فجر قرار رجل الأعمال محمد فرج عامر، بإغلاق مصانعه، بعد احتجاجات عمالية، وصفها بـ «الابتزاز» و«البلطجة»، أزمة فى وسط رجال الأعمال ، الذين أكدوا خطورة مثل هذه الاحتجاجات التى تؤدى إلى إغلاق المصانع، مطالبين بضرورة الاسراع فى تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب المصانع.
وشهدت الأيام الماضية عدداً من الإضرابات والاعتصامات العمالية، بهدف الحصول على حقوق تتعلق بالعقود الدائمة وتوزيعات الأرباح وساعات العمل، والتى اعتبر مستثمرون بعضها مطالب غير عادلة، قد تكبد الشركات خسائر.
قال المهندس فرج عامر، رئيس مجموعة «فرج الله الغذائية»، ورئيس جمعية مستثمرى برج العرب، انه اضطر إلى إغلاق مصانعه بسبب قيام بعض العمال بإرهاب زملائهم ومنعهم من العمل، تحت تهديد السلاح، والذى كبد الشركة خسائر كبيرة.
وأشار إلى أنه تم فصل 28 عاملاً بعد أن حرر أكثر من 2000 عامل بالمصنع محاضر ضدهم، واتهامهم بتعطيل العمل.
يذكر أن قرار «عامر» بإغلاق مصانعه لحين تحسن الأوضاع الأمنية جاء على إثر قيام المئات من عمال شركة “فرج الله” للصناعات الغذائية بالدخول منذ أسبوع فى إضراب مفتوح عن العمل لتنفيذ مطالبهم بتحسين أحوالهم الوظيفية وتثبيت العمالة التى تعمل بالعقد المؤقت، الأمر الذى أدى إلى التصعيد وهجوم مسلح من قبل بعض العمال على موظفى الشركة.
ويعمل بمجموعة شركات «فرج الله» الغذائية نحو 14 ألف عامل وتنتج أكثر من 250 صنفا غذائيا يصعب على المصانع الصغيرة انتاجها ويبلغ حجم تداول السلع الغذائية المصنعة محليا 28% من انتاج شركة «فرج الله» الأمر الذى كان سيهدد سوق الصناعات الغذائية فى مصر حال توقف مصانع “فرج الله” نهائيا.
انتقد محمد زكى السويدي، وكيل اتحاد الصناعات، ارتفاع حدة الاضربات العمالية المتكررة فى المصانع المصرية الفترة الماضية لما ينتج عنها من تعطيل الاستثمارات الخارجية ووقف التوسعات الاستثمارية الداخلية.
وطالب السويدى بضرورة تطبيق القانون بكل حسم على الجميع عمالاً وأصحاب عمل حتى يمكن الخروج من الأزمات المتكررة، موضحا أن العمال أمامهم طرق أخرى غير الإضرابات والاعتصامات وتعطيل سير العمل وأن اتحاد الصناعات سيقف بكل قوة مع العمال حال التعدى على حقوقهم.
واوضح أن العمال فى الفترة الأخيرة اعتادوا على تخطى مكتب العمل والنقابات العمالية والاتجاه مباشرة لصاحب العمل وتعطيل الانتاج، مرجعا ذلك إلى تصرفات فردية تهدد جميع العمال بوقف الانتاج لتحقيق مصالح شخصية.
وأضاف أن مصر فى الوقت الحالى تحتاج إلى زيادة الاستثمارات والانتاجية ومثل هذه الاضرابات المتكررة وحالة عدم الاستقرار تحول بين ضخ استثمارات أجنبية جديدة فضلا عن وقف الاستثمارات الداخلية والتوسعات الجديدة ومنع العمالة الجديدة التى تسعى للحصول على وظيفة.
ورفض وكيل اتحاد الصناعات قرار مجلس الشورى تطبيق الحد الأدنى للأجور، موضحا أن تطبيق ذلك يضر بالاستثمارات الجديدة وهروب رجال الأعمال الأجانب من مصر التى تتميز بانخفاض الرواتب، وأن زيادتها إلى 150 دولاراً يضعف قدرتنا التنافسية مع الدول المجاورة والتى يصل فيها الحد الأدنى للأجور إلى نحو 120 دولاراً فقط.
قال محمد البهى، عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات إن الاضرابات العمالية المتكررة فى المصانع والمؤسسات المصرية مؤشر خطير يهدد الاستثمار المحلى ويقطع الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية الجديدة لما ينتج عنها من زيادة المظاهرات وتفاقمها فى القطاعات الصناعية بشكل كامل.
وأضاف أن مصر تمر بمرحلة دقيقة والصناعة تحاول الوقوف على أقدامها مرة أخرى فى ظل ما تواجهه من مشكلات كبيرة تعرقل نموها، مطالبا الدولة بضرورة تفعيل القانون وإلزام الجميع باحترامه حتى لا تتفاقم الأزمة.
وأكد ادراكه الكامل لمطالب العمال المشروعة إلا أن الوقت الحالى لا يسمح بمطالب فئوية تهدد الاستثمار.
وأشار إلى أن مصر لا تحتاج إلى مزيد من القوانين لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بل إلى تفعيلها، مؤكداً ضرورة التفاوض المباشر بين المسئولين الحكوميين والعمال واحتواء مشاكلهم.
وقال مجد الدين المنزلاوي، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية، ان أزمة الاضرابات العمالية تتركز فى المصانع الحكومية، وأن %90 من مصانع القطاع الخاص لم يحدث فيها اضرابات أو اعتصامات فضلا عن العلاقات الجيدة التى تربط العامل بصاحب العمل.
