كشفت مناقشات وضع موازنة الاتحاد الأوروبى خلال السنوات السبع المقبلة عن حجم الانقسام بين قادة الدول فى القارة العجوز وفشلهم فى إيجاد أرضية مشتركة للعمل على التصدى للأزمة الاقتصادية التى انغمست فيها بسبب تراكم الديون السيادية والركود الاقتصادى العالمى.
وفى النهاية اتفق قادة أوروبا على أول خفض من نوعه لميزانية الاتحاد الأوروبى حيث حددوا حجم الإنفاق خلال السنوات الست المقبلة من 2014 حتى 2020 بمقدار 960 مليار يورو.
لكن هذا الاتفاق جاء بعد معركة شرسة بين جبهتين حيث قاد دايفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا مطالب خفض الميزانية لتعكس التقشف الذى اتبعه العديد من الحكومات من جهة وفرانسوا اولاند، الرئيس الفرنسي، مدافعا عن إنفاق الاتحاد الأوروبى لمساعدة الاقتصادات التى ضربها الركود من جهة أخرى.
يعتبر كاميرون من أكبر المعارضين لتقديم دعم مباشر للدول المتعثرة فى الاتحاد الأوروبى ويطالب كل دولة بالاعتماد على نفسها، كما أن حكومته تدرس طرح الانسحاب من الاتحاد الأوروبى للاستفتاء فى المملكة المتحدة، لتخفيف آثار الأزمة فى منطقة اليورو على بلادها.
لكن الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند صاحب الأصول الاشتراكية يرى أن دعم الدول المتعثرة سيحد من التداعيات السلبية على باقى الدول فضلا عن فشله فى الحصول على موافقة على خطط تقشف داخلية من البرلمان ويشعر أن بلاده قد تحتاج يوما ما دعما مماثلا.
وفى وسط هذا الصراع ظهرت المانيا صاحبة افضل اداء اقتصادى فى أوروبا للتوصل لحلول وسط حيث لعبت آنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، دور الوسيط فى التوصل الى هذه الاتفاقية مع هيرمان فان، رئيس المجلس الأوروبي، والتى تتضمن خفضاً فى الإنفاق بمقدار مليار يورو فى بيروقراطية بروكسل وخفضاً كبيراً فى مشروعات البنية التحتية عبر الحدود التى من المفترض انها تعزز النمو.
وقد تم وضع 6 مليارات يورو جانبا لتناول مشكلة بطالة الشباب التى ارتفعت بشكل حاد فى أعقاب الأزمة المالية.
وتعد هذه الميزانية أقل من الميزانية الحالية بنسبة %3، وأقل بكثير ايضا من الميزانية التى اقترحتها المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبى، فى مستهل المفاوضات والتى كانت بمقدار 1،033 مليار يورو.
حددت الاتفاقية ميزانية الالتزامات بمقدار 959.8 مليار يورو، بينما انخفضت ميزانية المدفوعات بشكل كبير بنحو 34 مليار يورو لتصبح 908.4 مليار يورو.
لكن الخبراء يرون أن أوروبا ستدفع ثمناً اقتصادياً باهظاً لهذه التسويات السياسية لخلافات قادة الحكومات الأوروبية التى تضع مصالحها الانتخابية المحلية فوق الصالح العام الأوروبى.
ففى تحذير واضح من الاضطرابات المستقبلية، قال مارتن شولز، رئيس البرلمان الأوروبى إن الموازنة الجديدة ابتعدت عن الأرقام المقترحة من المفوضية الأوروبية وهو ما يزيد احتمالات رفضها عند طرحها للتصويت.
اعداد: ربيع البناو نهى مكرم