بقلم: كورت فولكر وجورج روبيرتسون
تخلى الغرب عن أفغانستان بعد انسحاب الاتحاد السوفيتى منهاعام 1989، وكانت النتيجة اندلاع الحرب الأهلية وسيطرة طالبان على الحكم وانتهاكات كارثية لحقوق الانسان، وفضلا عن أنها أصبحت ملاذا لتنظيم القاعدة.
ويسارع الأمريكيون قى الوقت الحالى إلى تخفيض هائل فى عدد القوات ونقل السلطة إلى قيادة وطنية عام 2014، وهو ما ينذر بتكرار تلك الأحداث.
ويتبع الغرب نهجا صحيحا فى أفغانستان، على سبيل المثال، انتقال السلطة إلى القيادة العسكرية الأفغانية، تدريب قوات الأمن هناك، شن هجمات تستهدف المقاتلين المتطرفين وقاداتهم، تعزيز المؤسسات السياسية، الاستعداد للانتخابات فى 2014، ودعم التعليم والصحة لجيل جديد من الأفغان.
ورغم ذلك فإن العديد من المشاكل الخطيرة مازالت قائمة مثل الفساد والافتقار إلى وجود الامن فى بعض المناطق واستمرار هجمات طالبان، ووجود ملاذات آمنة للمقاتلين المتطرفين فى باكستان، وعدم فاعلية المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى اعتماد الاقتصاد هناك على تجارة المخدرات، ومن الطبيعى أن تشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالإنهاك بعد اثنى عشر عاماً من فقدان آلاف الأرواح وانفاق مليارات الدولارات، ومن هنا جاء الحافز لنقل المسئولية إلى الأفغان فى 2014.
وتتضمن الخطة الحالية الاستمرار فى الخفض الهائل للقوات ودعم الحوار السياسى مع طالبان والحفاظ على حد أدنى من التواجد العسكرى بعد تسليم السلطة لتدريب الأفغان وضرب الأهداف الإرهابية، ولكن ماذا لو لم تنجح هذه الخطة؟
تخيل حدوث هذا السيناريو العام المقبل، يعنى أن تظل القوات الأفغانية غير قادرة للسيطرة على الامن فى العديد من الاماكن جنوبا وشرقا بالرغم من استمرار تدريب القوات الامريكية لهم، واستمرار الهجمات المتفرقة لطالبان بشكل خطير فى الشمال والعاصمة كابول.
واستكمالا للسيناريو، سوف تنتهى فترة ولاية الرئيس الأفغانى حامد قرضاي، ومن غير المرجح أن تسفر انتخابات 2014 عن فائز محدد تقبله جميع الاطراف، وتصبح طالبان فى ذروة قوتها مع عمق استراتيجى فى باكستان وقائمة طويلة من المتعاونين فى قائمة المستهدفين الخاصة بها لتصبح الحياة فى الجنوب اكثر قتامة، وسيحلم المزيد من العناصر المتطرفة بالانتقام من الولايات المتحدة، وبعد ذلك يحدث المشهد الدراماتيكى المنتظر وهو اعلان طالبان السيطرة على الجنوب والشرق، وترنح الحكومة الأفغانية بشدة وتفتقر القوات الدولية للقدرة على ايقاف الانزلاق إلى الحرب الأهلية.
ولعل الاهم من كل ذلك أنه لا يبدو أن ايا من هذه الأمور يخطط المجتمع الدولى لتجنبه، فمنذ أن حددنا موعداً نهائياً للانسحاب فى ديسمبر 2009 تحول هدفنا من تحقيق الانتصار على المدى الطويل فى أفغانستان إلى مجرد الخروج منها، حتى اصبح انتقال السلطة إلى القيادة الأفغانية مجرد وسيلة تمكننا من الانسحاب عن كونها أداة لتأمين مستقبل البلاد.
ومن باب الانصاف، فإن مؤيدى تحديد الموعد النهائى للانسحاب من أفغانستان لديهم حجج قوية – ايضا- حيث إنهم يؤمنون بأن هذا التحديد يتيح الفرصة للأفغان لتحمل المزيد من المسئولية، وأن المستقبل الوحيد لهذه البلاد يكمن فى قيادة الأفغان لها.
ولكن الأمر الذى يعد بعيدا عن المنطق هو بذل المزيد من الاموال والارواح فى 2013، فاذا اردنا تجنب اندلاع حرب اهلية وانتهاكات حقوق الانسان وخطر كون أفغانستان مرة اخرى منبع التطرف، نحن اذن فى حاجة إلى البدء فى عمل خطة بديلة من شأنها التركيز على تحقيق اهداف موضوعية وليس تحديد موعدا للخروج.
إعداد: إيثار شلبى
المصدر: فاينانشيال تايمز