بقلم: جون سفاكياناكس
عندما صادق وزراء مالية أوروبا على حزمة إنقاذ أخرى لليونان بمقدار 64 مليار دولار فى ديسمبر الماضي، تنفس محبو منطقة اليورو الصعداء، حيث تم تجنب كارثة اقتصادية واصبح خروج اليونان امراً من غير المرجح حدوثه، ستكون حزمة الانقاذ هذه كسابقاتها اى انها سوف تخفف من حدة برنامج تحسين الاوضاع المالية الذى يعد الاشرس تاريخيا وسوف تتعافى البلاد بشكل تدريجي.
ولكن داخل اليونان، يشعر العامة بشيء من عدم اليقين حيال التعافى الاقتصادى للبلاد، فى حين تشعر الحكومة الائتلافية بشىء من التفاؤل ولكن المواطنين المثقلين بالاعباء والضرائب لا يشاركون الحكومة هذا الشعور بالحماس بشأن النظرة الاقتصادية القاتمة لاثينا، فسواء كان هناك حزم انقاذ أم لا فإن النظرة التشاؤمية تجاه الاقتصاد تخيم على اليونان.
من الناحية المالية، يعد برنامج تحسين الاوضاع الاقتصادية باليونان ناجحا، حيث تراجع العجز الحكومى من 15.6% من اجمالى الناتج المحلى فى 2009 إلى 7% فى 2012، ولكن ثمن الاصلاح الاقتصادى كان قاسيا، فسوف يشهد عام 2013 العام السادس لكساد اليونان العظيم الذى انخفض فيه اجمالى الناتج المحلى للبلاد بمقدار الربع، على الرغم من الركود الذى اصاب الولايات المتحدة شهد انحفاضا فى اجمالى الناتج المحلى بنسبة 27%، فهو لم يستمر اكثر من اربع سنوات وعادت معدلات الناتج المحلى إلى ما كانت عليه قبيل الركود بعد ثمانى سنوات فقط، ومن الصعب ان تحقق اليونان مثل هذا التعافى قبيل عام 2020.
بالإضافة إلى ذلك فإن دخل الفرد فى تدهور حاد منذ عام 2010 ومن غير المرجح ان تعود الاجور إلى وضعها الطبيعى لسنوات عديدة، ومن المتوقع ان يتجاوز معدل البطالة نسبة 26% بحلول عام 2014 وفقا للبنك المركزى اليونانى أو 31% وفقا لمعهد كيل للاقتصاد العالمى فى المانيا، وتعد مهمة خلق فرص عمل مهمة شاقة من شأنها ان تختبر مدى قدرة ساسة اليونان على المضى قدما.
مع الارتفاع المستمر فى معدلات البطالة وتضييق الخناق على الطبقة الوسطى من كل جانب، فإن طبقة الفقراء الجدد فى اليونان ترتفع بوتيرة سريعة، وارتفعت نسبة الاسر اليونانية المعرضة لخطر الوقوع فى الفقر من 20.1% فى 2010 إلى 21.4% فى 2011.
وفى الوقت ذاته، تواجه اليونان ازمة انهيار العائدات، يعود ذلك إلى مشكلة التهرب الضريبى المتفشية فى البلاد، حيث قدرت المفوضية الأوروبية فى عام 2012 حجم اقتصاد الظل فى اليونان بنحو 24% من اجمالى الناتج المحلى ما ادى إلى فقدان 13 مليار دولار سنويا فى العائدات، واحتلت اليونان ادنى مرتبة بين دول الاتحاد الاوروبى فى مؤشر مدركات الفساد العام الماضى حيث احتلت المركز 94 من بين 174 دولة.
يعتمد التعافى الاقتصادى فى اليونان على عودة الثقة إلى الاعمال التجارية والاستثمار، ويجب ان يتم دعم هذين المجالين من خلال برنامج تحسين الاوضاع الاقتصادية فضلا عن عدد من المشاريع الكبرى الممولة من صناديق الاتحاد الاوروبي، ودون ضخ استثمارات خارجية، من المرجح ان يشهد الاقتصاد مكاسب انتاجية ضئيلة، لن تتمكن اثينا من تعزيز الاستثمار فى رأس المال البشرى والبحث والتطوير والبنية التحتية من خلال موارد رأس المال اليونانى وحدها، واليونان، أيضا، فى حاجة إلى النهوض بالسياحة والخدمات والزراعة حتى تتمكن من الخروج من ازمتها الحالية.
التجربة اليونانية أبعد ما تكون عن الانتهاء والبيئة السياسية المقلقة قد تعيق جهود التعافى الحالية، فالانتعاش الاقتصادى سوف يأخذ وقتا طويلا وممتدا وسيواجه اليونانيون العديد من الضغوط بشكل متزايد كلما اكتمل تأثير تدابير التقشف، قد تكون منطقة اليورو مازالت قادرة
على محاربة الازمة ولكن التوقعات بالنسبة لليونان لا تنذر بأى تفاؤل.
إعداد: ايثار شلبى
المصدر: فورين بوليسى