يمكنك أن تسلك العديد من الطرق فى البرازيل لكى تصبح غنياً، ولكن أحدها يثير الدهشة فى ظل المناخ الاقتصادى الحالى ألا وهو الحصول على وظيفة حكومية.
وفى الوقت الذى شهد فيه الموظفون الحكوميون فى أوروبا والولايات المتحدة تخفيضاً شديداً فى رواتبهم أو فقدوا فيه وظائفهم بالمرة، يتلقى بعض الموظفين فى البرازيل رواتب تُخزى نظراءهم فى الدول المتقدمة.
ويحصل كاتب المحكمة فى العاصمة برازيليا على ما يعادل 226.000 دولار سنويا أى 18833 دولارا شهريا وهو أكثر مما يأخذه رئيس المحكمة العليا هناك، وبالمثل تدفع إدارة الطرق السريعة لأحد مهندسيها 263.000 دولار سنويا أى أكثر مما يأخذ رئيس الدولة.
كما يتلقى الموظفون فى محكمة التدقيق فى ساو باولو رواتب تبدأ من 12.000 دولار شهريا وتصل فى بعض الأحيان لأكثر من 25.000 دولار أى أكثر مما يأخذه عمدة المدينة الأكبر فى البرازيل.
وفى ظل تعثر الاقتصاد البرازيلى الذى كان منتعشا فى وقت ما، يزداد الحنق على عدم المساواة فى الدولة التى تفشت فيها البيروقراطية.
وأصبح القطاع العام فى البرازيل مطمعا بفضل المزايا والحصانات القانونية التى يقدمها والتى ناضلت من أجلها الاتحادات القوية لبعض فئات الموظفين الحكوميين.
ورغم ذلك، لم يتم توزيع الغنائم بشكل عادل، ففى الوقت الذى تعدت فيه رواتب آلاف الموظفين الحدود الدستورية، مازال الكثيرون يناضلون ليحصلوا على الحد الأدني.
ويحصل المعلمون ورجال الشرطة عبر الدولة على حوالى 1.000 دولار شهريا، ما يفاقم المشكلات الملحة فى الدولة والمتعلقة بالمخاوف الأمنية ونظام التعليم المتهاوي.
وصرح كاستيللو برانكو، مدير مجموعة “كونتاس أبيرتاس” التى تدقق الموازنات الحكومية، لجريدة “انترناشونال هيرالد تريبيون” بأن التشوهات فى نظام الرواتب الحكومية وصلت إلى مرحلة من العار المطلق.
وعلى مر التاريخ، كان هناك موظفو الحكومة ذوو الامتيازات فى البرازيل، ولكن مع سعى البرازيل لتسلق صفوف الدول المتقدمة، سنت قانوناً جديداً بشأن حرية المعلومات يستوجب على المؤسسات العامة الإفصاح عن رواتب موظفيها بدءاً من العاملين العاديين وحتى الوزراء.
ورغم مقاومة بعض المسئولين القواعد الجديدة، فإن الإفصاحات من قبل الهيئات العامة كشفت عن حالة تلو الأخرى من الموظفين الحكوميين الذين يحصلون على رواتب أكثر من رؤساء المحاكم الذين يتقاضون الحد الأقصى طبقا للدستور عند 13.360 دولار شهريا.
ويسمح نظام القضاء البيزنطى فى البرازيل لبعض الموظفين الكبار بالتحايل عليه للحصول على رواتب تفوق الحد الأقصى فى الدستور، فعلى سبيل المثال يحصل البعض على معاشات بسبب قيامهم بوظائف سابقة فى الحكومة قد تصل إلى مرتب كامل رغم انتقالهم إلى وظيفة حكومية أخرى أعلى راتبا، هذا بجانب البدلات الإضافية عن الإسكان والغذاء، وغير ذلك من الثغرات.
ومع ذلك، يبقى التوظيف الحكومى فى البرازيل أكثر مهنية من أمثاله فى الدول النامية، حيث يخضع المتقدمون للوظائف ذات المزايا إلى مجموعة من الاختبارات القوية التى تستبعد غير المؤهلين.
ورغم أن الحكومة البرازيلية تمول نفسها بسهولة من خلال الضرائب وإصدار السندات، فإن بعض الخدمات بها مثل التعليم والصرف الصحى مازالت فى حالة مزرية.
وقال معهد تخطيط الضرائب غير الربحى فى البرازيل إنه رغم الضرائب العالية فى البرازيل، فإن الدولة تأتى فى المرتبة الثلاثين من بين الدول الصناعية والنامية فيما يتعلق بجودة الخدمات التى يحصل عليها المواطنون مقابل دفعهم للضرائب.