوياته اقرار تشريعات التى تضمن للمستثمرين حقوقهم الكاملة من توفير البنية التحتية الاساسية اللازمة لإقامة أى مشروعات وعدم تعنت الحكومة ضد المستثمرين بفرض ضرائب اضافية تخفض من هامش الربح لأن المستثمرين فى نهاية المطاف يسعون نحو تحقيق زيادة فى أرباحهم.
وأوضح ان الاستثمارات سواء الوطنية أو الخارجية للسوق المصرى سوف تتدفق حال اتخاذ الحكومة اجراءات كافية لتحقيق بيئة آمنة للمستثمرين على مستوى التشريعات الدقيقة وتيسير اصدار التراخيص للأعمال.
وتابع ان الحكومة مطالبة بسن قوانين تساهم فى تنشيط إجراءات الحصول على الأراضى وعلى سبيل المثال فإن منطقة 6 أكتوبر لا توجد فيها أراض جديدة للراغبين فى التوسعات الاستثمارية، كما يتحتم على الحكومة إعداد تشريعات قانونية تحمى الصناعات الوطنية من خطر اغراق السوق بالواردات.
ووصف المشهد السياسى فى مصر بـ«الضبابى» فالمراقب لا يستطيع ان يتنبأ بمدى التغيير الذى سيشهده الأداء الاقتصادى خلال عام 2013، مشيراً إلى ان أداء الاقتصاد العام الجديد مرهون بما تقرره الحكومة من تشريعات تساهم فى تشجيع الاستثمار ودفع معدلات الإنتاج.
ومن جانبه، طالب الدكتور شريف الجبلي، رئيس جمعية مستثمرى السادات الجهات الحكومية بضرورة تقديم حوافز جديدة لتشجيع تدفق استثمارات وطنية وأجنبية تساهم فى زيادة الناتج القومى والقوة التصديرية للبلاد تستطيع جذب العملة الصعبة بعد جفاف منابعها الحالية من سياحة وتحويلات وتراجع معدلات التصدير.
وأضاف ان 2013 هو العام الفيصل فى قدرة الاقتصاد على النهوض أو الانهيار ويتوقف ذلك على عدد من العوامل أهمها التغيير الوزارى الجديد وتعيين وزراء يستطيعون العبور بمصر من هذه المرحلة الحرجة، بالاضافة إلى توقف المظاهرات إلى حين استقرار الوضع الاقتصادي.
طالب أسامة التابعي، رئيس جمعية مستثمرى دمياط الجديدة، بأن تتبنى الحكومة خلال 2013 سياسات المصارحة والمكاشفة بالوضع الاقتصادي، بجانب تعيين أحد خبراء الاقتصاد فى التشكيل الوزارى الجديد لتقديم حلول عاجلة للمشاكل الاقتصادي.
فى سياق متصل، شدد علاء الوشاحي، رئيس جمعية رجال أعمال كفر الشيخ على الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بكبرى الصناعات للتقريب بينها، لتبادل الخبرات فيما بينهما.
وطالب بضرورة انشاء قاعدة بيانات واضحة للنشاط الاقتصادى والقطاعات الصناعية وفرص الاستثمار والتصدير بكل قطاع والمواد التى تدخل فى كل صناعة وكيفية الحصول عليها، مشيراً إلى ان هذه القاعدة تعمل على تيسير سبيل المعرفة أمام الراغبين فى إقامة مشروعات استثمارية.
وتوقع عدم تغيير الأداء الاقتصادى للحكومة خلال عام 2013 طالما ان الحكومة تصر على اتباع النهج العقيم نفسه فى إدارة المؤسسات.
واستبعد ضخ استثمارات جديدة للسوق خلال 2013 خاصة ان البيئة غير مطمئنة.
وأوضح ان عام 2013 يمثل تحدياً كبيراً للحكومة خاصة فيما يتعلق بعجز الميزانية الذى يزداد يوماً بعد الآخر.
وقال إن زيادة أسعار السلع والخدمات بسبب التعديلات الأخيرة تمثل تحدياً صعباً أمام النظام خاصة انه وعد مراراً بأنه لن يكلف المواطن العادى أى أعباء اضافية.
كتب – نهال منير ومصطفى فهمى