يوجد إجماع فى عالم الاستثمار وغيره بأن أفريقيا مختلفة، وهذا الاختلاف يظهر جليا عندما يتعلق الأمر بتطبيق معايير المحافظة على البيئة والمسئولية الاجتماعية والحوكمة.
وتتقابل صعوبة تطبيق هذه المعايير والحاجة الماسة إليها فى نفس الوقت بشكل لا يضاهى فى مكان آخر بالعالم نظرا لأن العديد من الشعوب مازالت تعيش فى فقر.
وتضايق هذه النظرة إلى القارة الكثير من الأفارقة لأن أفريقيا تتكون من 54 دولة كل واحدة لديها ثقافتها ولغتها وتاريخها ومستويات من معايير المحافظة على البيئة والمسئولية الاجتماعية والحوكمة.
وقال مالكولم جراي، مدير محفظة فى شركة «إنفستيك» لإدارة الأصول، إن الإعلام الغربى دائما يناقش أفريقيا فى سياق بعينه، مضيفا أن الحوكمة فى أفريقيا أفضل من التوقعات بل وأفضل من الأسواق الآسيوية.
وفى سياق الفساد، تقوم تيريزا نيكلاسن، مديرة المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بمقارنة تسلط بها الضوء على هذه النقطة.
وقالت إن الفساد لا يقتصر وجوده فى أفريقيا فقط ولكن الاختلاف يكمن فى انتشاره، ففى نيجريا على سبيل المثال يتفشى الفساد بدرجة تجعله جزءاً من الاقتصاد، فهو مشابه لانتشار تقديم البقشيش فى الولايات المتحدة.
وهناك طريقة واحدة يمكن بها تجنب النظر إلى أفريقيا من خلال مناظير تخيم عليها أفكار مبتذلة ألا وهى تحليل البيانات بدقة.
ولهذا تقوم شركة “آى إن جي” لإدارة الاستثمارات بتصنيف سيادى للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والتى استخدمته مؤخرا لوضع جدول لتلك المعايير فى الأسواق الناشئة.
ويستند هذا التصنيف على عدة عوامل منها قوة المؤسسات والعملية السياسية والقوة المالية والاقتصادية والتغييرات الهيكلية والمرونة أما الصدمات الخارجية، وكانت النتائج مذهلة، فلم تكن هناك دولة واحدة من مجموعة البريك بين أفضل عشرين دولة بينما كانت الدول الأفريقية الأعلى ترتيبا هى بتسوانا وجنوب أفريقيا ونامبيا والثلاث سبقت تركيا والصين.
وصرح روب دريجكونينجن، مدير ديون الأسواق الناشئة فى “آى إن جي”، لجريدة الفاينانشيال تايمز بأن عملهم فى الشركة يقوم على تفحص عناوين الأخبار وتقييم التغيرات التى تمر بها الدول أو احتمالية حدوث تغير.
وأضاف روب ان بعض صناديق المعاشات فى الدول الاسكندنافية أرادت الاستثمار فى سندات الأسواق الناشئة مثل ساحل العاج ولكنها لم تفعل خوفا من المشكلات هناك.
وقال روب إنه ينبغى الاستثمار فى هذه الدول لأن ذلك يساعدها على عدم التعثر فى عملية التنمية.
وفى الحقيقة، تسلقت ساحل العاج تصنيف “آى إن جي” بسرعة، فمنذ عام كانت فى القاع أما الآن فهى تتصدر باكستان والعراق ونيجريا وأنجولا.
بينما أوضح بول روبنسون، مدير تنفيذى فى شركة “أليكويتي” لإدارة الاستثمارات، أن تفويت الاستثمار فى القارة قد يتسبب فى خسارة كبيرة، وقارن نيجريا اليوم بروسيا فى 1995، فحينها كان الاستثمار فى روسيا محفوفاً بالمخاطر ولكنها كانت على أعتاب عشر سنوات من النمو در أرباحا وصلت لـ 2000%.
لذا يجب على المستثمرين الراغبين فى دخول السوق الأفريقى أن ينظروا إلى أفريقيا نظرة جديدة بعيدة عن الأفكار القديمة المترسخة وفى نفس الوقت لا ينسون أن العمل فى القارة له تحديات أيضا.
وهناك العديد من الشركات الأفريقية التى تتطلع إلى الشراكة مع الشركات الأجنبية شريطة أن تكون أهداف تلك الشراكة قابلة للتحقيق.
وحقيقة الواقع الأفريقى الآن تتمثل فى وجود أسواق حيوية للغاية ذات إمكانات نمو ومخاطر استثمارية فى نفس الوقت.
اعداد – رحمة عبد العزيز