قال الدكتور رشيد حمد الحمد السفير الكويتى لدى مصر ان الكويت رصدت نحو 3 مليارات دولار مبدئيا لمساندة الاقتصاد المصرى فى هذه الفترة الحرجة، تعتزم ضخها فى عدد من المشروعات الاستثمارية جار دراستها، أوتقديمها فى شكل ودائع أو الاكتتاب فى سندات واذون خزانة، بشرط استقرار الأوضاع السياسية والأمنية.
وقال فى حوار مع «البورصة» إن القيمة النهائية للمساعدات ستحددها المفاوضات مع الجانب المصرى .. فالقيمة المبدئية قد تزيدعلى حد قوله.
أضاف أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سيصاحبه وفد كبير يضم وزير المالية نايف فلاح خلال زيارته القاهرة لحضور القمة الاسلامية المزمع عقدها فى 6 من فبراير المقبل، ينتظر أن تشهد على هامشها عقد لقاءات جانبية بين عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية بالبلدين للاطلاع على الخريطة الاستثمارية لمصر وتحديد المشروعات التى ستضخ بها استثمارات، وقد تتطرق اللقاءات الى متابعة الموقف النهائى لمشاكل الاستثمارات الكويتية بمصر.
وكشف الحمد عن اتفاق بالأحرف الاولى لقرض بقيمة 100 مليون دولار تم توقيعه خلال زيارة وفد من الصندوق الكويتى للتنمية القاهرة منذ عدة أيام مع الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة التعاون الدولى يوجه لتحديث وتطوير السكك الحديدية خاصة المحطات التى تمر بمحافظة بور سعيد.
وقال ان وفدا من الاستشاريين والخبراء زار المحافظة لاعداد دراسات الجدوى قبل توقيع القرض، حيث أدت الحوادث الاخيرة لقطارات السكك الحديدية إلى تعجيل طلب الحكومة المصرية لقرض الصندوق الكويتى لتطوير وتحديث منظومة السكك الحديدية.
وقال السفير ان الصندوق الكويتى للتنمية وقع 3 اتفاقات مع الحكومة المصرية عبر وزارة التعاون الدولى بقيمة إجمالية 100 مليون دولار، وجهت لمجالات الغاز والكهرباء، حيث وصل اجمالى القروض المقدمة من الصندوق لمصر بنهاية 2011 الى 1.8 مليار دولار من إجمالى 3.4 مليار دولار قدمها الصندوق الى 234 دولة اسلامية.
وذكر أن اجمالى المنح والمعونات الفنية المقدمة لمصر بنهاية 2011 ايضا بلغت 16 مليون دولار من إجمالى 1.2 مليار دولار.
وكشف عن اجتماع بين الجانبين المصرى والكويتى غدا الثلاثاء مع لجنة تسوية عقود الاستثمار بمجلس الوزراء لتسوية الخلاف مع الشركة المصرية الكويتية حول 26 ألف فدان بالعياط لاعادة تقييم علاوة تغيير نشاط الارض الى نشاط عمرانى كانت الشركة قد حصلت عليها لاغراض زراعية ولم تلتزم الحكومة بالوفاء باحتياجات المشروع من المياه.
يحضر الاجتماع من الجانب الكويتى ممثلون للشركة المصرية الكويتية الى جانب السفير الكويتى بالقاهرة والدكتورة نجلاء الاهوانى المسئولة عن لجنة تسوية عقود الاستثمار بمجلس الوزراء وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية على رأسهم وزير الزراعة.
ووصف الحمد علاوة تغيير نشاط الارض من زراعى الى عمرانى والتى قدرتها الحكومة فى السابق بـ40 مليار جنيه بأنها مغالى فيها، فالأرض غير صالحة للزراعة والحكومة لم تف بتعهداتها بتوصيل المياة اليها.
وقال إن هناك سيناريوهين مطروحين خلال المفاوضات، الأول يقضى بدخول الحكومة المصرية شريكا فى المشروع العمرانى بنسب تقدر خلال الاجتماع، والثانى يتمثل فى تخفيض علاوة تغيير النشاط، بينما من غير المطروح خروج المستثمر الكويتي.
وقال إن الشركة ترفض تعميم النشاط العقارى على جميع الاراضى خلال عملية التقييم فهناك مساحات سيحصل عليها الجيش ومساحات تمت زراعتها الى جانب الطرق والشوارع الجانبية، ليوضح أن الحكومة المصرية اكتشفت بعد 10 سنوات ان الارض غير صالحة للزراعة بعد ان جمدت الشركة الكويتية استثمارات ضخمة ما حملها اعباء وخسائر لابد وان تراعيها الحكومة المصرية.
