عانى القطاع الإنتاجى عموما ومواد البناء بصفة خاصة خلال الأشهر الماضية من حالة ركود كبيرة بسبب استمرار تراجع معدلات الطلب فى الأسواق المحلية، وذلك فى أعقاب ارتفاع تكاليف الانتاج بجانب تأثر الصادرات بتراجع الاقتصاد العالمي، وهو ما أدى إلى زيادة حدة المنافسة الخارجية مع فقد العديد من الأسواق المستهلكة مثل السوقين السورى والليبي.
قال وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إن أصحاب الشركات نجحوا فى الحصول على موافقة وزير الصناعة والتجارة الخارجية حاتم صالح، وذلك بتخفيض سعر طن المازوت إلى 1500 جنيه، وأن يتم دفع المقابل بنظام التقسيط بعد أن كان مقرراً لها أن ترتفع من 1000 إلى 2300 جنيه، إلا أن الزيادة فى سعر المازوت مازالت 50%.
وأضاف أن الارتفاع المفاجئ فى تكلفة وقود المازوت اللازم للتشغيل بشكل تتكبد معه الشركات خسائر مالية، يضطر بعضها لإيقاف خطوط الإنتاج، وما يتبع ذلك من تهديد العمال وأسرهم لفقد مصادر دخلهم، وذلك فى ظل عدم وجود بديل آخر للوقود أمام الشركات.
وشدد جمال الدين على اهمية اعلان الحكومة تفاصيل برنامج تحرير أسعار الطاقة المقرر تنفيذه خلال السنوات الخمس المقبلة، بالإضافة إلى أهمية زيادة الجهود الرامية إلى توصيل الغاز للمناطق الصناعية المختلفة، وذلك حتى يتمكن المنتجون من وضع خططهم المستقبلية بناء على التكلفة.
وأكد أهمية أن تراعى الحكومة عند اتخاذ أي قرارات خاصة بالاستثمار جميع الاعباء، التى يتحملها القطاع الانتاجي، وكيف أنه غير قادر على تحمل المزيد من الأعباء، وأن اتخاذ الحكومة قرارات يترتب عليها زيادة الأعباء سيترتب عليه نقل هذه الأعباء إلى المستهلكين، مشيرا إلى أن زيادة أسعار الطاقة سيترتب عليه ارتفاع فى أسعار مواد البناء، ليصل سعر طن الأسمنت إلى نحو 650 جنيهاً فيما يصل سعر طن الحديد إلى نحو 5500 جنيه.
وكشف أن أسعار المازوت ليست المشكلة الوحيدة، التى تهدد القطاع بل تم رفع أسعار الغاز من 3 إلى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، وأن رفع الأسعار بهذا المعدل ستترتب عليه زيادة كبيرة فى تكلفة الانتاج، مما يضطر المنتج إلى زيادة أسعار منتجاته، خاصة أن أسعار الطاقة فى مصر تخطت مؤخرا الأسعار العالمية.
وأشار رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء إلى أن هذه القرارات خلقت أيضا حالة من التشوه فى القطاع الصناعى لما ترتب عليها من تفاوت كبير فى فاتورة استهلاك الطاقة بين المصانع التى تستخدم الغاز الطبيعى والأخرى التى تعتمد على المازوت أو السولار.
ودعا الحكومة إلى ضرورة اعتماد سعر المحتوى الحراري، الذى تنتجه المنتجات البترولية المختلفة كأساس لتسعير الطاقة الخاصة بالمصانع، لأن ذلك يسهم فى تحقيق العدالة ويقضى على التشوهات التى قد تنتج عن تباين تكلفة الطاقة بين مصنع وآخر، مؤكدا سهولة حساب السعر، وفقا للمحتوى الحرارى لكل نوع من الطاقة، سواء كان غاز أو سولار أو مازوت، وذلك إلى حين الاسراع فى ادخال الغاز الطبيعى لجميع المصانع بمصر.
وفيما يتعلق بالحديد التركى، قال جمال الدين إن قرار فرض رسوم إغراق على الحديد التركى بواقع 6.8% جاء بعد أن واجه أصحاب مصانع الحديد فى مصر شبح الإغراق، الأمر الذى بات يهدد تلك الصناعة الاستراتيجية، حيث إن وارداته ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، خاصة أن الحديد كان يدخل إلى الأسواق المحلية بدون جمارك أو رسوم وقائية، فى حين أن الحكومة التركية تفرض رسوما وقائية على الحديد لحماية صناعتها الوطنية.
وأضاف أن قيام الحكومة المصرية باتخاذ قرار فرض الحماية على واردات الحديد التركى لا يحد من مخاوف الشركات من إمكانية قيام الجانب التركى بفرض رسوم اغراق جديدة على المنتجات المصرية فى الاسواق التركية على أساس المعاملة بالمثل.
وأكد رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء أن قرار الحكومة الصادر بداية الشهر الجارى، الذى ألغى شرط حصول المصدرين على موافقة هيئة الثروة المعدنية على تصدير الرخام، يعد مكسباً للقطاع، وأنه سوف يكون مساهمة جادة فى جهود حل مشكلات التصدير، خاصة بعد أن شهدت شحنات الرخام والجرانيت المصنعة تكدسا فى الموانئ.
