قال كريم هلال، رئيس مجلس إدارة جمعية “اتحاد رجال أعمال دول جنوب شرق آسيا”، إن الجمعية ستعقد مؤتمر القمة المصرى – الآسيوى يومى 2 و3 من شهر أبريل المقبل، وذلك لطرح فرص الاستثمار فى السوق المصرى واجتذاب أكبر قدر لها من الاستثمارات الآسيوية.
اضاف هلال فى حوار مع “البورصة” أن عقد المؤتمر سيتم بالمشاركة مع الجمعية المصرية لتنمية الأعمال “ابدأ”، وتستعد الجمعيتان حالياً لحصر جميع الفرص الاستثمارية مع وزارة المالية فى قطاعات البنية التحتية واللوجيستيات والطاقة، وتحديدها تفصيلاً بجميع البيانات المتعلقة بها فى مذكرة جاهزة للتوقيع مع المستثمرين الآسيويين الراغبين فى المشاركة بهذه الاستثمارات خلال زيارة الوفد الآسيوى إلى مصر.
وأضاف أن الجمعية ستشترط أن تكون المشروعات الداخلة ضمن مذكرة الاستثمار جاهزة للتنفيذ وليست حبراً على ورق فقط، خاصة أن الاقتصاد المصرى خسر خلال السنوات الأخيرة استثمارات بالمليارات بسبب الدعاية والترويج عن بعض الفرص دون أن يكون لها جدول عمل محدد، وحتى الآن لم تدخل هذه الاستثمارات حيز التنفيذ الفعلى.
وأكد هلال أن هذا التعطيل ترتب عليه تكوين انطباع سيئ لدى المستثمر الأجنبى، الذى قرر ألا يعود مرة أخرى إلى هذه السوق التى تعانى حالة من الاضطراب فيما يتعلق بقرارات تنفيذ المشروعات، خاصة أن لديهم العديد من الفرص فى دول أخرى تتمتع بمناخ استثمارى أكثر جذبا بسبب الاستقرار الأمنى والتشريعى وتراجع معدلات الفساد.
وأشار إلى أن الجمعية تستعد أيضاً للبدء فى جولات ترويجية فى بعض بلدان جنوب شرق آسيا، التى تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، بغرض دراسة المنتجات التى تقوم هذه البلدان باستيرادها، والعمل على تشغيل خطوط انتاج فى مصر لتوفير متطلبات هذه الأسواق والعمل على تصدير هذه المنتجات لها.
وتعليقاً على الوضع الاقتصادى المحلي، قال رئيس جمعية “اتحاد رجال أعمال دول جنوب شرق آسيا” إن الوضع الاقتصادى الحالى سيئ للغاية، نتيجة إصابته بأمراض عديدة تتمثل فى عجز الموازنة العامة وهروب الاستثمارات الأجنبية فضلا عن أزمة غياب الأمن والاستقرار وعدم وضوح الهوية السياسية والاقتصادية للبلاد، وغياب المصدر الرئيسى للعملة الأجنبية المتمثل فى السياحة، التى تعد مصدراً رئيسياً لدخل الموازنة.
وأضاف أن أزمة الاقتصاد المصرى تنبع من استمرار زيادة النفقات الناتجة عن المطالب الفئوية، وهو ما أدى بالحكومة إلى استهلاك نصف الاحتياطى النقدى لها خلال عامين، ما أدى لتأزم الأوضاع حتى لا يمكن الاستمرار بها، فلابد من الوصول لنقطة التحول بأسرع وقت ممكن.
ولفت هلال إلى أن من ضمن أهم الأسباب التى أطالت أمد المرحلة الانتقالية عقب ثورة 25 يناير، زيادة وتواصل فعاليات القوى المعارضة الرافضة للسلطة الشرعية الحاكمة، مطالبا الجميع بأن يدركوا جيدا أن الدكتور محمد مرسى هو رئيس البلاد ما دام الصندوق انتهى إلى ذلك، وأن وجوده كرئيس للبلاد أصبح أمراً واقعاً لابد من التعامل معه، وليس الوقوف أمامه دوماً فقط، وأنه لا يليق أن تستمر هذه الفعاليات المعارضة التى تتم ضد الرئيس محمد مرسى بدافع شخصي.
وأوضح أن كثيرا من المصريين أخطأوا فى حق مصر بسبب التعبير الخاطئ عن مطالبهم، وإن كانت مشروعه، لأن مطالبتهم جاءت بآثار سلبية للغاية على أداء الاقتصاد، خاصة أن الاحتجاجات الفئوية المتكررة نقلت انطباعا سيئاً عن الوضع السياسى والاقتصادى فى مصر لدى المستثمرين الأجانب مما ساهم فى اتجاههم إلى سحب استثماراتهم الموجودة فى السوق أو تجميدها، وبالتالى تأجيل قرار الاستثمار لحين عودة الهدوء والاستقرار إلى الأسواق.
