تطرح شركة الحديد والصلب المصرية التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية مناقصة اختيار مكتب خبرة عالمى لإعداد دراسة تطوير مصنع الشركة خلال أيام، وسط اتجاه حكومى قوى للنهوض بالشركة،بحسب المهندس محمد سعد نجيدة فى حوار مع «البورصة»، عبر فيه عن تفاؤله بعودة حديد القطاع العام للمنافسة بقوة فى السوق والتحول إلى تحقيق أرباح بعد عامين من تنفيذ خطة التطوير.
أضاف نجيدة أن الشركة قاربت على الانتهاء من تجهيز مناقصة اختيار مكتب بيت خبرة عالمى ليقوم بوضع دراسة التطوير ويشارك فى وضع المناقصة معهد التبين وجامعة القاهرة، لافتاً إلى أن توفير التمويل مسئولية الدولة التى أكدت نيتها تطوير الشركة فى الاجتماع الأخير مع رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل.
وأشار إلى موافقة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية عام 2011 على إعداد دراسة جدوى ورؤية اقتصادية للنهوض بالشركة على مرحلتين، الاولى للوصول إلى الطاقة التصميمية لإنتاج 1.2 مليون طن صلب منتج نهائى، وهى مرحلة تحتاج استثمارات مقدارها 350 مليون دولار على مدى خمس سنوات، أما الثانية فتهدف إلى الوصول بالطاقة الإنتاجية إلى 3 ملايين طن.
وأكد أن هناك عدة حلول لتطوير الشركة، تتضمن البدء الفورى فى استيراد فحم الكوك لحين إتمام أعمال تأهيل وصيانة بطاريات شركة الكوك المنهارة، بحيث تنفذ الخطة على مدى خمس سنوات لتطوير وتحديث معدات الشركة بإنشاء خط متكامل لإنتاج حديد التسليح بطاقة 600 ألف طن سنويا وبتكلفة 2 مليار جنيه، بالاعتماد بصفة أساسية على فرن كهرباء لصهر الخردة يشمل وحدة صب مربعات وإنشاء وحدة مربعات منحنية بدلا من الرأسية وفرن بودقة وتأهيل الكسارات والطواحين والمناخل بالمناجم، علاوة على إحلال وتجديد الكراكات ومعدات النقل الثقيل بالمناجم والمحاجر.
وأضاف أن خطة التطوير تتضمن أيضا شراء وسائل نقل الخامات للمصانع وتطوير تلبيد رقم 2 ورفع طاقته الإنتاجية إلى 3 ملايين طن ووقف تشغيل تلبيد رقم 1 وما يرفقه من تأهيل الشحن وصيانة الكسارات والطواحين وتأهيل الفرن العالى الرابع ورفع طاقته الإنتاجية إلى 780 الف طن سنويا، بالتزامن مع اعمال تأهيل لمحطة النوافخ ومحطة الطلمبات رقم 2.
وأكد نجيدة ضرورة تأهيل عنبر البوادق وتحديث عنبر إنتاج الماصة وتجديد معدات التجليخ وتنفيذ مشروع صيانة خطوط السكة الحديدية داخل المصانع وصيانة خطوط نقل المعدن السخن وتأهيل معدات المناولة والصيانة وانشاء نظام تحكم آلى للمحولات واستخدام SLIDE GATE لتحسين الأداء المحول ورفع الإنتاج.
وطالب نجيدة بدراسة فرض رسوم حماية جمركية على منتجات الصلب المستوردة فى حدود 10 إلى 15%، وهى الرسوم التى تفرضها بعض الدول على الصادرات المصرية، نظرا لأنه فى السنوات الأخيرة وفى ظل سياسة العولمة، تم إغراق السوق المصرى بمنتجات الصلب من تركيا وأوكرانيا وروسيا بأسعار أقل كثيراً من الأسعار فى تلك الدول مما يعتبر نوعاً من الممارسة الاحتكارية تهدد شركات الصلب المصرية بالتوقف والانهيار، وذلك لعدم قدرة الشركات على تخفيض الأسعار.
وأضاف أن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه أدى لتحريك السوق بعد انخفاض الاستيراد نتيجة زيادة السعر وبالتالى الاتجاه إلى السوق المصرى وزيادة الصادرات خلال الفترة الحالية.
شدد رئيس الشركة على أهمية إنشاء فرن معالجة حرارية للدولوميت وتأهيل الدرفلة وإحلال وتجديد معدات التحكم الآلى فى الشبكات الكهربائية بالشركة وتحديث أجهزة القياس والمعايرة ووضع آليات لضبط إداء وحدات إنتاج الطاقة بالمصانع وتأهيل الورش الإنتاجية لتحسين كفاءة وجودة إنتاج قطع الغيار.
