بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
قرأت قبل أيام كلاما طيبا منسوبا إلى السيد جلال مرة، أمين عام حزب النور يقول فيه: «نسعى للوصول إلى حالة من الاستقرار السياسى تهيئ لانتخابات برلمانية يرضى بنتائجها الجميع، وتخرج مصر من دوامة الفترات الانتقالية إلى حكم مستقر قادر على تحقيق مطالب الثورة».
مبدئيا ينبغى تحية حزب النور على المبادرة التى قدمها للخروج من الأزمة الراهنة والتى رحبت بها معظم القوى والأحزاب، هذه المبادرة تعنى ان الحزب بدأ ينضج سياسيا، وإذا أتيح لهذه المبادرة أن تجد طريقها للتنفيذ، فالمؤكد اننا قد نخرج من الأزمة الخانقة.
نعود إلى كلام جلال مرة ونقول إنه إذا لا قدر الله استمر الوضع الحالى، وذهبنا إلى انتخابات نيابية فى ظل هذا الاستقطاب فعلى جميع الفرقاء أن يدركوا أن المشكلة ستنقلب إلى مأساة.
الحياة الديمقراطية ليست خطوات هندسية منعزلة بل هى أجواء وتوافق بين القوى الرئيسية، وبالتالى وبما اننا نعيش بعد ثورة عظيمة، فعلينا ألا نعيد استنساخ سياسات الحزب الوطنى وأفكاره وأساليبه.
تفسير ذلك ان الحزب الوطنى ظل يردد ان انتخابات 2010 كانت ديمقراطية بل ورأينا سياسيين وكتابا – كنا نظن أن لديهم حدا أدنى من حمرة الخجل يحللون هذه النتائج باعتبارها وليدة تكتيك واستراتيجية. أتمنى أن يفكر الإخوان المسلمون فى كلام جلال مرة بهدوء، ويهيئوا الأجواء الصحيحة والسليمة لإجراء انتخابات فى جو من التوافق.
المعنى ببساطة أنه إذا حققنا هذا التوافق فسوف نضمن قبول كل القوى السياسية أو غالبيتها على الأقل بنتائج الانتخابات وبالتالى ننطلق إلى مرحلة جديدة للبناء.
أما إذا لم يحدث ذلك، وتم إجراء الانتخابات بغض النظر عن التوافق، فإن جماعة الإخوان المسلمين تخاطر ليس فقط بمستقبلها، بل بمستقبل الوطن بأكمله.
هذه المخاطرة ستعنى أن الأحزاب الفاعلة قد تقاطع الانتخابات، أو تشارك على مضض فى ظل غياب توافق، وربما تخرج بعد الانتخابات لتشكك فى نتائجها.. وبالتالى فإننا سنصب المزيد من البنزين على النار المشتعلة بالفعل.
على جماعة الإخوان و مؤسسة الرئاسة وسائر الأطراف بذل أكبر جهد ممكن للوصول إلى التوافق قبل الانتخابات ليس فقط من أجل استقرار الوطن والمواطنين، ولكن من زاوية مصلحة حزبهم وجماعتهم الضيقة.
فى هذا الصدد أمام الإخوان خياران لا ثالث لهما، الأول ان تتواصل الأجواء المحتقنة ويتم الإصرار على إجراء الانتخابات وبالتالى نهيئ الساحة لمزيد من العنف والتخريب وشلل الحياة السياسية والاقتصادية، أو أن يترجم الإخوان فعلا شعار «المشاركة لا المغالبة» على أرض الواقع، ويتوصلوا إلى اتفاق مع منافسيهم على أرضية مشتركة، حتى إذا لم تنتج توافقا، فعلى الأقل تنتج اتفاقا على قواعد إدارة الخلاف بين الفرقاء، اما سيناريو «بين البين» الذى يمزج بينهما فسوف ينتهى ايضا الى نتيجة السيناريو الاول.
بت مقتنعا انه فى حالة عدم التوصل إلى توافق فإن إجراء الانتخابات سيكون قفزة إلى المجهول.