بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
الأكيد أن الرئيس محمد مرسى يتمنى النجاح الباهر، وعندما يفكر بينه وبين نفسه فإنه يحلم أن يحجز لنفسه مكانا فى تاريخ هذه البلاد، والأكيد أنه مشغول ويسأل نفسه دائما: فى أى مكان سيصنفنى التاريخ؟.
لو كنت مكان الرئيس محمد مرسى ــ وكان الله فى عون كل من يجلس مكانه ــ لقررت الابتعاد قليلا عن حزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان المسلمين خصوصا مكتب إرشادها وبالاخص المجموعة المهيمنة داخله.
لا أحد عاقل يطالب الرئيس بالقطيعة مع الإخوان أو الانقلاب عليهم ــ رغم أن البعض يتمنى ذلك بالفعل ــ فالموضوعية تقول إنه من دون جماعة الإخوان ما كان محمد مرسى سيصل إلى كرسى الرئاسة.
قوة الجماعة وحشدها وتنظيمها وأموالها هى التى أوصلت الرئيس إلى المنصب الأرفع فى مصر.
لو كنت مكان الرئيس لذهبت إلى الجماعة أو مكتب الإرشاد أو طلبت حضورهم إلى الرئاسة أو فى أى مكان آخر وشرحت لهم الصورة الحقيقية بالتفصيل بعيدا عن الامنيات والاحلام، وقلت لهم إن الارتباط الكاثوليكى بيننا يجعلنا نخسر نحن الاثنان.
لو كنت مكانه لقلت للمرشد وكبار قادة الجماعة أن استمرار الوضع الراهن قد يجعل الرئيس يستمر فى منصبه لأربع سنوات، لكنه قد يدمر مستقبل الجماعة بالكامل.
لو كنت مكانه لقلت لهم إنه صحيح أنكم السبب الرئيسى فى وصولى لهذا المنصب، لكن الصحيح أيضا أن أكثر من نصف الذين صوتوا لى لم يكونوا من الإخوان، بل من أحزاب وقوى أخرى والأهم مواطنون عاديون، وكل هؤلاء لهم حقوق على كرئيس.
الانطباع الآخذ فى التزايد لدى كثيرين بمن فيهم بسطاء أن عملية الأخونة تتم على قدم وساق، وأن التصعيد لأى منصب يتم على أساس العضوية فى الجماعة أو القرب منها أو على الأقل العمل طبقا لأجندتها.
من حق جماعة الإخوان أن تحلم بالتمكين والسيطرة على مفاصل الدولة، ومن حقها أن تعين من تشاء فى أى مكان تشاء إذا حصلت على غالبية مقاعد البرلمان المقبل، لكن عليها أن تفكر كثيرا أن المواءمة السياسية تحتم عليها أن تقلص طموحاتها كثيرا حتى لا تجد نفسها فى نفس مكان الحزب الوطنى عقب انتخابات 2010.
وإذا كان من حق الجماعة أن تحلم بما تشاء فمن واجب الرئيس أن يفرمل هذه الأحلام حتى لا تتحول إلى كوابيس.
جوهر الأزمة الراهنة أن إحساس المعارضة بانحياز الرئيس إلى جماعته فقط يتزايد. كما أن بعض توجهات الرئيس تصب فى خدمة هذا الاتجاه ،وعليه أن يبرهن على عدم صحة هذا الإحساس.
هناك تقدير يقول إنه فى اللحظة التى سوف يبتعد فيها مرسى قليلا عن التيار المتطرف داخل الجماعة فسوف يحقق شعبية طاغية، ويستندون إلى نموذج أنور السادات عندما انقلب على كل رجال الحكم الأقوياء فى 15 مايو 1971.
هذا التقدير يقول إن كل ما يريده غالبية المواطنين هو رئيس يحس بمشاكلهم وهمومهم ولديه برنامج حقيقى للخروج من الأزمة، وأنه لا يفرق بينهم على أساس الدين أو الحزب أو الجماعة.
من الطبيعى أنه لو فكر الرئيس مرسى فى الابتعاد قليلا عن الجماعة فسوف يواجه مشاكل متنوعة وربما خطيرة.. لكن أظن أن الأمر يستحق التفكير.