كانت الشركة المصرية الكويتية للاستثمار، التى تمتلك شركة منا الكويتية 33% من اسهمها، قد قامت بشراء نحو 26 ألف فدان فى مدينة العياط بمحافظة الجيزة، بغرض إقامة مشروع زراعى عليها، وقامت الشركة باستصلاح 10 آلاف فدان، وزراعة نحو 3 آلاف فدان منها، باستثمارات وصلت إلى 500 مليون جنيه، الا ان حكومة احمد نظيف قبل اندلاع ثورة 25 يناير بنحو العام اخطرت الشركة بعدم توافر المياه اللازمة لزراعة هذه المساحة من الأرض، وتم تشكيل لجنة وزارية لحل المشكلة، وتوصلت إلى تحويل الغرض من استخدام الأرض إلى عمرانى بدلا من زراعي، على ان تتم اعادة تقييم المساحة وفقا للنشاط الجديد.
وتبت دائرة العقود بمحكمة القضاء الإدارى 12 فبراير المقبل فى الدعوى المقامة ضد الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء والهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية وتطالب بفسخ التعاقد مع الشركة المصرية الكويتية، حتى تعقب الشركة على تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى أوصى بفسخ العقد وإعادة الأرض إلى الدولة.
وارجع السفير الكويتى تعطل مفاوضات انهاء النزاع مع الحكومة المصرية الى تعدد الجهات التى تتولى حل الازمة قائلا: «كنا نعقد اجتماعات طويلة ومرهقة ولكن دون جدوى لأن كل طرف يرى حلا مختلفا» حتى تم تشكيل لجنة تسوية عقود الاستثمار التى سهلت الأمور.
وقال ان التخبط فى حل الازمة فى بداية الامر دفع الشركة الكويتية للتفكير فى اللجوء للقضاء والتحكيم الدولى بسبب التوصيات التى صدرت بفسخ العقد وسحب الاراضى من الشركة.
وقال السفير الكويتى انه لاتزال هناك مشاكل عالقة بين مستثمرين كويتيين والحكومة المصرية باستثمارات تتجاوز المليار دولار، تقدم بها للجنة تسوية عقود الاستثمار خلال الفترة القليلة الماضية منها «مجموعة البابطين» وشركة KGL بدمياط، لذلك سيسأل اعضاء اللجنة عماتم حتى الآن فى تسوية تلك المشاكل خلال مفاوضات انهاء ازمة ارض العياط بعد غد الثلاثاء.
تتمثل المشكلة فى نزاع الحكومة مع شركة 6 اكتوبر لاستصلاح وتنمية وتعمير الاراضى الصحراوية المملوكة لمجموعة «عبد المحسن البابطين الكويتية حول مشروع فيلات «رويال سيتى» بسبب قرار الحكومة المصرية بسحب الجزء الذى لم تطوره الشركة.
وقال إن مجموعة البابطين خاطبت السفارة الكويتية بالقاهرة لبدء التفاوض مع الحكومة لانهاء النزاع وتطوير المساحة المتبقية، حيث سلمت المجموعة 85% من إجمالى المشروع حتى الآن، وأرجعت تأخرها فى عملية التطوير الى تباطؤ النشاط العقارى والانفلات الأمنى وتوقف الانتاج الذى اعقب ثورة 25 يناير.
يقع مشروع «رويال سيتي» بمدينة الشيخ زايد على مساحة 1.6 مليون متر، ويتكون من 700 فيلا اسكان فاخر، بالاضافة الى جزء خدمى يضم سوقا تجاريا ومنطقة ترفيهية ومكاتب ومطاعم ومعارض للسيارات، وبدأ تنفيذ المشروع عام 2005 ووصل حجم مبيعاته الى مليار جنيه، وتم بيع نحو 85% منه.
وبدأت مجموعة البابطين استثماراتها فى مصر منذ 1996 باجمالى استثمارات حتى الآن يبلغ مليار دولار موزعة على مشروعات سياحية وترفيهية وعقارية فى القاهرة والاسكندرية وشرم الشيخ و6 اكتوبر فبالنسبة للقطاع السياحى لدى المجموعة فندقان فى مدينة شرم الشيخ هما «شرم هوليداي» و«شرم كليف».
أما المشكلة الثانية فتخص شركة «KGL» الكويتية التى تضم استثمارات امريكية وصينية وفرنسية لانشاء محطة حاويات بميناء دمياط باستثمارات مليار دولار لاتزال معطلة حتى الآن بسبب تعدد الجهات الحكومية التى تتعامل معها الشركة ومماطلتها فى الاجراءات المطلوبة ما عرضها لغرامات تأخير تصل ملايين الدولارات نتيجة تأخرها فى التنفيذ لأسباب خارجة عن إرادتها.