وأوضح المنزلاوى أنه لا توجد أى أسباب اقتصادية واضحة تدفع العمال إلى المظاهرات بل هناك أسباب سياسية وراء ذلك، مشيراً إلى أن أبرز المتضررين من الظروف الاقتصادية هم أصحاب العمل أنفسهم بسبب الأعباء المالية وزيادات فى التكلفة إضافة إلى ركود السوق.
وأضاف أن الحل الرئيسى للأزمة المتكررة والاعتصامات يكمن فى اصدار تشريع قانونى ينظم الاضرابات والاعتصامات فى الدولة وتطبق بشكل حاسم ،موضحا أن المشكلة لا تتمثل فى تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل قدر ما تكمن فى تعريف العامل بحقوقه وواجباته وطرق التعبير عن مشاكله من خلال النقابات العمالية.
وشدد محمد القليوبى رئيس جمعية مستثمرى المحلة على ضرورة تفعيل القوانين التى تنظم العمل والتى تكفل حصول كل من العامل وصاحب العمل على حقوقه مشيرا إلى أن محاولة امتصاص غضب العمال باتخاذ قرارات مؤقتة ليست حلا ولكن يجب تحقيق منظومة العمل المتكاملة المتمثلة فى تفعيل دور القانون ووجود رقابة حقيقية على صاحب العمل والعمال وتحقيق العدالة الاجتماعية بين العمال.
وأوضح أنه فى حال استمرار غلق المصانع بسبب المطالب الفئوية وغياب الأمن مثل واقعة مصانع فرج عامر ستكون الخسائر الاقتصادية بالملايين، وسوف يسرح عدد كبير جدا من العمالة، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الاستثمارات القائمة فى البلاد خاصة بعد خروج عدد كبير من الاستثمارات فى العامين الماضيين منذ اندلاع الثورة يقدر بـ 15 مليار جنيه.
أرجع علاء الوشاحى رئيس جمعية مستثمرى كفر الشيخ تفاقم أزمة المطالب العمالية فى الآونة الأخيرة إلى غياب منظومة العمل المتكاملة وعدم دراسة القرارات التى تتخذ من جميع النواحى، وكذلك دراسة تأثيرها على العامل وصاحب العمل مشيرا إلى أن التصريحات الأخيرة من قبل المسئولين بزيادة أجور العمال بنسبة 60% لكسب أصواتهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة دون دراسة الواقع الاقتصادى ومدى امكانية تطبيق سوف تتسبب فى غضب الأوساط العمالية حال عدم تنفيذها.
أضاف الوشاحى أن غياب الرقابة الحقيقية من قبل الهيئات المختلفة مثل هيئة التأمينات الاجتماعية على صاحب العمل تدفعه إلى اتخاذ إجراءات تعسفية ضد العمال مثل عدم التأمين عليهم وامكانية تسريح العمالة فى أى وقت دون الالتزام بالمدة المقررة فى العقود.
أردف الوشاحى أن تلك الإجراءات التى تتخذ ضد العمال تتسبب فى اشعال غضبهم، مشيراً إلى ان غياب منظومة الأمن تؤدى إلى استعانة بعض القيادات العمالية بالخارجين عن القانون لاسترداد حقوقهم، الأمر الذى يهدد استقرار الاقتصاد المصرى ويكبده خسائر فادحة.
وأكد الوشاحى أن الحلول التى تضمن حق صاحب العمل وحق العمال تكمن فى تفعيل دور جميع المؤسسات الرقابية وعودة الأمن لحماية العمال والمؤسسات وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تحقيق الحد الأقصى والحد الأدنى للأجور وتفعيل التشريعات التى تنظم العمل.
من جانبه، انتقد هشام حجر، عضو غرفة صناعة الدواء تأييد وزير القوى العاملة مطالب العمال المضربين دون النظر لمشاكل المصانع والشركات.
وأضاف أن شركات الأدوية بوجه خاص عاجزة عن حل مطالب العمال التى تتظاهر أو تضرب عن العمل نظرا لما تواجهه من ضغوط اقتصادية كبيرة فى ظل زيادة تكاليف الانتاج وارتفاع أسعار الطاقة والعملة الأجنبية.
وتوقع عضو غرفة الدواء استمرار المشكلة الناجمة عن حالة عدم الاستقرار فى ظل عدم تفعيل القوانين ضد كل من يخرج عنها.
قال هانى أبوالفتوح، عضو المجلس المصرى الأوروبى إن ظاهرة «البلطجة» العمالية انتشرت بشكل كبير عقب انتهاء اندلاع ثورة يناير، مشيراً إلى أن هناك فرقاً بين المطالب العمالية المشروعة وبين الشروط التعجيزية غير المقبولة والتهديد بتعطيل العمل.
وأشار أبوالفتوح إلى أن الاضربات العمالية تتسبب فى توقف الإنتاج وعرقلة النمو وتحول بين قدرة الشركات على الالتزام بتعهداتها المحلية والخارجية وحصتها التصديرية.
ويرى أن التفاوض الجماعى من خلال النقابات العمالية والاتحادات المهنية ثم دور الدولة الفعال هما الطريق الوحيد نحو حل الأزمة، مضيفاً أن هناك آلاف القوانين التى تنظم العمل ولا أحد يحترمها.
كتب – مصطفى فهمى ومروة مفرح