بقلم : عمادالدين حسين – الشروق
على كل الخائفين من احتمال وجود علاقات مصرية متميزة واستراتيجية مع إيران أن يهدأوا، فالظروف الاقليمية والدولية لن تسمح بذلك حتى لو أرادت القاهرة.
القوى السلفية لديها هواجس كثيرة من تطبيع واسع النطاق مع طهران يسمح بتدفق ملايين الإيرانيين لزيارة مقامات وأضرحة آل البيت فى مصر، ما قد يسمح بزيادة التمدد الشيعى فى البلاد، ولذلك رأينا بعض الاحتجاجات ضد زيارة الرئيس محمود أحمدى نجاد الأخيرة إلى القاهرة.
الولايات المتحدة وإسرائيل الأكثر خشية من هذا التقارب وكان لافتا للنظر أن وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا هاتف نظيره المصرى الفريق أول عبدالفتاح السيسى أثناء وجود نجاد بالقاهرة ليؤكد على عمق علاقات البلدين واستمرار الدعم الأمريكى لمصر خاصة فى شق المساعدات العسكرية.
لا حاجة بالطبع لشرح مبررات المخاوف الإسرائيلية التى تخشى لحظة امتلاك إيران أسلحة نووية قبل أن تتمكن تل أبيب وحلفاؤها من تدميرها.
أما الطرف الرابع الذى يخشى هذة العلاقات المتميزة فهو غالبية العواصم الخليجية التى تعتقد أن إيران هى المهدد الأكبر لأمن الخليج.
القراءة الهادئة والموضوعية تقول إن على كل الخائفين ألا يقلقوا.
مبررات عدم اندفاع إدارة الرئيس محمد مرسى فى اتجاه علاقات متميزة واستراتيجية مع طهران مختلفة تماما عن الأسباب السلفية.
ليس السبب أن بعض أئمة الشيعة يسبون بعض الصحافة رضوان الله عليهم، المؤكد أن جماعة الإخوان تحب الصحابة مثل السلفيين ومثل سائر أهل السنة، لكن مبرر عدم الاندفاع هنا سياسى محض وليس دعويا ومذهبيا.
بالنسبة لإيران فإنها تتمنى أن تقيم علاقات استراتيجية مع مصر، لأن ذلك لو تم نظريا فإنه سيعنى خروجها من عزلتها الشاملة، وسيعنى فتح أبواب لها فى أماكن أخرى فى بلدان الربيع العربى، وسيقوى دورها مع حماس.
لكن ما الذى يمكن أن تقدمه إيران للقاهرة؟!.
هى تقول إنها سترسل ملايين السائحين، وهو قول يصعب قياسه، ثم إن الاقتصاد الإيرانى يعانى الكثير بفعل الحصار الدولى وبالتالى فإن فرص مساعدتها لمصر اقتصاديا ضئيلة للغاية؟.
وإذا افترضنا أن الرئيس مرسى قرر أن يقيم مثل هذه العلاقات الاستراتيجية مع طهران فماذا سوف يستفيد.. وماذا سيخسر؟.
لن يستفيد كثيرا لأن إيران لا تملك الكثير الآن، لكنه سيخسر المساعدات الأمريكية وربما قرض صندوق النقد الدولى ومن بعده المساعدات الأوروبية والمؤكد الدعم الخليجى خصوصا فى توظيف مسألة العمالة المصرية والتضييق على تحويلاتها.
بهذه الحسبة النفعية البرجماتية لن يقدم مرسى على التحالف مع طهران على حساب محور واشنطن الخليج ومعهما أيضا إسرائيل.
وبالتالى فإن القاهرة وطهران سوف يستمران فى اتخاذ خطوات إعلامية للتقارب، وقد يصل الأمر لإعادة العلاقات وافتتاح سفارات وخطوات أخرى لتسهيل تنقل مواطنى البلدين، لكن الأمر لن يزيد على ذلك.
من المهم أن يكون لدينا علاقات جيدة مع طهران حتى نستطيع أن نؤثر عليها لمصلحة الأشقاء فى الخليج، ومن المهم ألا نكون واقعين تحت الضغط الأمريكى الإسرائيلى الخليجى، ومن المهم أن يكون كل تحركنا منطلقا من مصلحة أمننا القومى.
لكن المشكلة أنه لكى يحدث كل ذلك فالمطلوب أن تكون لدينا عناصر القوة الشاملة والقرار الوطنى المستقل.
فهل نملك ذلك.. الإجابة متروكة لحضراتكم!.