وقال رئيس جمعية اتحاد رجال أعمال جنوب شرق آسيا، إن غالبية المستثمرين الأجانب، الذين دعتهم الجمعية للاستثمار فى السوق المصرية يبدون حالياً تخوفهم من حالة غياب الاستقرار وعدم وضوح الرؤية، التى تعانيها البلاد خلال الفترة الأخيرة، خاصة أن الحكومة الحالية مؤقتة، وأنه بمجرد تشكيل مجلس النواب الجديد سيتم تشكيل حكومة جديدة لن تأخذ باتجاهات أو خطط الحكومة الحالية، لذلك يرهن عدد من رجال الاعمال اتخاذ قرار الاستثمار بانتخاب البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة، خاصة أن “الاستثمار يكره الشبورة”.
ورأى هلال أن أهم المشاكل التى وقع فيها مرسى مع شعبه عدم التزامه بالمصارحة والشفافية، فكان عليه أن يواجه المجتمع بالمشاكل الاقتصادية، التى تعانيها البلاد حتى يقبلوا تحمل هذه الأوضاع والتضامن معه، وأنه عندما أعلن عن فرض مشروع الضرائب المجمد حالياً لم يوضح الهدف من هذه الضرائب هل هى من أجل الحصول على قرض صندوق النقد أم لسد عجز الموازنة أم سيقابلها خدمات كما هو معروف على مستوى جميع دول العالم.
ورفض قيام الحكومة بفرض المزيد من الضرائب لزيادة الإيرادات لتمويل العجز المتزايد فى الموازنة، لأن زيادة الضرائب يجب أن تتزامن مع تغيير ملحوظ فى مستوى الخدمات التى تقدمها الحكومة للمواطنين، حتى لا يترتب على هذه الضرائب الجديدة المزيد من التراجع فى معدلات جذب الاقتصاد للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال هلال إن الشعب محق فى رفض الضريبة، لأنها غير عادلة طالما أنها لم تقابل بخدمات يحصل عليها المواطن وأقلها توفير الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية والعلاج والنظافة، وذلك من منطلق “هدفع ليه وأنا مبخدش مقابل”.
وراهن على أن الشعب سيقبل هذه الضريبة فى حالة تعهد مرسى ببعض الوعود، التى تضمن له الحق الأدنى من تلك الخدمات الأساسية، مؤكدا أن ملف الضرائب يحتاج إلى إصلاح، ولكن لابد أن يتم التعامل مع هذا الملف بمنتهى الذكاء لأنه حيوى للغاية ويمس حياة المواطنين كافة، لذلك على الحكومة أن تشكل لجاناً معتبرة من الخبراء للوقوف على الحل الأمثل فى هذا الإطار.
وأيد هلال اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن الطاقة، وقال: «هذا القرار جاء متأخراً نحو 15 عاماً»، لكن يجب أن تحرص الحكومة على تنفيذ هذا التوجه بشكل تدريجى إلى أن يتم رفع الدعم كليا عن كل مصادر الطاقة، خاصة أن الدول الغنية فقط هى التى تستطيع تحمل عبء هذا الدعم، لكن سوء حظ الحكومة الحالية أنها تصدت لهذا القرار.
ووصف رفع الدعم التدريجى عن الطاقة بـ”المهم للغاية”، لأنه غير منطقى أن تتكبد الحكومة ما قيمته 100 مليار جنيه فى موازنة الدولة للدعم وهو مبلغ كبير يفوق قدرات الدولة، مطالبا الحكومة بالحرص على الابقاء على دعم السلع الأساسية، التى يستهلكها شريحة عريضة من الشعب، خاصة محدودى الدخل مثل السكر والدقيق والأرز وزيت الطعام، الذى يقارب عدد المخاطبين به من خلال بطاقات التموين نحو 66 مليون مواطن.
وقال كريم هلال، إن قيمة القرض المنتظر أن تحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولى لا تذكر، وأنها لا تكفى لتوفير المستلزمات الرئيسية للدولة مدة شهرين، وأنه من اليسير للغاية توفيرها من أخري، لكن من الضرورى أن تحصل عليه مصر، لأن عدم الحصول عليه قد يوقع مصر فى كارثة، وتتمثل هذه الكارثة فى تخوف مختلف مؤسسات التمويل الدولية عن اقراض مصر، وبالتالى فإن مصر بحاجة إلى قرض الصندوق، لأنه يعطى مصر شهادة ضمان دولية.
ونصح رئيس جمعية اتحاد رجال أعمال دول جنوب شرق آسيا الرئيس محمد مرسى بأن يبادر إلى مصارحة الشعب بمتطلبات وشروط القرض حتى يقف الجميع إلى جواره فى مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، فيكون الأمر أكثر سهولة ويسرا، مؤكداً أن لغم البطالة، يمكن أن ينفجر فى أى وقت فى حال تجاهله وعدم إيجاد حلول سريعة لمواجهته، وأنه من الضرورى تجنب فرض المزيد من الضرائب على محدودى الدخل لتسكين هذا اللغم، فضلاً عن تحفيز الإنتاج.
كتب – علياء سطوحى وشيماء تركي