شكلت بداية هذا العام انطلاقة مثيرة لسوق سندات الشركات العالمي، حيث اقترضت الشركات مبالغ لم تقترض مثلها فى أى مطلع أى عام آخر فى التاريخ.
وشجعت حالة التفاؤل التى سادت الأسواق المستثمرين على الإقراض رغم العائدات الهزيلة، بينما على جانب مصدرى السندات كانت قوة الإصدار ليست مدفوعة بانخفاض تكلفة الدين وحسب وإنما من المخاوف بألا يكون السوق فى مثل هذه الحالة الجيدة مجددا.
وجاء هذا الإقبال وسط الضجة التى تعم الأسواق بشأن فقاعة الائتمان، وفى ظل توقع أكثر المستثمرين تفاؤلاً بتلاشى هذا الاتجاه التصاعدى فى السوق الذى أعطى زخما لهذه الفئة من الأصول.
وقالت شركة «ديلوجيك» للبيانات – حسبما جاء فى تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز- إن الشركات أصدرت سندات زادت قيمتها على 180 مليار دولار خلال الأربعة أسابيع الماضية، مرتفعة بنسبة 25% مقارنة بنفس الشهر العام الماضي.
وفى الأسبوع الآخر من الشهر الماضى، جاء أكبر إصدار لشركة يونانية منذ ازمة الديون السيادية حيث أصدرت شركة الاتصالات اليونانية «أو تى إيه» سندات بقيمة 700 مليون يورو وساعدها على ذلك الطلب القوى على أصول المناطق الأكثر تعثرا فى العالم.
بينما قامت شركة المرافق الحكومية الفرنسية «إى دى إف» بإصدار سندات مهجنة تجمع بين مزايا السندات والأسهم بقيمة 6.2 مليار دولار فيما يعد اكبر إصدار على الإطلاق.
أما فى الولايات المتحدة فبلغت قيمة الإصدارات فى يناير 60 مليار دولار حيث أصدرت شركتا «تينيت» للرعاية الصحية و«دينبرى ريسورسز» للبترول والغاز سندات «دون الدرجة الاستثمارية» بقيمة 2 مليار دولار بعائد أقل من 5% مما يعتبر أدنى عائد على الإطلاق لسندات الخمس سنوات وما فوقها.
ومع ذلك، قد يكون يناير شهرا استثنائيا فى 2013، ما يوحى بان بقية العام قد تكون أقل ازدهارا، ويقول العديد من المحللين إن العديد من الشركات استوفت بالفعل متطلباتها التمويلية لهذا العام مما سيساعد على ركود السوق.
ويعتقد نيجل كري، اقتصادى فى بنك «دويتشه»، أن إصدار الديون ذات الدرجة الاستثمارية سوف ينخفض بنسبة 10% إلى 15% هذا العام، وأن الوتيرة الجنونية التى بدأ بها العام سوف تهدأ.
وقال لى تيريل هيندرى إن المستثمرين فى الديون تشبعوا من سندات الشركات بعد ندرتها فى الشهور الماضية، وإنهم سوف يأخذون استراحة الآن.
وهناك مخاوف أيضا من انعكاس الاتجاه فى بعض أجزاء السوق مما سيؤدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، كما أن أى علامات على عودة التضخم أو عدم قدرة البنوك المركزية على ضبطه سوف تكون كارثية على السندات طويلة المدى.
وهناك أسباب أخرى من شأنها دفع التباطؤ فى الإصدار خلال باقى العام، وأحدها هو ضعف نشاط الاندماجات والاستحواذات عالميا مما يقوض الحاجة إلى تمويلات جديدة ويترك الشركات تمول الديون الحالية فقط.
وقال برندون مورجان، مدير فى «سوسيتيه جنرال» إن الشركات لا تحتاج إلى القيام بإصدارات جديدة من السندات إذا كان لديها استغلال جيد للأموال.
إعداد: رحمة عبد العزيز