تفاقمت مشكلة نقص الأسمدة فى السوق المحلى مؤخرا نتيجة توقف بعض المصانع عن الإنتاج، وعلى الرغم من ذلك تصر مصانع المناطق الحرة على تصدير إنتاجها لكى تستفيد من ارتفاع الأسعار العالمية للسماد، ولا يجد الفلاح المصرى السماد سوى بأسعار تفوق اسعاره الفعلية بنسب كبيرة، وهو ما يعد ظلماً فادحاً له، خاصة أن ما يتم تصديره من أسمدة تقدر بنحو 50% من الانتاج المحلي، فيما يتبقى للسوق المحلى النسبة المتبقية وهى لا تكفى احتياجات السوق.
قال شريف عبدالباقى، سكرتير شعبة الأسمدة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن تعطل مصنع ابوقير عن العمل أدى إلى نقص المعروض، خاصة أن المصنع يعد من أكبر المصانع الحكومية المنتجة للأسمدة فى السوق المحلى بجانب مصنع الدلتا للاسمدة، بالاضافة إلى 4 مصانع أخرى تابعة للقطاع الخاص، وهى موبكو وحلوان والاسكندرية والمصرية، وأن توقف مصنع أبو قير أدى إلى نقص شديد فى المعروض من احتياجات السماد الشتوى فى بعض المناطق، وبالتالى أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وأضاف أن خفض كميات الغاز لبعض المصانع ساهم أيضا فى تراجع الطاقة الانتاجية لها وبالتالى نقص المعروض من السماد، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع الأسعار، وأن تراجع الطاقة الانتاجية لهذه المصانع تزامن مع توقف القطاع الخاص عن الاستيراد لارتفاع السعر فى الأسواق العالمية.
وأوضح عبدالباقي، الذى يرأس مجلس إدارة شركة سماد مصر، أن شركته قامت باستيراد 20 ألف طن نترات فقط خلال العام الماضى مقابل 200 ألف طن خلال 2011، مؤكدا أن هذا التراجع الحاد جاء نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار، الذى تسبب فى اشتعال اسعار الأسمدة المستوردة، التى كانت تساهم فى تخفيف حدة الأزمة.
وأشار إلى أن سماد مصر قد تولت مهمة الوساطة بين شركات المناطق وجمعية منتجى الاسمدة لتوريد 200 ألف طن من انتاج المنطقة الحرة إلى جمعية منتجى الاسمدة والتزمت الشركات بتوريد 149.600 ألف طن، إلا أن مشكلة شركة «OCI» بالاضافة إلى عدم قدرة شركة حلوان على توريد كامل حصتها أدى إلى تعطل توريد 50.400 ألف طن.
وكشف عبدالباقى أن رفع سعر الغاز للمصانع سيؤدى إلى مشكلة كبيرة، وقد يؤدى إلى نقص كميات الانتاج خاصة ان الشركات تنتج على قدر امكانياتها، وهو ما قد يؤدى إلى عودة السوق السوداء فى قطاع الأسمدة بشكل غير مسبوق، وأن أهم مطالب الشعبة خلال الفترة المقبلة هى مشاركة القطاع الخاص بنسبة معقولة فى توزيع الأسمدة المدعمة.
وأكد سكرتير شعبة الأسمدة بالاتحاد العام للغرف التجارية أن الجهات الحكومية لاتزال مستمرة فى تعنتها مع القطاع الخاص حيث تصر على حرمانه من توزيع الأسمدة المدعمة يؤدى إلى انتشار السوق السوداء، خاصة فى ظل عدم قدرة بنك التنمية على الوصول لجميع المناطق وضعف السعة التخزينية المتوفرة لديه بعكس القطاع الخاص، الذى يمتلك موزعين فى كل قرية ونجع.
وأوضح أن تجار القطاع الخاص امتنعوا عن التعامل فى الأسمدة طوال 4 سنوات بعد حرمانهم من حصة الاسمدة المدعمة، وأن الأنواع المطروحة فى السوق السوداء تباع لدى تجار غير مرخص لهم بمزاولة النشاط، وأن التجار الملتزمين يتعاملون الآن فى الأسمدة المستوردة والسوبر فوسفات المحلى والنترات المستوردة.
وقال عبدالباقى إن التجار يتعاملون حالياً فى بضاعة قديمة تم استيرادها قبل ارتفاع سعر الدولار، وأن الأسمدة المتسربة للسوق السوداء تأتى من الحصص المنصرفة للجمعيات التعاونية وبنك التنمية من خلال حصص أصحاب الحيازات الوهمية، الذين يبيعونها فى السوق السوداء أو يتم خصمها من حصصهم.
وأضاف أن التنسيق بين الوزارة والشعبة خلال الفترة الماضية اقتصر على عقد الاجتماعات للشركات مع وزير الزراعة اسفرت عن رفض منح الشركات أى أسمدة أو مشاركتها فى عملية التوزيع طبقاً للضوابط، التى تقرها الدولة باعتبارها الجهة الرقابية على التوزيع، ليقتصر الأمر على البنك الزراعى والتعاونيات ، وهو أمر غير منطقى، حيث إن القطاع الخاص لا يطالب سوى بوضع خطة تضمن مشاركة كل الأطراف القانونية فى توزيع الأسمدة سواء البنك الزراعى أو التعاونيات أو القطاع الخاص، على أن يلتزم كل طرف بمسئولياته ويحاسب كل من يقصر فى أداء دوره، لعدم إهدار الإمكانيات المادية والمالية والعمالة الموجودة لدى القطاع الخاص.