وقال إن الشركة حصلت على الموافقة «لانشاء محطة جديدة بميناء دمياط وبناء احواض لاستقبال السفن وتعميق الميناء» منذ 2005 وقت تولى د.عصام شرف وزارة النقل والذى جاء رئيسا لوزراء مصر بعد الثورة وسعى لحل الازمة لكنها لاتزال عالقة، ولم ينته من انشاءات المشروع سوى 25% حتى الآن.
وقال إن استثمارات إنشاء المحطة الحديثة تبلغ مليار دولار على مساحة مليون متر مربع بعمق 18 مترا، وإضافة أرصفة جديدة بطول 2300 متر مع توريد الأوناش العملاقة ومعدات الأرصفة اللازمة لخدمة سفن الحاويات من الجيلين الخامس والسادس،وتضمن الاتفاق الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع خلال عامين ونصف أى قبل نهاية 2009 بطاقة 1.5 مليون حاوية مكافئة تصل فى المرحلة الثانية إلى تداول 4 ملايين حاوية، إلا أنه حتى الآن لم ينفذ شيء على أرض الواقع.
على جانب آخر، قال السفير الكويتى ان الثورة المصرية تعبر عن ارادة المصريين، ودولة الكويت تحترم رغبات الشعب المصرى فى تغيير نظام يراه لم يحقق طموحاته ولم يعطه الديمقراطية ولا الحرية، وقال أن دولته لم تتخل عن مصر، بدليل الوفود الكويتية الاقتصادية والسياسية التى زارت مصر بعد الثورة للمساهمة فى اسعاف الاوضاع الاقتصادية.
وقال انه خلال لقاءاته بالمشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى وقتها كان يستعجله فى صرف المساعدات الكويتية وضخ استثمارات بمصر لكن الوقت لم يكن مناسب وقتها وحتى الآن، على حد قوله، نظرا لعدم الاستقرار الأمنى والسياسى.
أضاف السفير أن الاستثمارات الكويتية تراقب وترصد تطور الاوضاع بمصر وتنتظر الانتهاء من الانتخابات البرلمانية خاصة بعد إقرار الدستور وانتخاب رئيس جمهورية ومجلس شورى لتدخل السوق المصرى، وأعرب عن أمله فى أن تستعيد مصر مكانتها فى المنطقة كسابق عهدها.
وأكد أن حضور وفد متطوع من المحامين الكويتيين لايعبر عن موقف دولة الكويت بل هو موقف شخصى منهم لاسباب قد ترجع من وجهة نظرهم الى مساندة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك لبلادهم وقت غزو العراق ، إلا أن محاكمة رموز النظام السابق شأن داخلى للمصريين ولا شأن للكويتيين به.
وقال السفير الكويتى: «حوكم صدام حسين الرئيس السابق للعراق ونحن ككويتيين نراه مجرما وحضر وفد من المحامين المصريين للدفاع عنه ولم ننزعج»، ونفى وجود اى اتصالات مع الوفد الكويتى المدافع عن مبارك حتى الا عندما طلبوا من السفارة تسهيل اجراءات عودتهم الى البلاد خوفا من ردود افعال المصريين الغاضبة من موقفهم وتم توصيلهم مكتب الخطوط الكويتية.
وقال الحمد إن الكويت أوفدت أكبر وفد إقتصادى زار مصر بعد الثورة لبحث سبل مساعدة المصريين للخروج من الأزمة الاقتصادية وتم الاتفاق وقتها على تأسيس شركة كويتية برأسمال مليار دولار تضخ استثمارات بسوق المال المصرية، وقد تم تأسيسها لكنه لايعلم شيئاً عنها حتى الآن.
وأوضح ان الزيارة التى كانت نهاية 2011 جاءت فى وقت حرج لم يكن مناسبا لضخ أى استثمارات، تلتها زيارات عدة آخرها زيارة وزير المالية الكويتى نايف فلاح منذ شهر وعرضت الحكومة المصرية جميع المشروعات الاستثمارية المتاحة بمصر وتم ارسالها بعد ذلك الى الكويت وجار الآن دراستها خاصة مشروع تنمية محور قناة السويس وغرب خليج السويس واتخاذ القرار ينتظر الانتهاء من انتخابات البرلمان المقبلة.
