بقلم: ستيف تسانج
يعد الاختبار النووى الثالث لكوريا الشمالية نقطة تحول ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية واليابان بل ايضا بالنسبة لاحدث حليف للنظام، الصين، فقد كان رد فعل الحكومة الصينية على الاستفزاز الاخير لكوريا الشمالية صارما حيث اعلنت أن الصين مستاءة بشدة وتعارض هذا الاختبار النووى بقوة، وتدعو إلى استئناف المحادثات الدولية، الا ان موقف الصين يفتقر إلى احتواء وعيدها على مغزي، وذلك لان قاداتها لم يدركوا بعد انهم لم يعودوا بحاجة إلى الخضوع لابتزاز جاراتهم الجامح.
وقيام كوريا الشمالية بهذا الاختبار عرض المصالح الوطنية للصين مرة اخرى للخطر، فقد ركز المجتمع الدولى بقوة على علاقة الصين بحليفها المخادع وتوقع ان تلعب البلاد دوراً بناء كقوة عظمى ناشئة تسعى لطمأنة العالم تجاه تقدمها السلمي، فقد يكون نفوذ الصين محدود ولكن نظام كوريا الشمالية لن يتمكن من الحفاظ على بقائه دون الدعم الصينى له.
نظرا لمجيء الاختبار النووى الاخير الذى قامت به كوريا الشمالية فى أعقاب إطلاق صاروخها فى ديسمبر الماضي، أصبح لدى الأمم المتحدة سببا قويا لان تطلب من الصين، العضو الدائم بمجلس الأمن، أخذ زمام المبادرة الدبلوماسية، ولكن قيام الصين بالدعوة لاستئناف المحادثات السداسية مع كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة واليابان وروسيا، كما اشارت تصريحاتها، لم يكن كافيا،حيث فقد هذا النوع اطار العمل مصداقيته نظرا لانتهاك كوريا الشمالية المتكرر للاتفاقيات السابقة.
ينبغى ان تحذر الصين كوريا الشمالية بأنها لن تجبر على تقديم الدعم لها حتى لو تم تقويض المصالح الوطنية الصينية، وكما تفضل الصين بقاء وازدهار كوريا الشمالية فيمكن ان تسمح ايضا لحليفتها ان تنهار، ويتعين على الصين توضيح مثل هذا الامر لكوريا الشمالية.
ويجب ان نضع فى اعتبارنا ان الحكمة التقليدية القائلة ان انهيار كوريا الشمالية قد يكون كارثيا بالنسبة للصين تعد تصورا خاطئا، حيث ان اى ازمة تؤدى إلى نزوح اللاجئين عبر الحدود الصينية سوف تكون قصيرة الاجل كما ان المساعدات الدولية قد تكون متاحة.
كما يجب الا تخشى الصين من قيادة كوريا الجنوبية اذا اتحدت الكوريتين، حيث تتمتع الصين بالفعل بعلاقة أكثر سلاسة مع الجنوب عن الشمال، يمكن ان تشغل عملية التوحيد الشعب الكورى على مدى العقدين المقبلين مع اضطرار اليابان والولايات المتحدة إلى ضخ كمية كبيرة من المساعدات لإعادة بناء وإعادة دمج الشمال، وهذا يتعارض بالكاد مع مصالح الصين التى تستمر فى تقدمها نحو كونها اكبر اقتصاد بالعالم.
وفى الواقع اذا اتحدت كوريا، سوف يختفى السبب الذى تحتفظ على أساسه الولايات المتحدة بقواتها العسكرية فى الجنوب مما يتبعه خفض تدريجى فى الوجود الامريكى هناك.
بالاضافة إلى ذلك، سوف ترث كوريا الموحدة أسلحة الشمال النووية، هذا من شأنه ان يطرح تحديات للعلاقات الامريكية- الكورية، الامر الذى قد يأتى فى صالح الصين، فسوف تظل الولايات المتحدة منوطة بنزع السلاح النووى من كوريا بينما تسعى الحكومة الكورية إلى الاحتفاظ بالقدرات النووية لكوريا الشمالية، هذا التوتر سيقلل من خطر تمركز القوات الامريكية على الجانب الكورى من الحدود الصينية.
اذا تمكنت القيادة الصينية فى التفكير إلى ابعد من الرد المعتاد على استفزاز كوريا الشمالية والذى لا يخرج عن اطار التنديد غير الملموس ويتبعه دعوة للحوار، قد تتمكن من فرض ضغط حقيقى على نظام كوريا الشمالية بالقدر الذى يتطلعه إليه المجتمع الدولي، يجب أن تعطى الصين، الحليف الجديد لكوريا الشمالية، فرصة أخيرة لها وبعد ذلك ينبغى ان تستعد لوضع حد لهذه الاستفزازات.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: بروجيكت سينديكيت