بقلم : عمرو حمزاوى – الوطن
أمس الأول، وأثناء حركتى بين شوارع القاهرة المزدحمة والمتوترة، استوقفتنى سيدة متقدمة فى العمر داعية الله أن يوفقنا فى جبهة الإنقاذ لتحقيق مصلحة مصر و مقاومة انفراد الإخوان بالسلطة. وبعدها بدقائق معدودات استوقفتنى سيدة أخرى مؤكدة أنها تدعو فى كل صلاة على جبهة الإنقاذ لكونها، ولمصالح شخصية، سبب «خراب البلاد ووقف حال العباد».
هذا التناقض الحاد فى تقييم المصريات والمصريين للقوى السياسية، والذى أثق أنه يمتد من جماعة الإخوان وحزبها وجبهة الإنقاذ وشخصياتها العامة إلى كافة الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى، يشكل ترجمة مباشرة لحالة الاستقطاب والاحتقان وغياب الثقة التى تجعل من السياسة فى مصر ساحة جمود وعجز تصنع الأزمات ولا تعالجها بحلول جذرية أو تديرها بأدوات مبتكرة.
إزاء مثل هذا التناقض الحاد فى تقييم المواطن للقوى السياسية، وحقيقة أن طرفى معادلة السياسة، الحكم والمعارضة، يخسران اليوم الكثير من أرضيتهما الشعبية، لا فائدة من مواصلة ممارسة تحميل مسئولية حالة الاستقطاب والاحتقان الراهنة والأزمات المترتبة عليها بصورة أحادية للحكم دون المعارضة أو العكس.
فمع التأكيد على اختلاف نوع وقدر المسئولية بين الحكم والمعارضة، إلا أن الطرفين مسئولان، وعليهما إن أرادا الخروج من مأزق تدنى الشعبية وغياب رضاء الناس أن يبحثا بجدية عن حلول لحالة الاستقطاب والاحتقان الراهنة.
وعليهما أيضاً الاجتهاد للإدارة الفعالة للأزمات المترتبة على الحالة هذه والتى باتت تقارب بين مصر وبين أخطار انهيار العملية السياسية وسيناريوهات العنف والفوضى.
وقد يكون من المفيد، وفى ظل ما هو بادٍ (وصادم فى واقع الأمر) من غياب الخيال السياسى عن الحكم والمعارضة ومحدودية أدواتهما، أن يفكر الطرفان فى تشكيل خلية احترافية ومحايدة لإدارة الأزمة وتمكينها من النظر فى كافة القضايا الشائكة من الوضع الاقتصادى الكارثى والمعضلة الدستورية والحكومة البائسة إلى تكرر مشاهد العنف والفوضى وتطوير اقتراحات محددة للتعامل معها. خلية احترافية لإدارة الأزمة، عمادها من متوسطى العمر والشباب أصحاب المعرفة العلمية والقدرة على التواصل مع كافة أطراف الحياة السياسية، يُعهد لها العمل باستقلالية كاملة عن الحكم والمعارضة وتعرض اقتراحاتها وحلولها على الطرفين وعلى الرأى العام بعد أسبوعين من تشكيلها.
أتمنى أن يلتفت طرفا معادلة السياسة فى مصر إلى الطاقة الإيجابية التى قد ينتجها تشكيل خلية لإدارة الأزمة وأن يضعا هذه الفكرة موضع التنفيذ.