وأكد سكرتير شعبة الأسمدة أن الشعبة ستناقش خلال الفترة المقبلة قرارات فرض الضرائب الجديدة، التى تم تجميدها بشكل مؤقت، وأن شركته تعكف حالياً على دراسة حجم التأثير المتوقع لهذه الضرائب على الأسعار، وأن الوقت الحالى لا يتحمل اتخاذ قرارات دون الوقوف على آثارها السلبية.
ولفت إلى أنه من المقرر أيضا أن تناقش الشعبة زيادة اسعار الطاقة بنسبة 33% على مصانع الاسمدة وتأثيراتها المحتملة على السوق، خاصة أنها خطوة أولى فى سلسلة رفع الدعم عن الشركات والمصانع الكبرى بحجة وصول الدعم إلى مستحقيه وهو المواطن ومحدود الدخل.
وأشار إلى أن تلك القرارات لم تراع المخاوف، التى تلوح فى الأفق من احتمال لجوء هذه الشركات والمصانع، التى تم رفع الدعم عنها إلى زيادة اسعار منتجاتها محملة فاتورة رفع الدعم على المستهلك، وأن الحكومة لن تستطيع حل المعادلة الصعبة، فكيف يطبق قرار رفع الدعم على المصانع فى الوقت الذى تلتزم فيه الشركات بعدم تحميل المستهلك أى أعباء مالية على المنتج.
وطالب عبدالباقى بضرورة اقامة حوار بين رجال الأعمال والحكومة حول هذه القضية نظرا لأهميتها البالغة، وأن يقوم هذا الحوار على الوصول إلى صيغة تؤكد حماية المستهلك من الآثار السلبية لمثل هذه القرارات التى يمكن أن تحمل المواطن محدود الدخل ما يفوق طاقته، مشددا على أن الاجهزة الرقابية مطالبة فى هذا الوقت بزيادة آليات الرقابة على الأسواق، لضمان عدم استغلال القرارات الأخيرة فى زيادة الأسعار بشكل كبير، وتحقيق الشركات لأرباح خيالية على حساب المستهلك.
وطالب سكرتير عام شعبة الاسمدة وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بضرورة حظر تصدير الأمونيا، نظرا لأنها تعد من أهم المواد الخام، التى يحتاجها قطاع انتاج اليوريا والنترات، وأن تصديرها يعنى ضرب قطاع الزراعة المصرية فى مقتل، وبالتالى لابد من حظر تصديرها لحاجة الداخل الماسة لها.
واستبعد عبد الباقى قدرة وزارة الزراعة واستصلاح الاراضى على تنفيذ مشروع توزيع الاسمدة وربطها بالبطاقات التموينية، مشيرا إلى ان اعلان الوزارة عن هذا المشروع خطوة فى غاية الصعوبة، نظراً لأنها تحتاج حصر جميع الحيازات الزراعية، لتمكين الفلاح من صرف الاسمدة مع التموين والسولار، إلا أنه من الممكن توفير دعماً نقدياً للفلاح بدلا من اقتراح آليات لا تلائم ثقافة المجتمع.
وعن الخطط التوسعية لشركة «سماد مصر»، أكد عبدالباقى أن الشركة نجحت فى الاستحواذ على نحو 50% من الشركة العربية للكبريت عام 2007، وأنها لديها خطة لتطويرها، لتكون أكثر قدرة على انتاج الاسمدة المركبة، لكن عمليات التطوير توقفت بسبب الاحوال السيئة، التى عمت البلاد فى الفترة الاخيرة، لافتا إلى أن «سماد مصر» استحوذت أيضا نحو 7.57% من شركة «بولى سيرف».
وأشار إلى أن رأسمال الشركة المصرح به هو 300 مليون جنيه، بينما يبلغ رأس المال المصدر والمدفوع بالكامل مبلغ 48 مليون جنيه، موزعاً على 9.6 مليون سهم قيمة كل منها 5 جنيهات، وأن الشركة لم يحدث بها أى أحداث جوهرية غير معلنة من شأنها التأثير على سعر السهم بالبورصة.
هذا وقد اظهرت القوائم المالية المجمعة لشركة سماد مصر «إيجيفرت» خلال الفترة من 1 يناير وحتى 30 سبتمبر 2012، تحقيق الشركة لصافى ربح بلغ 1.021.570 جنيه، محققا تراحعا فى الأرباح قدره 2.499.790 جنيه، مقارنة بنفس الفترة من عام 2011، التى حققت فيها الشركة صافى الربح لفترة المقارنة بلغ 3.520.360 جنيه.
يذكر أن مصر تستهلك 9 ملايين طن أزوتى، تنتج 6.5 أطنان فقط من الشركات الحكومية «أبوقير» و«الدلتا»، ونسبة العجز حوالى 2.5 مليون أطنان، يتم توفيرها من مصانع المنطقة الحرة بالسعر المدعم.
كتب – إنعام العدوى ورانا فتحى