وأوضح أنه على الرغم من أهمية هذا القرار إلا أن قطاع الرخام لا يزال يعانى من رفض وزارة البيئة منح تراخيص التشغيل للمصانع الموجودة بمحمية “وادى دجلة”، بحجة أنها محمية طبيعية، مؤكدا أن أماكن عمل هذه الشركات تقع على حواف المحمية وليس بداخها، وأنه من الضرورى إعادة رسم خريطة المنطقة التى تقع فيها محمية “وادى دجلة”، لأنها ستؤكد أن هذه المصانع تقع خارج نطاق المحمية.
وفيما يخص قطاع الزجاج، لفت جمال الدين إلى أن المجلس يسعى فى الوقت الراهن إلى ضم قطاع صناعات الزجاج المسطح لبرامج مساندة الصادرات، مما يسهم فى تحقيق طفرة كبيرة بالقطاع خلال السنوات القليلة المقبلة، سواء من حيث حجم فرص العمل الجديدة، أو من حيث حجم الاستثمارات، التى تزيد حاليا عن ثلاثة مليارات جنيه فى الزجاج المسطح فقط.
ونبه إلى أن قرار الحكومة بمنع تصدير الرمل الزجاجى سوف يؤدى إلى توفير المادة الخام لكل المصانع المحلية التى تعمل فى مجال صناعة الرخام والزجاج، خاصة أن وفرة هذه الخامات محليا، يمكن أن تؤدى إلى الاكتفاء الذاتى منها بدلا من تصديره بـ20 دولارا للطن، وأنه من الضرورى فرض رسم صادر على الحجر الجيرى، الذى يعد المادة الخام الأساسية لقطاع الأسمنت أسوة بقرار الرمل الزجاجى.
وطالب جمال الدين بضرورة نقل تبعية المحاجر إلى وزارة الصناعة بدلا من المحليات، وتجديد التراخيص للمحاجر كل 20 عاما بدلا من كل سنة، لما يمكن أن يترتب على ذلك من تمكين أصحاب المحاجر من استغلاله بدلا من تركه بعد عام بالاضافة إلى ضرورة رصف طريقى الشيخ فضل بمحافظة البحر الأحمر وجبل الجلالة بالسويس، الذين يربطان محاجر الرخام الرئيسية لمصر بمناطق التصنيع وموانئ التصدير.
ولفت إلى أن عائد رسم الصادر على الرخام بلغ 425 مليوناً، فيما يتكلف تمهيد هذه الطرق نحو 30 مليون جنيه فقط، أى أن تمهيد طرقى الجلالة والشيخ فضل لن يكلف الدولة أي أعباء اضافية، بل سيؤدى الى استفادة قصوى للطاع خاصة ان المنطقتين يستخرج منهما نحو 2.8 مليون متر مكعب رخام سنويًا، مقابل مليون و200 ألف متر مكعب تستخرج من المناطق الأخرى.
وأوضح أن منطقة “الشيخ فضل ” يوجد بها 200 محجر لإنتاج الرخام يعمل بها 7 آلاف عامل، فيما يوجد فى منطقة “جبل الجلالة” بمحافظة السويس نحو 60 محجرًا، يعمل بها نحو ما يقرب من 3 آلاف عامل، ويوجد بها أيضًا معظم محاجر الزلط، التى تخدم عمليات البناء فى شرق وجنوب القاهرة والسويس والعاشر من رمضان.
وكشف جمال الدين أن المجلس التصديرى لمواد البناء سينظم خلال العام الجارى نحو 30 معرضا داخليا وخارجيا، إيمانا منه بأهمية مثل هذه المعارض فى احداث حالة من الرواج فى الأسواق، بالإضافة إلى التعرف على أحدث التقنيات والمعدات بيسر وسهولة والاطلاع على كل ما هو جديد فى هذا المجال.
وأشار إلى أن المجلس حقق صادرات بلغت خلال العام الماضى نحو 34.989 مليار جنيه، ليحافظ بذلك على صدارته للمجالس التصديرية، وأن صادرات المجلس خلال سنوات تنفيذ خطة مضاعفة الصادرات، التى بدأت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية فى تنفيذها عام 2005 تجاوزت دائماً الارقام المستهدفة بنسب تتراوح بين 15% و20%، حيث ارتفعت صادرات مواد البناء من 24.5 مليار جنيه فى 2007 إلى 28 مليار جنيه 2010، وبلغت هذه الصادرات 34 مليارا فى 2011، فيما بلغت هذا العام نحو
35 مليار جنيه.
وأكد رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء أن إرتفاع سعر الدولار كفيل بأن يدفع صادرات القطاع خلال 2013 إلى معدل تفوق بكثير حاجز الـ35 مليارا، وأن المجلس وضع خطة متكاملة لزيادة حجم صادرات قطاع مواد البناء، تركز على إزالة معوقات عدد من القطاعات الواعدة التابعة للمجلس خاصة قطاع الرخام والجرانيت، الذى يعانى من ارتفاع تكاليف انتاجها بالاضافة الى دعم شحن المواسير، التى تأخذ مساحات كبيرة، ويتم وضع ماسورة واحدة فى كل كونتينر.
كتبت – إنعام العدوى