واعتبر نجيدة اشكالية صعوبة الحصول على فحم الكوك أكبر العقبات التى تواجه الحديد والصلب المصرية، وأرجع تاريخ المعاناة فى توفيره إلى بداية التسعينيات من القرن الماضى عند الاتجاه لتحرير الاقتصاد وشملت تحرير سعر الحديد ليبدأ عصر “التهميش والإهمال والتجميد” بهدف بيع الشركة أو تصفيتها.
وقال أن الحديد والصلب كانت هدفا للخصخصة، حتى أن عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق قال “لا أستطيع الدخول للحديد والصلب بسبب الكثافة العمالية الكبيرة”، وتعمدت الدولة هدم “الحديد والصلب” فأهملت شركة النصر لصناعة الكوك التى تنتج إحدى الخامات الرئيسية التى تحتاجها الشركة لإنتاج الحديد حتى وصلت الشركة إلى مرحلة الإحتضار فى وقت من الأوقات.
ذكر ان إمدادات فحم الكوك تراجعت منذ يناير 2011 بنسبة تتراوح بين 30و40% من الكمية المطلوب توريدها، نتيجة انهيار البطاريات الخاصة بتصنيع فحم الكوك، مما أدى إلى زيادة فترات التوقف غير المخططة للأفران العالية، ليرتفع معدل بطانات الأفران العالية وانهيارها وبرودة الأفران واحتمال تجمدها،وكذلك توقف أفران الدرفلة التى تعتمد على غازات الأفران، مما يهدد بخطورة توقف الإنتاج بالكامل لشركة الحديد والصلب.
وكشف أن ديون شركة الحديد والصلب لشركة الكوك تراكمت حتى بلغت 800 مليون جنيه عام 2012 وقد ساعد على زيادتها تراجع كمية المبيعات وانخفاض الأسعار العالمية لمنتجات الصلب وكذلك الأسعار المحلية بسبب حالة الانفلات الأمنى وعدم الاستقرار السياسى وتوقف العديد من مشروعات المقاولات والعقارات، مما دفع الشركة لبيع منتجاتها بأسعار أقل من التكلفة نظرا لحاجتها إلى توفير السيولة لسداد قيمة بعض مستلزمات الإنتاج.
وأوضح رئيس الحديد والصلب المصرية أن الإضافات التى تمت على عقد توريد فحم الكوك إلى «الحديد والصلب المصرية» تضمنت إضافة فوائد على المبالغ المتأخرة فى السداد واحتساب نسبة رطوبة 5% ضمن الوزن بدلا من الحساب على الوزن الجاف، وطريقة جديدة لحساب سعر فحم الكوك وكذلك سعر الفحم الناعم بنفس سعر الفحم الخشن.
وتتجه الشركة إلى استيراد فحم الكوك ولكنها تحتاج مساندة ودعم من الدولة نظراً لأن عملية تطوير شركة الكوك قد تستغرق ثلاث سنوات، وهو ماتمت مناقشته فى الاجتماع الأخير مع رئيس الوزراء الذى طلب تدخل وزير الاستثمار أسامة صالح لدى البنوك لسرعة اقراض شركة الكوك لتبدأ التطوير.
قدر نسبة الحديد فى الخام الوارد من الواحات البحرية بما يتراوح بين 50 و51%، بالإضافة إلى نسبة عالية من السيليكا والمنجنيز والزنك والقلويات، وكل 2 مليون طن خام ينتج مليون طن حديد، مما يتطلب بدوره معدل أعلى فى استهلاك قطع الغيار وزيادة الاحتياجات من الطاقة فى المراحل الأولى لاستخلاص الزهر فى مرحلة التلبيد والأفران العالية، حيث يبلغ ما تستهلكه الشركة فى هذه المرحلة فقط حوالى 65% من اجمالى استهلاكها من عناصر الطاقة المختلفة،وهى فحم الكوك والكهرباء والغاز الطبيعي،
ودعا نجيدة الدولة لدعم الطاقة فى المرحلة الأولى من الإنتاج كمطلب ضرورى للحفاظ على استمرار ونمو هذه الصناعة.
وقال إن «الحديد والصلب المصرية» تحتاج إلى الاهتمام بالتنمية البشرية وتوفير البرامج التدريبة داخليا وخارجيا للعمالة الجديدة، وكذلك التجديد لعدد محدود من الخبراء من الشركة بعد بلوغهم سن التقاعد للمساهمة فى نقل الخبرات وتواصل الأجيال وتسوية معاشات للحالات المرضية الحرجة.
وأرجع اشكالية زيادة العمالة إلى تاريخ تأسيس الشركة، عندما أقامها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بغرض اقتصادى اجتماعى عام 1954 وبدأت العمل 1958 كشركة مساهمة مصرية، وتم تعيين عدد كبير من العمال وصل إلى 23 ألف عامل، رغم أنه كان يمكن تشغيلها بـ 8 آلاف عامل فقط، وقامت الشركة على استغلال الخامات الموجودة فى مصر من مناجم الواحات البحرية وبنى خالد بالمنيا، مما أدى لظهور مدينة سكنية بكل منطقة وخلقت طلبا على السلع والمنتجات.
