وفى الوقت الذى كانت تستعد فيه العملة المحلية للتراجع أمام الدولار الأمريكى لأدنى مستوياتها الرسمية على الاطلاق أصدرت مؤسسة ستاندرد آند بورز تصنيفها الائتمانى لمصر، والذى شهد تخفيضاً على المدى الطويل لجدارة مصر إلى مستوى دول من نوعية اليونان التى تكافح للافلات من شبح الافلاس منذ ثلاثة أعوام.
كما تجددت الشكوك حول قدرة الحكومة ورغبتها فى اتمام اتفاقية مع صندوق النقد الدولى تحصل بموجبها على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار.
وقال عبد المجيد محيى الدين، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى إن تخفيض التصنيف الأئتمانى من ابرز العوامل التى ترفع تكلفة التسليف نظرا لكون تلك التخفيضات بمثابة شهادة أو مؤشر لارتفاع المخاطر.
أضاف أن الضغوط التى تواجهها السيولة حاليا نتيجة تراجع التدفقات النقدية لأغلب القطاعات وتأثيرها على مستويات الادخار تؤثر أيضا على البنوك وتدفعها لرفع العائد على عطاءات أذون وسندات الخزانة.
وتوقع عبد المجيد استمرار ارتفاع أسعار العائد على أدوات الدين الحكومى فى حال استمرار حالة عدم الاستقرار الراهنة التى تدفع إلى تراجع مستويات الثقة وترفع من مخاطر التشغيل.
وعادت الفائدة على أذون الخزانة أجل 91 يوما لتقترب من مستوى 14% فى أحدث مزاد لهذا الاجل الاسبوع الماضى، وهو أعلى معدل لها خلال 3 أشهر تقريبا، كما اقترب العائد على أجل 266 يوما من مستوى 15%، وأدت هذه المستويات من التكلفة إلى اضطرار الحكومة لإلغاء عدة عطاءات، وطالت الإلغاءات سندات الخزانة أيضا.
كما دعم تراجع قيمه الجنيه أمام الدولار ارتفاعات أسعار العائد على العملة المحلية بشكل عام، لتعويض مخاطر انخفاضها فى سوق الصرف.
وبرر محمد البيك مسئول خزانة بأحد البنوك المملوكة للحكومة عودة ارتفاعات العائد على أدوات الدين الحكومى مرة أخرى بتخفيض التصنيف الائتمانى وتوقعات تزايد ضغوط المالية مرة أخرى على البنوك من خلال عطاءات أدوات الدين ما دفع البنوك مؤخرا إلى رفع تسعير الاكتتابات بالاذون.
أضاف أن تراجع قيمه العملة المحلية أيضا دفع العائد على أدوات الدين للارتفاع، نظرا لأن تقييم الاستثمار بتلك الآلية أصبح اقل قيمة مقابل الاستثمار بقنوات أو آليات أخرى.
وتوقع البيك استمرار ارتفاعات العائد على أدوات الدين الحكومى خلال الفترة المقبلة فى ضوء حالة التخبط السياسى وعدم وجود مؤشرات إيجابية للحصول على قرض صندوق النقد الدولى.
وقالت الحكومة قبل شهرين إنها بحاجة لتمويلات من الخارج تتجاوز 14 مليار دولار خلال الفترة المقبلة لتخفيف الضغوط على المقرضين المحليين وتفادى تكلفة الاستدانة المحلية المرتفعة، ويعد قرض صندوق النقد الدولى أساسيا لتحقيق هذا الهدف بالنظر إلى تعليق معظم جهات التمويل الدولية مساعداتها لمصر على إتمام الاتفاق مع صندوق النقد.
وأظهرت الحكومة حتى الآن ترددا فى الاستجابة لمطالب الصندوق المتمثلة فى فرض ضرائب جديدة وهيكلة واسعة لنظام الدعم السخى، حتى إن تخفيض قيمة العملة المحلية جاء بسبب مشاكل سوق الصرف بشكل أساسى.
ومن جانبه، قال حاتم يوسف، مسئول خزانة بأحد البنوك الخاصه إن هناك ضغوطاً تواجه السيولة المحلية لدى البنوك نتيجة تدبير الدولارات وتزايد شرائهما له، ما يدفع البنوك إلى رفع تسعير عروضها للاكتتاب فى أدوات الدين الحكومى، مشيراً إلى أن تخفيض التصنيف الائتمانى هو السبب الرئيسى فى ارتفاع العائد على عمليات التسليف التى تقوم بها الحكومة سواء كانت محلية أو خارجية.
أضاف أن العائد على أدوات الدين الحكومى لاسيما أذون الخزانة قصيرة الأجل سيتخطى 15% فى أقرب وقت، طالما لا توجد حلول سريعة لسد عجز الموازنة الذى يمكن أن يتخطى 200 مليار جنيه.
وأكد يوسف انها ضرورة فى عمليات إقراض العملاء لحماية إيداعات العملاء فى ضوء ارتفاع مخاطر التعثر.
ومن جانبه، قال مسئول خزانة بأحد البنوك الأجنبية إن البنوك حاليا عادت لتستغل كونها الآلية الوحيدة المتاحة أمام المالية لسد التزامات الاستدانة وعجز الموازنة ورفعت أسعار العائد على عروضها للاكتتاب فى أدوات الدين الحكومى، مشيراً إلى أن استقرار العائد على الأذون مرة أخرى او تراجعها مرتبط باستقرار الأوضاع وتحرك مفاوضات قرض صندوق النقد الدولى.
وتوقع أن تستمر المالية فى رفضها لعروض البنوك للاكتتاب فى أذون الخزانة بأسعار عائد مرتفعة فى حالة عدم وجود حاجة ملحة كسداد التزامات قائمة، مشيراً إلى أن البنوك ايضا تواجه ضغوطا من جانب المالية عند رفض عروضها وهو تعطيل التوظيفات وارتفاع تكلفة الأموال، متوقعاً عدم استمرار تلك الحالة كثيراً ووضوح اتجاهات العائد خلال الفترة المقبلة.
كتبت – أسماء نبيل