وتعقيبا على تنامى وصعود التيارات الاسلامية بعد ثورات دول الربيع العربي، قال الحمد إنهم الجماعات الاكثر تنظيما ولم ييأسوا فى ظل الأنظمة السابقة التى كانت تعمل على تحجيمهم، وعندما حانت الفرصة لهم بالتوازى مع رغبة الشعوب فى التغيير تطلعا للافضل حصلوا على تاييد الشعب فى جميع الانتخابات، إلا أن توقيت الحكم عليهم لم يأت بعد فممارساتهم هى الفيصل.
وقال إن الكويت لم تخل من حراك سياسى خلال الفترة الاخيرة حيث اجتاحت المعارضة مجلس الامة الكويتى وتم حله أكثر من مرة الى جانب تغيير عدد من الحكومات لان مخرجات حكمها لم تلبى طموحات الشعب الذى نظر الى مايحدث من حولة من تغييرات بالمنطقة.
أوضح أن عدد المواطنين على الاراضى الكويتية يصل إلى مليون شخص يعيشون برفاهية وحرية كاملة بالاضافة الى 2 مليون مواطن اخر بالكويت من جنسيات مختلفة اكبرهم عربيا الجالية المصرية بتعداد يتجاوز 600 ألف مواطن والعدد الاكبر بعد الكويتيين هم الهنود يتجاوز عددهم 700 ألف شخص.
أوضح ان المعارضة الكويتية لم تطرح شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» فهم يريدون التغيير للافضل فى اطار هذا النظام، لكن ثمة ممارسات حكومية خاطئة كقيام مسئولين باستغلال الاموال العامة لصالحهم اوفساد إدارى أدى الى نشاط المعارضة.
وقال إنه بعد حل المجلس وتغيير الحكومة قال لهم الامير «انكم فى مرمى النيران إن حققتم الاهداف المنشودة فاهلا بكم وغير ذلك فالشعب سيخرج عليكم ووقتها سيتحتم علي اقالتكم».
بالنسبة لملف العمالة المصرية التى تتجاوز 600 ألف مصرى كاكبر جالية عربية بالكويت، قال السفير رشيد حمد الحمد إن المصريين عمالة مهرة ومدربة والكويت لاتستغنى عن خبراتهم فى مختلف المجالات مثل المستشارين والمدرسين والعمالة الفنية المدربة والماهرة، وقال إن المشكلات مع الجالية المصرية قليلة جدا وتتسم بكونها فردية.
وقال انه تم الانتهاء من اجراءات إنشاء هيئة للعمالة وستعرض على مجلس الامة الكويتى فى اقرب وقت ممكن لاقرارها ليصدر مرسوم من الامير لتنفيذها، تحدد طبيعة العلاقة بين العمالة واصحاب الاعمال وتراقب وتتابع العمالة حتى لاتترك الامر تماما للكفيل.
واستبعد إلغاء نظام الكفيل، فالهيئة ستتابع عمله، وأرجع استعجال تأسيس تلك الهيئة إلى رغبة الحكومة فى احتواء المشاكل القائمة والمستقبلية للعمالة مع الكفيل، حيث ادخلت شركات كويتية عمالة من بنجلاديش وكوريا خلال الفترة الاخيرة ولم تراعها وفسخت تعاقداتها، مما تسبب فى اندلاع اضرابات واعتصامات لتلك العمالة.
وتعقيبا على ما أثير مؤخرا عن دعم كويتى للخلية التى قيل انها تنتمى للاخوان المسلمين وتم القبض عليها فى الامارات بتهمة التخطيط لقلب نظام الحكم، قال السفير الكويتى بالقاهرة «هناك معلومات بالفعل عن علاقات بين مجموعة من الكويتيين والخلية التى تم القبض عليها فى الامارات وجار الآن التحقيق لاثبات طبيعة تلك العلاقات إلا أن التحقيقات لم تسفرعن شىء محدد حتى الآن».
وأرجع تاريخ تقديم التمويل الكويتي، ممثلا فى جمعية احياء التراث الاسلامى السلفية بالكويت لجمعية أنصار السنة المحمدية فى مصر، إلى عدة سنوات مضت ولم يظهر بعد الثورة لدعم التيار السلفى فى الانتخابات كما ردد البعض، واوضح أن الدعم كان يتم عبر السفارة بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى المصرية، ووصفة بأنه «تمويل مستدام لم ينقطع ويوجه لانشطة خيرية واجتماعية».
وأضاف أن بيت الزكاة الكويتى متواجد بمصر عبر مكتب يحمل اسم مكتب الكويت للمشروعات الخيرية يرعى طلابا فى الأزهر وعددا من الايتام.
حوار ـ محمد عياد