وقال أن الهيكل الفنى للشركة فى الوقت الحالى يواجه اختلال كبير بسبب توقف التعيينات منذ 1990 إلى 2009 مع خروج خبرات متميزة ومتوسطة الأعمار أثناء تطبيق نظام المعاش المبكر دون ضوابط اعتباراً من عام 2001 وخروج الكثيرين للعمل فى شركات الحديد التابعة للقطاع الخاص بالإضافة إلى السفر للعمل فى قطر، وحذر من اختفاء الخبرات بالشركة بحلول عام 2011 فى حالة استمرار الوضع على هو عليه،بعد خروج القدامى للمعاش.
وقال أنه تم تثبيت العمالة المؤقتة وتسوية مؤهلاتهم بعد 25 يناير فى ظل نقص حاد فى الخبرات على كل المستويات فى الإدارة المتوسطة والعليا، وأصبح مطلوب فوراً تعيينات جديدة لسد العجز.
أضاف أن نسبة العمالة فوق 45 عاماً تمثل 65% والأقل من 45 عاما تمثل 35% بما تمثله الفئة الأخيرة من طاقة بدنية وذهنية أساسية لأى صناعة ثقيلة.
وأشار إلى أن عدد العمال المصابين بأمراض مزمنة بلغ نحو 3050 عاملا، يمثلون 25% من إجمالى عدد العاملين، وقد بلغ عدد العاملين المرضى الذين حصلوا على أجازات مرضية أكثر من 69 عاملا خلال 8 شهور، مما يكلف الشركة أعباء كبيرة نتيجة تكاليف العلاج والأجور، حيث تسدد الشركة 44 مليون جنيه مرتبات وتأمينات للعاملين شهرياً يتم تمويلها ذاتياً.
ويكشف أداء الشركه خلال الخمس سنوات الماضية عن تحقيق أرباح بقيمه 355.7 مليون جنيه خلال العام المالى 2007 ـ 2008 وتراجعت إلى مستوى 177 مليون جنيه العام التالى ثم انخفضت إلى 54.7 مليون جنيه عن عام 2009 2010، لتبدأ الشركه الدخول فى دوامة الخسائر بحلول عام 2010 2011 لتسجل خسائر بقيمه 337.3 مليون جنيه ثم 268.3 مليون جنيه فى العام المالى 2011ـ2012، رغم ان حجم الاصول التى تمتلكها الشركه تتعدى 4.2 مليار جنيه، ليبلغ بذلك العائد على حقوق ملكيه مساهمى الشركه31.7% ولم تقم الشركة بتوزيع ارباح على المساهمين منذ عام 2008 والذى شهد آخر كوبون تم توزيعة بقيمة 0.4 جنيه للسهم بعد ان قامت الشركه بتوزيع 0.37 جنيه خلال عام 2007 على دفعتين.
بلغت خسائر الحديد والصلب 67.513 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2012/2013 مقابل 152.775 مليون جنيه نفس الفترة العام الماضى.
وأرجع رئيس الشركة الخسائر التى تحققها ” الحديد والصلب المصرية” إلى تقادم المعدات وحالة عدم الاستقرار التى تمر بها مصر بعد الثورة وتأثر المشروعات العقارية والمقاولات بالإضافة إلى نقص كميات الكوك.
وأوضح أن مصنع الشركة كان يعمل فى ألمانيا سنة 1936 واستوردته مصر مستعملا ولايزال يعمل بالشركة حتى الآن، وفى 1973 حدثت عملية تطوير للشركة بتكنولوجيا روسية لم تكن على مستوى عالٍ من التقدم وأصبح فى حاجه إلى الإحلال والتجديد والتطوير.
من جهة أخرى، تكلفت الشركة أكثر من 20 مليون جنيه خسائر نتيجة تدهور الحالة الأمنية وانتشار أعمال البلطجة والتعديات المستمرة على أراضى الشركة بالاستيلاء على عشرات الأفدنة من أراضيها، وبعض المبانى داخل المدينة السكنية للشركة وأحواش التخزين شبه اليومية بالأسلحة، وكسر مخازن الشركة وسرقة محتوياتها وكذلك الكابلات والمحركات.
وتعتبر “الحديد والصلب المصرية” الوحيدة فى مصر والعالم العربى بإنتاج القطاعات المتوسطة والثقيلة والألواح ذات سمك أكبر من 10 مليمترات، وتستخدم مئات من الشركات الهندسية وشركات الصلب المحلية، منتجات الحديد والصلب المصرية كمدخل أساسى لتصنيع منتجاتها، كما تقوم بتصدير 20% من إنتاجها السنوى.
يبلغ رأسمال الشركة المصدر والمدفوع 976.872 مليون جنيه موزعاً على عدد 488.436 مليون سهم بقيمة اسمية جنيهين للسهم الواحد.
حوار ـ محمود صلاح الدين وأسماء الشنوانى