فتحت بعض الأسواق الناشئة أبوابها لشركات الاستثمار الأجنبية فى السنوات الأخيرة بينما أوصدها البعض الآخر بإحكام، وتقع اندونيسيا فى وسط هاتين الفئتين، فمعظم مديرى الصناديق العاملين هناك يستبشرون بمستقبل واعد.
وتمتلك الدولة إمكانيات نمو هائلة نظرا لتمتعها بشعب متنامى وشاب يبلغ حوالى 240 مليون نسمة، وبنمو فى الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 6% العام الماضي، كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى منخفضة عند 26%.
ومع ذلك فإن بيئة عمل الصناديق فى إندونيسيا قاسية نسبيا، ولا يوجد سوى أربعة صناديق ادارة اصول أجنبية يحاولون العمل فى أندونيسيا وهم “شرودرز” و”فيرست ستايت انفيستمينت” و”بى إن بي” و”مانولايف” فى ظل العديد من العوائق التى تبقى الصناديق بعيدا عنها.
وقال مايكل ستابلتون، مدير منطقة آسيا واليابان فى “فيرست ستايت انفيستمينت” التى يمتلكها بنك الكومنولث الاسترالي، إنه فى معظم الأسواق الإقليمية، لا يحتاج مديرو الصناديق لتأسيس مقرات محلية، إنما فى أندونيسيا يشترط تأسيس شركة كاملة بدءا من فريق إدارة الاستثمارات وحتى الفريق الإداري. ومن بين القيود الأخرى التى تواجه الصناديق وضع حد أقصى للأصول الأجنبية التى يحملها الصندوق عند 15%.
وأضاف ستابلتون أن صندوقه لديه مجموعة من الصناديق الخارجية التى يرغب فى تسويقها داخل أندونيسيا ولكن القوانين تعوقهم، قائلا إنهم لا يستطيعون إدارة اموال المحليين سوى من خلال مجموعة من صناديق الاستثمار المحلية.
وتبلغ قيمة سوق صناديق الاستثمار المحلية فى اندونيسيا 18 مليار دولار مما يجعل السوق أقل جاذبية للعديد من الاجانب نظرا للتكاليف التى سيتحملونها لتأسيس مقر مستقل هناك.
وصرح جيمس مورتن، مدير استثمار فى صندوق “إس إل إيه إم” فى سنغافورة، لجريدة الفاينانشال تايمز أن أندونيسيا سوق غير ناضج ولديه إمكانية لان يصبح سوقا ضخما وفى سبيل ذلك على الدولة معالجة البيئة التنظيمية وتقليل القيود الرأسمالية التى تثبط الشركات الدولية من الإنطلاق فى جاكرتا.
وبالإضافة إلى التحديات التنظيمية، تعانى اندونيسيا من غياب هيكل للسوق، فمعظم السكان لا يمتلكون حتى الآن حساب مصرفى ناهيك عن غياب المدخرات طويلة المدى مثل صناديق المعاشات.
وقال مايكل تجوجادي، مدير عمليات أندونيسيا فى “شرودرز” إن الشركة اضطرت إلى القيام بجولات على الوسطاء فى المدن الرئيسية وأعطت محاضرات تثقيفية وعملت مع البورصة لزيادة الوعى الاستثمارى لدى العامة.
كما أن نقص الوعى المالى يؤثر سلبا على قدرة الصناديق الأجنبية على توظيف مديرى صناديق ومحللين وفريق عمل محليين مما يدفعهم إلى استقدام المهارات الإدارية والاستثمارية من الخارج.
وأوضح مورتن مدير الاستثمار فى صندوق «اس ال ايه ام» أن هذا أدى إلى ارتفاع تكاليف الموارد البشرية بشدة، وفى نفس الوقت هناك اندفاع لتوظيف القلة الماهرة مما جعل الرواتب أعلى من تلك فى سنغافورة.
ورغم ذلك هناك بعض التحديات فى هذا السوق التى تعتبر ميزة فى نفس الوقت ومن بينها على سبيل المثال عدم نضج السوق.
وقال ستامبلتون إن أحد الأشياء التى جذبتهم إلى أندونيسيا هى نقص اللاعبين الاجانب، ووصف سوقها بأنه يشبه الورقة البيضاء وبالتالى يمكن جلب أفضل الممارسات من مختلف أنحاء العالم إلى السوق.
ورغم ان الدولة لديها قواعد صارمة فيما يتعلق بطريقة العمل فيها، فإنها بخلاف بعض الدول سريعة النمو الأخرى مثل الصين ودول الشرق الأوسط تسمح للأجانب بامتلاك 100% من أعمالهم.
ويؤمن ستامبلتون بأن استغلال السوق فى مراحله الأولى عاملاً مهماً للنجاح فيه، مضيفا أن هناك العديد من الفرص فى انددونيسيا، فسوق التجزئة يتطور بشكل جيد، ورغم صغر حجم سوق المعاشات، فإنه سيكون جذابا للغاية خلال العشر سنوات القادمة.
اعداد – رحمة عبد العزيز