يعانى قطاع الأعمال العام توقف العديد من مشروعات التطوير والتجديد رغم مرور سنتين على ثورة 25 يناير، بسبب عدم توافر السيولة اللازمة لتلك المشروعات وتقاعس البنوك عن التمويل، كما هو الحال بالنسبة لشركات الدلتا للأسمدة والنصر للكوك، وكذلك مشروع إعادة تأهيل مصانع شركة كيما، رغم قيام الشركة بزيادة رأس المال وتوفير 60% من تكلفته من مواردها الذاتية وموافقتها على الشروط الصعبة التى جاءت فى عقد القرض المشترك الذى طلبته، إلا أن البنوك لا تزال متأخرة فى تقديم التمويل.
وانتقد العديد من خبراء الاقتصاد اتجاه الحكومة لتأسيس شركة قابضة تضم جميع الشركات التابعة لعدم قدرة الدولة على تقديم التمويل اللازم لها، وطالبوا بإعادة هيكلة ادارة الشركات ووضع استراتيجية متكاملة لتطوير القطاع.
وقال الدكتور محمد عبدالعزيز حجازي، أستاذ الاقتصاد الجامعة الأمريكية، إن الدولة يجب أن تهتم بقطاع الأعمال العام بضخ الاستثمارات به وسداد جزء من مديونياته وتحريك تلك الأصول المعطلة التى ستخلق نمواً فى الكثير من القطاعات المنتشرة بها شركات القطاع العام.
واقترح استخدام جزء من قرض صندوق النقد الدولى فى تمويل جزء من تلك الاستثمارات ولكن يجب أن يتم ذلك بحرص شديد حتى لا تضيع تلك الأموال.
وأضاف أن الحكومة قبل أن تهتم بالقطاع الخاص يجب أن تهتم بشركاتها والاستفادة من فرص الاستثمار بها وتوفير التمويل اللازم لتلك المشروعات.
وقال إن الاقتصاد المصرى قوى بعدد سكانه الذى يخلق طلب متزايد على السلع التى ينتجها القطاعان العام والخاص بما يساند الاقتصاد ولكن الاستقرار السياسى هو الحل الوحيد لدفعه إلى الأمام.
وقال د. رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن قطاع الأعمال يواجه كثيراً من المعوقات منذ أكثر من 40 عاماً فى إعادة الهيكلة والتطوير وعمليات الاحلال والتجديد داخلياً وخارجياً من حيث الصيانة والمعدات والأجهزه ومن حيث سوء الإدارة والهيكل التنظيمى للشركات، فعلى سبيل المثال شركات الغزل والنسيج تبلغ 32 شركة تحقق خسائر فادحة، ويحتاج تدعيم هذا القطاع تدريب وإعادة هيكلة الموظفين.
وأضاف أن الدولة ليس لديها القدرة فى الوقت الراهن على دعم القطاع العام فى ضوء تفاقم عجز الموازنة، بالإضافة إلى تدنى القدرة التنافسية لمنتجات الشركات المحلية خاصة على صعيد الأسعار أمام الواردة من الخارج، فى ظل زيادة تكلفة الكهرباء والغاز والمازوت.
شدد عبده على ضرورة وضع استراتيجية للبدء فى تطوير القطاع الذى يحتاج إلى 2 مليار دولار على أقل تقدير لإعادة هيكلته وتطويره ووضع قيادات قادرة على النهوض به.
وأشار إلى أن مشروع الصكوك يهدف لإنشاء مشروعات جديدة ولن يسهم فى تطوير الشركات القائمة.
وأضاف أن مشروع القانون الجديد الخاص بتأسيس شركة قابضة عملاقة تتبعها الشركات القابضة الحالية فكرة جيدة تحتاج لتحديد كيفية تنفيذها وطريقة تمويلها من جانب الحكومة فى ظل وجود شركات قابضة تقوم بدورها تجاه الشركات التابعة ولها الأولوية فى الحصول على هذا التمويل بدلا من تمويل شركة قابضة جديدة.
وفى سياق متصل قال د.حسنين هيكل، الخبير الاقتصادى، إن المشروعات المتوقفه فى القطاع العام تعد إهداراً لثروة مصر والتى يمكن إعادة هيكلتها بوضع خطة استراتيجية لتحسين إدارتها حتى تعمل بكامل طاقتها.
أضاف أن هناك العديد من الحلول لإعادة تشغيل هذه المشروعات بتوزيع وحدات من المشروعات على عدد من كِبار أو صِغار المستثمرين بنظام الايجار وليس نقل ملكيتها للمستثمرين، أو تدوير وتشغيل هذه الوحدات الإنتاجية من خلال شركات إدارة متخصصة، مما سينعكس بالايجاب على أوضاع العاملين ويؤدى لزيادة الايرادات.
وطالب هيكل باللجوء إلى أسلوب دمج الشركات المتشابهة فى مجال العمل، ووضع خطة استثمارية لتطويرها.
وأشار إلى أنه يمكن لمشروع الصكوك المساهمة فى إعادة هيكلة المشروعات المتوقفة التى لا تحتاج تمويلاً كبيراً.
وقال الدكتور مصطفى النشرتي، استاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن القطاع العام لديه مشروعات معطلة بسبب إنقطاع الكهرباء وعدم توافر السيولة اللازمة لشراء قطع الغيار والخامات وسوء الإدارة وعدم وجود الكفاءة لتشغيل هذه الطاقات المتعطلة، كما أن قطاع الأعمال لدية الكثير المشروعات المتعثره وبعضها يحصل على قروض لسداد الأجور وتتراكم عليها المديونيات نظراً لأن لتحقيقها خسائر متواصلة.
وأشار إلى أن الحكومة قامت ببيع الشركات الرابحة للقطاع الخاص وابقت فى حوذتها الشركات الخاسرة مكبلة بالديون، مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان الذى يعانى من نقص امدادات الفحم وتهالك المعدات وحاجتها إلى الصيانه مما أدى إلى توقف المصنع وأصبح يعمل بـ 25% فقط من طاقته الإنتاجية. وأشار إلى أن تجميع الشركات القابضة تحت شركة قابضة عملاقة لن يجدى نفعا، مؤكدا أنه لا يوجد مستثمر قادر على إدارة هذه المنظومة المتعثره بمفرده.
وأضاف أن على الحكومة إعادة هيكلة الشركات وتصحيح الخلل فى هيكلها التمويلى وفى آلية التشغيل وضخ استثمارات لا تقل عن 7 مليارات جنيه حتى تعود للعمل بكامل طاقتها.
كتبت – ولاء جمال